مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - فلا اقتحم العقبة
{ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} [البلد]
{ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ .وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} :
أفلا سلك الإنسان طريق النجاة من عقبات الآخرة وعذابها وذلك بفعل الخير كفك الرقاب وتحرير الأسرى وإطعام اليتامى والفقراء في أيام الحاجة الشديدة, خاصة أولي القربى وأهل الاحتياج الشديد.
قال تعالى:
{ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} [البلد]
قال البغوي في تفسيره:
{فلا اقتحم العقبة} أي لم يقتحمها ولا جاوزها . والاقتحام : الدخول في الأمر الشديد ، وذكر العقبة هاهنا مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر ، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة ، يقول : لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة ولا طعام ، وهذا معنى قول قتادة .
وقيل : إنه شبه ثقل الذنوب على مرتكبها بعقبة ، فإذا أعتق رقبة وأطعم كان كمن اقتحم العقبة وجاوزها .
وروي عن ابن عمر : أن هذه العقبة جبل في جهنم .
وقال الحسن وقتادة : عقبة شديدة في النار دون الجسر ، فاقتحموها بطاعة الله تعالى .
ثم بين ما هي فقال: "وما أدراك ما العقبة"، ما اقتحام العقبة. قال سفيان بن عيينة: كل شيء قال: وما أدراك فإنه أخبر به، وما قال: وما يدريك فإنه لم يخبر به.
وقال ابن زيد : { اقتحم العقبة } أي : أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير . ثم بينها فقال : {وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام }
قرئ : { فك رقبة} بالإضافة ، وقرئ على أنه فعل ، وفيه ضمير الفاعل والرقبة مفعوله وكلتا القراءتين معناهما متقارب .
قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إبراهيم ، حدثنا عبد الله - يعني ابن سعيد بن أبي هند - عن إسماعيل بن أبي حكيم - مولى آل الزبير - عن سعيد بن مرجانة : أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار ، حتى إنه ليعتق باليد اليد ، وبالرجل الرجل ، وبالفرج الفرج " . فقال علي بن الحسين : أنت سمعت هذا من أبي هريرة ؟ فقال سعيد : نعم . فقال علي بن الحسين لغلام له - أفره غلمانه - : ادع مطرفا . فلما قام بين يديه قال : اذهب فأنت حر لوجه الله .
وقوله : {أو إطعام في يوم ذي مسغبة} قال ابن عباس : ذي مجاعة . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وغير واحد . والسغب : هو الجوع .
وقال إبراهيم النخعي : في يوم الطعام فيه عزيز .
وقال قتادة : في يوم يشتهى فيه الطعام .
وقوله : {يتيما } أي : أطعم في مثل هذا اليوم يتيما ، {ذا مقربة } أي : ذا قرابة منه .
وقوله : { أو مسكينا ذا متربة } أي : فقيرا مدقعا لاصقا بالتراب ، وهو الدقعاء أيضا .
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: