فوائد من كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية (2-2)
ومنها: قسمة الأنوار في الظلمة دون الجسر, فإن العبد يُعطى من النور هناك بحسب قوة إيمانه ويقينه, وإخلاصه ومتابعته للرسول صلى الله عليه وسلم في دار الدنيا.
فهم المعاد وتفاوت الناس في أحواله:
هذا الباب يفتح لك أبواباً عظيمة, من فهم المعاد, وتفاوت الناس في أحواله, وما يجري فيه من الأمور المتنوعة:
فمنها: خفَّة حمل العبد على ظهره وثقله إذا قام من قبره, فإنه بحسب خِفَّة وزره وثقله, إن خفَّ خف, وإن ثقلَ ثقل.
ومنها: استظلاله بظل العرش, أو ضحاؤه للحر والشمس, إن كان له من الأعمال الصالحة الخالصة والإيمان ما يظله في هذه الدار من حرِّ الشرك والمعاصي والظلم استظل هناك في ظل أعماله تحت عرش الرحمن, وإن كان ضاحياً هنا للمناهي والمخالفات والبدع والفجور ضحى هناك للحرَّ الشديد.
ومنها: طول وقوفه في الموقف ومشقته عليه وتهوينه, إن طال وقوفه في الصلاة ليلاً أو نهاراً لله, وتحمل لأجله المشاق في مرضاته وطاعته حفَّ عليه الوقوف ذلك اليوم وسهل عليه, وإن آثر الراحة هنا والدعة والبطالة والنعمة طال عليه الوقوف هناك ذلك اليوم, واشتدت مشقته عليه.
ومنها: أن ورود الناس في الحوض وشربهم منه يوم العطش الأكبر بحسب ورودهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشربهم منها, فمن وردها في هذه الدار وشرب منها وتضلع وَرَدَ هناك حوضه وشرب منه وتضلَّع, فله صلى الله عليه وسلم حوضان عظيمان, حوض في الدنيا وهو: سنته وما جاء به, وحوض في الآخرة, فالشاربون من هذا الحوض في الدنيا هم الشاربون من حوضه يوم القيامة, فشارب ومحروم, ومستقل مستكثر...فمن ظمئ من سنته في هذه الدنيا ولو يكن له منها شرب فهو في الآخرة أشد ظمأً وأحرُّ كبداً.
ومنها: أن ثقل ميزانه هناك بحسب تحمل ثقل الحق في هذه الدار, لا بحسب مجرد كثرة الأعمال, وإنما يثقل الميزان باتباع الحق والصبر عليه, وبذله إذا سُئل وأخذه إذا بُذل.
ومنها: قسمة الأنوار في الظلمة دون الجسر, فإن العبد يُعطى من النور هناك بحسب قوة إيمانه ويقينه, وإخلاصه ومتابعته للرسول صلى الله عليه وسلم في دار الدنيا.
فمنهم: من يكون نوره كالشمس, ودون ذلك كالقمر, ودونه كأشد كوكب في السماء إضاءة, ومنهم من يكون نوره كالسراج في قوته وضعفه وما بين ذلك.
ومنهم: من يُعطى نوراً على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ أُخرى, بحسب ما كان معه من نور الإيمان في دار الدنيا, فهذا هو النور بعينه أبرزه الله لعبده في الآخرة ظاهراً يُرى عياناً بالأبصار, ولا يستضيء به غيره, ولا يمشي أحد إلا في نور نفسه, إن كان له نور مشى في نوره, وإن لم يكن له نور أصلاً لم ينفعه نور غيره.
ومنها: أن مشيهم على الصراط في السرعة والبطء بحسب سرعة سيرهم وبطئه على صراط الله المستقيم في الدنيا, فأسرعهم سيراً هنا أسرعهم هناك, وأبطؤهم هنا أبطؤهم هناك.
وأشدهم ثباتاً على الصراط المستقيم هنا أثبتهم هناك, ومن خطفته كلاليب الشهوات والشبهات والبدع المضلة هنا خطفته الكلاليب التي كأنها شوك السعدان هناك, ويكون تأثير الكلاليب فيه هناك على حسب تأثير كلاليب الشهوات والشبهات والبدع فيه هاهنا, فناجِ مسلَّم, ومخدوش مسلَّم, ومخزول, أي: مقطع بالكلاليب مكردس في النار كما أثرت فيهم تلك الكلاليب في الدنيا, جزاءً وفاقاً, وما ربك بظلام للعبيد.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: