مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أرأيت الذي يكذب بالدين

منذ 2020-03-24

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون ]

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} :

يذم تعالى المكذبين بيوم الحساب الذين اغتروا بالدنيا فكذبوا الرسل ولم يعملوا للقاء الله بل أنكروه, فأصبحت دنياهم وشهواتهم هي الهدف والمرتع, لذا تجدهم أحرص الناس على حياة وأقسى الناس قلوباً مع يتيم وفقير, لا يبذلون الخير ولا يحضون عليه.

وصنف آخر توعده الله بالعذاب وهم هؤلاء المصلين الذين يضيعون صلواتهم ويؤخرونها عن وقتها أو يجمعون الصلوات مع بعضها أو يضيعون أركان الصلاة وواجباتها , ثم هم فوق ذلك يراءون الناس ويؤدون الصلاة بلا إخلاص, مع بخلهم وشحهم الشديد في التعامل مع الخلق فيمنعون حتى ما لا يضر أو ينتقص منهم شيئاً من أدوات البيت والعمل المتعارف على إعارتها بين الناس.

فلا هم أحسنوا في معاملتهم مع الله ولا هم أحسنوا في معاملتهم مع الناس.

والله تعالى أعلم

قال تعالى:

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون ]

قال السعدي في تفسيره:

يقول تعالى ذامًا لمن ترك حقوقه وحقوق عبادة: { { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ } } أي: بالبعث والجزاء، فلا يؤمن بما جاءت به الرسل.

{ {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ } } أي: يدفعه بعنف وشدة، ولا يرحمه لقساوة قلبه، ولأنه لا يرجو ثوابًا، ولا يخشى عقابًا.

{ { وَلَا يَحُضُّ} } غيره { { عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} } ومن باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين.

{ {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} } أي: الملتزمون لإقامة الصلاة، ولكنهم { {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} }

أي: مضيعون لها، تاركون لوقتها، مفوتون لأركانها وهذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات وأفضل القربات، والسهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوم وأما السهو في الصلاة، فهذا يقع من كل أحد، حتى من النبي صلى الله عليه وسلم.

ولهذا وصف الله هؤلاء بالرياء والقسوة وعدم الرحمة، فقال: { {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} } أي يعملون الأعمال لأجل رئاء الناس.

{ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} } أي: يمنعون إعطاء الشيء، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة، كالإناء، والدلو، والفأس، ونحو ذلك، مما جرت العادة ببذلها والسماحة به .
فهؤلاء -لشدة حرصهم- يمنعون الماعون، فكيف بما هو أكثر منه.
وفي هذه السورة، الحث على إكرام اليتيم، والمساكين، والتحضيض على ذلك، ومراعاة الصلاة، والمحافظة عليها، وعلى الإخلاص [فيها و] في جميع الأعمال.
والحث على [فعل المعروف و] بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء والدلو والكتاب، ونحو ذلك، لأن الله ذم من لم يفعل ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 5
  • 0
  • 54,178
المقال السابق
لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف
المقال التالي
إنا أعطيناك الكوثر

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً