مع الحبيب صلى الله عليه وسلم - وأشرقت الأرض بنور الوحي

منذ 2020-04-12

انطلاقة بدأت باحتضان السماء للأرض وبزوع النور من رحاب مكة ليضيء ظلمات الشرك والجهل إلى قيام الساعة.

وأشرقت الأرض بنور الوحي:

لما بلغ الأربعين صلى الله عليه وسلم بدأت تظهر  عليه علامات النبوة ومنها أن حجراً بمكة كان يسلم عليه مناديا يا رسول الله, ومنها الرؤيا الصادقة كانت تتحقق كفلق الصبح , وظل على هذا الحال ستة أشهر .

فلما كان في رمضان معتزلاً في غاره متأملاً في خلق الله نزل عليه جبريل بأول أوامر الرسالة وهي الأمر بالعلم والقراءة , وقد هالت النبي صلى الله عليه وسلم صورة جبريل الذي سد عليه الأفق وهالته تلك الضمات التي ضمها إياه , وهذا الإصرار من جبريل على أن يقرأ صلى الله عليه وسلم وهو يجيب في خوف ( ما أنا بقارئ) حتى انتهى اللقاء ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خديجة مسرعاً خائفاً مما حدث.

وهنا برز دور خديجة تلك الزوجة الرشيدة التي تعلم قدر زوجها فهدأت من روعه وطمأنته وذكرته بشمائله التي تضمن له السلامة ورضا الله عنه وابتعاد شياطين الجن والإنس عن مثله, ثم صحبته إلى ورقة بن نوفل ابن عمها الذي عرف علامات النبوة من وصف اللقاء وأعلمه عن جبريل وأنه نفس الملك الذي نزل على موسى عليه السلام, فكانت البشرى وكانت بداية انطلاقة جديدة للأرض وأهلها إلى قيام الساعة , انطلاقة بدأت باحتضان السماء للأرض وبزوع النور من رحاب مكة ليضيء ظلمات الشرك والجهل إلى قيام الساعة.

قال المباركفوري في الرحيق المختوم:

جبريل ينزل بالوحي

ولما تكامل له أربعون سنة ـ وهي رأس الكمال، وقيل‏:‏ ولها تبعث الرسل ـ بدأت طلائع النبوة تلوح وتلمع، فمن ذلك أن حجرًا بمكة كان يسلم عليه، ومنها أنه كان يرى الرؤيا الصادقة؛ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة أشهر ـ ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة ـ فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته صلى الله عليه وسلم بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة، وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن‏.‏

وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلًا، وقد وافق 10 أغسطس سنة 610 م، وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و12 يومًا، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر وعشرين يومًا‏.‏

ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله عنها تروى لنا قصة هذه الوقعة التي كانت نقطة بداية النبوة، وأخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال حتى غيرت مجرى الحياة، وعدلت خط التاريخ، قالت عائشة رضي الله عنها‏.‏

أول ما بديء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيَتَحَنَّث فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال‏:‏ اقرأ‏:‏ قال‏:‏ (‏ما أنا بقارئ‏)‏، قال‏:‏ (‏فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى، فقال‏:‏ اقرأ، قلت‏:‏ مـا أنـا بقـارئ، قـال‏:‏ فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلـغ منـى الجهد، ثم أرسلني فقال‏:‏ اقرأ، فقلت‏:‏ ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثـم أرسلـني فـقـال‏:‏ ‏{‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ‏}‏‏[‏العلق‏:‏1‏:‏ 3‏]‏‏)‏، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال‏:‏ (‏زَمِّلُونى زملونى‏)‏، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة‏:‏ (‏ما لي‏؟‏‏)‏ فأخبرها الخبر، (‏لقد خشيت على نفسي‏)‏، فقالت خديجة‏:‏ كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة ـ وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبرانى، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي ـ فقالت له خديجة‏:‏ يابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة‏:‏ يابن أخي، ماذا ترى‏؟‏ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأي، فقال له ورقة‏:‏ هذا الناموس الذي نزله الله على موسى، يا ليتني فيها جَذَعا، ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ (‏أو مخرجيّ هم‏؟‏‏)‏ قال‏:‏نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودِىَ، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثم لم يَنْشَبْ ورقة أن توفي، وفَتَر الوحى‏.‏

#أبو_الهيثم

#مع_الحبيب 

 

  • 4
  • 2
  • 4,216
المقال السابق
الله يهيء مصطفاه
المقال التالي
فترة الوحي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً