فوائد من كتاب الوابل الصيب (3-4)

منذ 2019-11-29

السادسة والثلاثون: أنه ينبه القلب من نومه, ويوقظه من سِنته, والقلب إذا كان نائماً فاتته الأرباح والخسائر.

 

القلوب ثلاثة:

قلب خالٍ من الإيمان وجميع الخير, فذلك قلب مُظلم, قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه, لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً, وتحكَّم فيه بما يريد, وتمكن منه غاية التمكن.

القلب الثاني: قلب قد استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه, لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية, فللشيطان هناك إقبال وإدبار ومجاولات ومطامع, فالحرب دُول وسِجال, وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة, فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر, ومنهم من هو تارة

القلب الثالث: قلب محشو بالإيمان, قد استنار بنور الإيمان, وانقشعت عنه حجب الشهوات, وأقلعت عنه تلك الظلمات, فلنوره في قلبه إشراق, ولذلك الإشراق إيقاد, لو دنا منه الوسواس احترق به, فهو كالسماء التي حُرست بالنجوم, فلو دنا منها الشيطان ليتخطاها رُجِم فاحترق, وقد مُثِّل ذلك بمثال حسن وهو ثلاثة بيوت:

بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره, وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وجواهره, وليس فيه جواهر الملك وذخائره, وبيت خال صفر لا شيء فيه.

فجاء اللص ليسرق من أحد البيوت, فمن أيها يسرق ؟ !

فإن قلت: من البيت الخالي, كان محالاً, لأن البيت الخالي ليس فيه شيء يسرق.

وإن قلت: يسرق من بيت الملك, كان ذلك من كالمستحيل الممتنع, فإن عليه من الحرس...ما لا يستطيع اللص الدنو منه, كيف وحارسه الملك نفسه ؟!.

فلم يبق للصِّ إلا البيت الثالث, فهو الذي يشُنُّ عليه الغارة.

فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل, ولينزله على القلوب, فإنها على منواله.

 

من عامل الخلق بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة:

في الصحيح: ( إن الله تعالى وتر يحبُّ الوتر )

وهو سبحانه وتعالى رحيم يحب الرحماء, وإنما يرحم من عباده الرحماء, وهو ستير يحب من يستر على عباده, وهو عفو يحب من يعفو عنهم, وغفور يحب من يغفر لهم ولطيف يحب اللطيف من عباده, ويبغض الفظ الغليظ القاسي الجعظري الجواظ, ورفيق يحب الرفق, وحليم يحب الحلم, وبر يحب البرّ وأهله, وعدل يحب العدل, وقابل للمعاذير يحب من يقبل معاذير عباده, ويجازي عبده بحسب هذه الصفات فيه وجوداً وعدماً, فمن عفا عفا عنه, ومن غفر غفر له, ومن سامح سامحه, ومن حاقق حاققه, ومن رفق بعباده رفق به, ومن رحم خلقه رحمه, ومن أحسن إليهم أحسن إليه, ومن صفح عنهم صفح عنه, ومن جاد عليهم جاد عليه, ومن نفعهم نفعه, ومن سترهم ستره, ومن تتبع عوراتهم تتبع عورته, ومن هتكهم هتكه وفضحه, ومن منعهم خيره منعه خيره, ومن شاق الله شاق الله تعالى به, ومن مكر مكر به, ومن خادع خادعه, ومن عامل خلقه بصفةٍ عامله الله تعالى بتك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة, فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه.

الصوم المشروع:

الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام, ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور, وبطنه عن الطعام والشراب, وفرجه عن الرفث, فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه, وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه, فيخرج كلامه كله نافعاً صالحاً, وكذلك أعماله. فهي بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك, كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته له,  وأُمِن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم, هذا هو الصوم المشروع, لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب.

من فوائد ذكر الله تعالى:

في الذكر نحو من مائة فائدة:

إحداها: أنه يطرد الشيطان ويقمعُه ويكسره.

الثانية: أنه يُرضي الرحمن عز وجل.

الثالثة: أنه يزيل الهم والغم عن القلب.

الرابعة: أنه يجلب الفرح والسرور والانبساط.

الخامسة: أنه يقوي القلب والبدن.

السادسة: أنه يُنور الوجه والقلب.

السابعة: أنه يجلب الرزق.

الثامنة: أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة.

التاسعة: أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام, وقطبُ رحى الدين, ومدار السعادة والنجاة, وقد جعل الله لكل شيء سبباً, وجعل سبب المحبة دوام الذكر,  فمن أراد أن ينال محبة الله عز وجل فليلهج بذكره.

العاشرة: أنه يورثه المراقبه فيدخله في باب الإحسان, فيعبد الله كأنه يراه.

الحادية عشرة: أنه يورثه الإنابة, وهي الرجوع إلى الله عز وجل...فيبقى الله عز وجل مفزعه وملجأه, وملاذه ومعاذه, وقِبلة قلبه, ومهربه عند النوازل والبلايا.

الثانية عشرة: أنه يورثه القرب منه, فعلى قدر ذكره لله عز وجل يكون قُربه منه.

الثالثة عشرة: أنه يفتح له باباً عظيماً من أبواب المعرفة, وكلما أكثر الذاكر ازداد من المعرفة.

الرابعة عشرة: أنه يُورثه الهيبة لربه عز وجل, لشدة استيلائه على قلبه.

الخامسة عشرة: أنه يورثه ذكر الله تعالى له, كما قال تعالى:  { فاذكروني أذكركم}  [البقرة:152] ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلاً وشرفاً.

السادسة عشرة: أنه يورث حياة القلب.

السابعة عشرة: أنه قوت القلب والروح.

الثامنة عشرة: أنه يورث جلاء القلب من صداه.

التاسعة عشرة:  أنه يحط الخطايا ويُذهبها.

العشرون: أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى.

الحادية والعشرون: أن العبد إذا تعرَّف إلى الله تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشدة.

الثانية والعشرون: أنه منجاة من عذاب الله تعالى.

الثالثة والعشرون:أنه سبب نزول السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة بالذاكر

الرابعة والعشرون: أنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش

الخامسة والعشرون: أن مجالس الذكر مجالس الملائكة.

السادسة والعشرون: أنه يسعد الذاكر بذكره, ويسعد به جليسه.

السابعة والعشرون: أنه يؤمّن العبد من الحسرة يوم القيامة.

الثامنة والعشرون: أنه مع البكاء سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه.

التاسعة والعشرون أن الاشتغال به سبب لعطاء الله الذاكر أفضل ما يعطى السائلين

الثلاثون: أنه أيسر العبادات, وهو من أجلها وأفضلها.

الحادية والثلاثون: أنه غراس الجنة.

الثانية والثلاثون: أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال

الثالثة والثلاثون: أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يُوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده

الرابعة والثلاثون: أن الذكر يُسير العبد وهو قاعد على فراشه, وفي سوقه, وفي حال صحته وسقمه, وحال نعيمه ولذته, ومعاشه, وقيامه وقعوده واضطجاعه, وسفره وإقامته, فليس في الأعمال شيء يعُم الأوقات والأحوال مثله.

الخامسة والثلاثون:أن الذكر نور للذاكر في الدنيا ونور في القبر, ونور له في معاده, يسعى بين يديه على الصراط, فما استنارت القلوب والقبور بمثل ذكر الله تعالى

السادسة والثلاثون: أنه ينبه القلب من نومه, ويوقظه من سِنته, والقلب إذا كان نائماً فاتته الأرباح والخسائر.

السابعة والثلاثون: أن الذكر يعدلُ عتق الرقاب, ونفقة الأموال, والحمل على الخيل في سبيل الله عز وجل, ويعدلُ الضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل.

الثامنة والثلاثون: أن الذكر رأس الشكر, فما شكر الله تعالى من لم يذكره.

  • 0
  • 0
  • 3,517

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً