في قصة قابِيل وهابِيل
وَقَدْ حَذَّرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مِنَ الْحَسَدِ، فَإِنَّهُ أَحْوَجَ قَابِيلَ إِلَى الْقَتْلِ، كَمَا أَخْرَجَ إِبْلِيسَ إِلَى الْكُفْرِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قربانا}
وَلَدَتْ حَوَّاءُ لآدَمَ أَرْبَعِينَ وَلَدًا، وَكَانَتْ لا تلد إلا توأماً ذكراً وأنثى، وأول الأولاد قابيل وتوأمته قليما، وجاء هابيل وتوأمته لبودَا.
وَقَابِيلُ وَهَابِيلُ هُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ابني آدم}.
وَقَدْ حَكَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِقَابِيلَ في الجنة. وفيه بعد.
و{النبأ}: الْخَبَرُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ {بِالْحَقِّ}: أَيْ كَمَا كَانَ. وَالْقُرْبَانُ: فُعْلانُ مِنَ الْقُرْبِ، قَرَّبَاهُ لِسَبَبٍ.
رَوَى السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يُزَوِّجُ غُلامَ هَذَا الْبَطْنِ جَارِيَةَ الْبَطْنِ الآخر، وجارية هذا غلام البطن ذَلِكَ الْبَطْنِ. وَكَانَتْ أُخْتُ قَابِيلَ أَحْسَنَ مِنْ أُخْتِ هَابِيلَ، فَطَلَبَ هَابِيلُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَ قَابِيلَ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَرَّبَا قُرْبَانًا لِيُتَقَبَّلَ مِنْ أَحَقِّهِمَا بِالْمُسْتَحْسَنَةِ.
فَقَرَّبَ هَابِيلُ جَذْعَةً سَمِينَةً، وَقَرَّبَ قَابِيلُ حُزْمَةَ سُنْبُلٍ، فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ، وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ قَابِيلَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: لأَقْتُلَنَّكَ.
وقوله: {لئن بسطت} اللامُ لامُ الْقَسَمِ، تَقْدِيرُهُ: أُقْسِمُ لَئِنْ بَسَطْتَ. وجوابه:
{ما أنا بباسط} وَالْمَعْنَى: مَا أَنْتَصِرُ لِنَفْسِي {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} أن أبسط يدي للقتل.
{إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك} أَيْ تَرْجِعُ بِإِثْمِ قَتْلِي وَإِثْمِكَ الَّذِي مَنَعَ مِنْ قَبُولِ قُرْبَانِكَ. وَالْمَعْنَى: إِنَّمَا أُرِيدُ هَذَا إن قتلتني.
{فطوعت له نفسه} أَيْ زَيَّنَتْ لَهُ قَتْلَهُ. وَفِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ رَمَاهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلَهُ. رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: جَاءَهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَضَرَبَ رَأْسَهُ بِصَخْرَةٍ، رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّالِثُ: رَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.
وَفِي مَوْضِعِ صَرْعِهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا جَبَلُ ثَوْرٍ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: عِنْدَ عَقَبَةِ حِرَاءٍ. حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَالثَّالِثُ: بِالْبَصْرَةِ. قَالَهُ جَعْفَرٌ الصادق.
قوله تعالى: {فأصبح من الخاسرين} أَيْ صَارَ مِنْهُمْ، وَخُسْرَانُهُ بِمَعْصِيَتِهِ رَبِّهِ وَبِإِسْخَاطِ وَالِدَيْهِ، وَمَصِيرِهِ إِلَى النَّارِ.
وَرَوَى مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَهُ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ مِائَةَ سَنَةٍ فَإِذَا مَشَى تَخُطُّ رِجْلاهُ الأَرْضَ، وَإِذَا قَعَدَ وَضَعَهُ إِلَى جَنْبِهِ، إِلَى أَنْ رَأَى غُرَابَيْنِ اقْتَتَلا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، ثُمَّ بَحَثَ الأَرْضَ فَوَارَاهُ، فقال حينئذ: {يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب} فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ عَلَى حَمْلِهِ لا عَلَى قَتْلِهِ!
وَكَانَ عُمْرَ هَابِيلَ حِينَئِذٍ عِشْرِينَ سَنَةً وَعُمْرُ قَابِيلَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَلَمَّا قَتَلَهُ هَرَبَ إِلَى الْيَمَنِ.
وَحَزِنَ آدَمُ عَلَى هَابِيلَ فَمَكَثَ مِائَةَ سَنَةٍ لا يَضْحَكُ! وَقَالَ:
(تَغَيَّرَتِ الْبِلادُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَوَجْهُ الأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيحْ)
(تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنٍ ... وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الْمَلِيحْ)
وَأَوْصَى آدَمُ بَنِي هَابِيلَ أَلا يُنَاكِحُوا بَنِي قَابِيلَ، وَشَاعَتِ الْمَعَاصِي فِي أَوْلادِ قَابِيلَ، وَهُمُ الَّذِينَ غَرِقُوا فِي زَمَنِ نُوحٍ، وَانْقَرَضَ جَمِيعُ نَسْلِ بَنِي آدَمَ سِوَى نَسْلِ شِيثَ، وَكَانَ شِيثُ وَصِيَّ آدَمَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَحِيفَةً.
وَأَقَامَ بِمَكَّةَ يَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ، وَبَنَى الْكَعْبَةَ بِالْحِجَارَةِ وَالطِّينِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ أنوشَ، وَأَنوشُ أَوَّلُ مَنْ غَرَسَ النخل، وعاش تسعمائة سَنَةٍ وَخَمْسَ سِنِينَ، وَوُلِدَ لَهُ قينَانُ، فَأَوْصَى إِلَيْهِ أنوشُ، وَوُلِدَ لقينَانَ مهْلاييلُ فَأَوْصَى إِلَيْهِ، وولد لمهلابيل يردُ فَأَوْصَى إِلَيْهِ، وَوُلِدَ ليردَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وَفِي زَمَنِ يردَ عُبِدَتِ الأَصْنَامُ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا أَنْبَأَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ المبارك، أبنأنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَلِيلٍ الْقَتِيرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ بَنُو شِيثَ يَأْتُونَ جَسَدَ آدَمَ وَهُوَ فِي مَغَارَةٍ فَيُعَظِّمُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَابِيلَ: يَا بَنِي قَابِيلَ إِنَّ لبني شيث ذوارا يدورون حوله ويعظمونه وليس لكم شئ، فَنَحَتَ لَهُمْ صَنَمًا.
وَأَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ وَدٌّ وسُواعَ وَيَغُوثُ ويَعوق وَنَسْرٌ قَوْمًا صَالِحِينَ، فَمَاتُوا فِي شَهْرٍ، فَجَزِعَ عَلَيْهِمْ ذَوُو أَقَارِبِهِمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَابِيلَ: هَلْ لَكُمْ يَا قَوْمِ أَنْ أَعْمَلَ لَكْمُ خَمْسَةَ أَصْنَامٍ عَلَى صُوَرِهِمْ؟ [قَالُوا: نَعَمْ. فَنَحَتَ لَهُمْ خَمْسَةَ أصنام عل صُوَرِهِمْ] فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي أَخَاهُ وَعَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ، فَيُعَظِّمُهُ وَيَسْعَى حَوْلَهُ حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ الْقَرْنُ، وَجَاءَ قَرْنٌ آخَرُ فَعَظَّمُوهُمْ أَشَدَّ مِنْ تَعْظِيمِ الْقَرْنِ الأَوَّلِ، ثُمَّ جَاءَ الْقَرْنُ الثَّالِثُ، فَقَالُوا: مَا عَظَّمَ أَوَّلُونَا هَؤُلاءِ إِلا وَهُمْ يَرْجُونَ شَفَاعَتَهُمْ، فَعَبَدُوهُمْ وَعَظَّمُوا أَمْرَهُمْ، وَاشْتَدَّ كُفْرُهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ
إِدْرِيسَ، فَدَعَاهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ
يَشْتَدُّ حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى نُوحًا وَجَاءَ الطُّوفَانُ.
فَأَمَّا قَابِيلُ فَإِنَّهُ عُذِّبَ بَعْدَ قَتْلِهِ أَخَاهُ.
فَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: علِّقت إِحْدَى رِجْلَيِ الْقَاتِلِ بِسَاقِهَا إِلَى فَخِذِهَا مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَوَجْهُهُ فِي الشَّمْسِ حَيْثُمَا دَارَتْ دَارَتْ عَلَيْهِ، عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ حَصِيرَةٌ مِنْ نَارٍ وَفِي الشِّتَاءِ حَصِيرَةٌ مِنْ ثَلْجٍ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّا لَنُحَدَّثُ أَنَّ ابْنَ آدَمَ الْقَاتِلَ يُقَاسِمُ أَهْلَ النَّارِ الْعَذَابَ قِسْمَةً صَحِيحَةً، عَلَيْهِ شَطْرُ عَذَابِهِمْ.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِسَنَدِهِ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ}.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَرَوَى أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ إِبْلِيسَ أَتَى قَابِيلَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا تُقُبِّلَ قُرْبَانُ أَخِيكَ لأَنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ النَّارَ. فَبَنَى بَيْتَ نَارٍ وَعَبَدَهَا وَاتَّخَذَ أَوْلادُهُ الْمَزَامِيرَ وَالطُّبُولَ وَالْمَعَازِفَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {من أجل ذلك} قَالَ أَبُو الْفَتْحِ النَّحْوِيُّ: يُقَالُ فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَمِنْ إِجْلِكَ بِكَسْرِهَا، وَمِنْ إِجْلالِكَ، وَمِنْ جَلَلِكَ وَمِنْ جَرَّاكَ.
وَمَعْنَى كتبنا: فَرَضْنَا. {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ} أَيْ قَتَلَهَا ظُلْمًا وَلَمْ تَقْتُلْ نَفْسًا، " أَوْ فساد في الأرض " أَيْ وَبِغَيْرِ فَسَادٍ تَسْتَحِقُّ بِهِ الْقَتْلَ، {فَكَأَنَّمَا قتل الناس جميعا} لأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِنْ شَخْصٍ، فَيُتَصَوَّرُ مِنَ الْمَقْتُولِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ آدم. {ومن أحياها} أَيْ اسْتَنْقَذَهَا مِنْ هَلَكَةٍ.
وَقَدْ حَذَّرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مِنَ الْحَسَدِ، فَإِنَّهُ أَحْوَجَ قَابِيلَ إِلَى الْقَتْلِ، كَمَا أَخْرَجَ إِبْلِيسَ إِلَى الْكُفْرِ.
وَالْقَتْلُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» ".
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عبد الله ابن أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَنْ يَزَالَ الْمَرْءُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا».
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيِّ.
وَبِالإِسْنَادِ قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى الْمُحَبَّرَ يُحَدِّثُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلا مُتَعَمِّدًا يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذًا قَاتِلَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ، أَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَمًا فِي قُبُلِ الْعَرْشِ يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ عَبْدَكَ فِيمَ قَتَلَنِي»!
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، أنبأنا أبو حفص الْكَتَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ بَشِيرٍ يَعْنِي ابْنَ مُهَاجِرٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا».
وَفِي حَدِيثٍ آخر: «من أعان على قتل امرىء مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» !.
فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى شَطْرِ كَلِمَةٍ؟ فَالْجَوَابُ: أَنْ يَقُولُ " اقْ " كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: " كَفَى بِالسَّيْفِ شَا " يَعْنِي شَاهِدًا.
فَالْحَذَرَ [الْحَذَرَ] مِنَ الذُّنُوبِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَشَدُّهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ، وَأَعْظَمُهَا الْقَتْلُ، وَالْخَطَايَا كُلُّهَا قَبِيحَةٌ، والدين النصيحة.
- التصنيف:
- المصدر: