احذروا الانتقام الأقسى

منذ 2019-11-17

لأنك تستحقُّ وسام العبودية الحقَّة لله، وتستحق تكريم الله لك، فانهض وهب قلبك لله، واستمتع عندها بمعنى الحياة، فجمال الحياة كلها بانتظارك عند أول محطة من محطات توبتك.

لم أكن أعلم أن للروح صوتًا قويًّا نخفيه عنوة بأيدينا، لم أكن أعلم أن للقلب المريض أنَّاتٍ وآهاتٍ نعرض عن سماعها، لم أكن أعلم أن الإنسان المبتلى يُعاني سجنًا محصنًا، يئنُّ ويبكي ويصرخ، تجوع رُوحه إلى الاطمئنان، ويتوق قلبه إلى النور، لم أكن أعلم أن الانتقام الأقسى يكون من النفس ذاتها.

هل خطر ببالك أنك بمعصيتك تُعذِّب نفسك، تسجنها وتعذِّبها، وتستمتع بسماع أنَّاتها وآهاتها.

ألم تعلم أن المعصية هي انتقام للشيطان منك، ويا له من انتقام؟!

إنه الانتقام الأقسى على وجه الأرض.

إلى متى أخي؟! ألم يَأْنِ الأوان أن تطلق سراحها؟ أن تخرجها إلى النور؛ لتعيش الأمن والأمان، إنها تصرخ في وجهك، وأنت مغمض عينيك، تجرُّها إلى ظلام المعصية جرًّا، نفوسنا طاهرة، فلنتركها على طهارتها.

استفق أخي؛ فالحياة قصيرة، ونفسك تتوق لحياة أفضل؛ تعطي للناس، تهب، تكافئ، تُعلِّم وتتعلَّم، نفسك مشتاقة للحرية، الحرية التي تدفع للإنجاز.

لا تكن جلَّاد نفسك، تسمع الأنَّات، وتصمُّ قلبك عنها، إنها نفسك أنت التي بين جوانحك فارحمها، أنت مَنْ سيتعذَّب معها هنا أو هناك.

هيَّا أخي، اخرج إلى النور؛ عاشر الناس، وانشُر الحب، وانشُر الفرح، وأرح فؤادك من كدر المعصية، فو الله لو وضعت قدمك في عالم النور، لشعرت بفرق يخفق له قلبُك خفقًا.

هنا السلام والأمان والمتعة الحقيقية، هنا العدل والإحسان، هنا أنت، روحك، قلبك، فطرتك، هنا مكانك أخي، فلا تغادر، وإلى أين؟

إلى عالم السواد المخيف!

ارحم نفسك؛ فأنت تستحقُّ جنة تجري من تحتها الأنهار، ولا تستحقُّ أن تُفصِّل لك ثيابًا من نار.

الفرق كبير! والأمر خطير، وقطار الحياة لا ينتظرك، وما عليك إلا أن تخرج دموعك من عينيك وتغسل قلبك بدعوة صادقة تُغيِّر منحى حياتك، هل قرأت يومًا قصص التائبين وبكاءهم الجميل، ألم تحنَّ له؟

شتّان بين دموع الندم والتوبة، وبين دموع الألم والحسرة.

فبادر أخي واحمد الله أنك ما زلت حيًّا، وأن رأس مالك لم ينته، فبإمكانك أن تستثمر ما تبقَّى من عمرك في مهمتك الحقيقية؛ ألا وهي إعمار الأرض.

لأنك تستحقُّ وسام العبودية الحقَّة لله، وتستحق تكريم الله لك، فانهض وهب قلبك لله، واستمتع عندها بمعنى الحياة، فجمال الحياة كلها بانتظارك عند أول محطة من محطات توبتك.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم رُدَّنا إليك ردًّا جميلًا.

 

فاطمة محمد عبود

 

  • 7
  • 0
  • 1,744

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً