أولادنا والقراءة

منذ 2020-12-27

القراءة هي من أهم مصادر المعرفة وتحصيل العلم وزوال الجهل وهي من أهم ما ينبغي أن تصرف فيه الأوقات لأن مخرجاتها جمة وعظيمة فهي تنعكس إيجابا على القارئ في آثارها الطيبة والمشرقة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


القراءة هي من أهم مصادر المعرفة وتحصيل العلم وزوال الجهل وهي من أهم ما ينبغي أن تصرف فيه الأوقات لأن مخرجاتها جمة وعظيمة فهي تنعكس إيجابا على القارئ في آثارها الطيبة والمشرقة، وسأتحدث عن موضوع القراءة داخل الأسرة سواء كانت بمسماها الخاص الوالدين والأولاد أو بمسماها العام وهم الأقارب الذين يشملهم مسمى الأسرة وذلك من خلال الوقفات التالية:


الوقفة الأولى: مما يتفق الجميع فيه ولا يخالف فيه أحد أن القراءة غاية في الأهمية، فهي طريق جمع المعارف والعلوم بل لا يمكن إدراك كثير من الأشياء إلا عن طريقها ومن أهميتها أنها طريق لطلب العلم وحفظ الأوقات من الضياع وسبب في توسيع دائرة المعارف الشخصية وعامل مهم للتعرف على أخبار السابقين واللاحقين وآثار إيجابية تنعكس على القارئ من حيث لا يشعر بها أحيانا، وإزالة للجهل، فشيء بهذه المثابة والمكانة لابد أن يكون لنا معه تخطيط وتنفيذ وترتيب وعناية.


الوقفة الثانية: هل أولادنا يقرؤون؟ الجواب: أنه من خلال الاستبانات في هذا المجال كانت النتيجة أن قراءتهم تكمن في وسائل التواصل والكتب الدراسية فقط إلا النادر منهم من له برنامج صغر أو كبر مع القراءة، لكن ما دور الآباء والأمهات مع تلك الحال؟ لا شك أن دورهم كبير وأثرهم فعال متى ما اجتهدوا وبذلوا وسعهم في تنشئة هذا الجيل على القراءة.، ابدؤوا معهم حفظكم الله بصغار الكتيبات خاصة القصص منها حتى يمتزجوا مع جو القراءة العلمي والثقافي.


الوقفة الثالثة: كيف تكون البداية في هذا المشروع؟ الجواب على هذا: أن لكل أسرة ما يناسبها في الطريقة المختارة لكن ثمة نقاط يتفق عليها الجميع وهي:
أولا: طرح البرنامج على الأولاد مع بيان أهميته وتأثيره عليهم ووضع الحوافز لهم.
ثانيا: البداية بصغار الكتيبات ويسمى كتاب الأسبوع ثم الصعود شيئا فشيئا.
ثالثا: التحفيز والتشجيع اللفظي لهم ووضع جداول للإنجاز ومكافآت معقولة ومحدودة تشجعهم.
رابعا: ليكن البرنامج له مساحة من جلساتنا الأسرية ووسائل التواصل.
خامسا: من الممكن أن يدخلوا دورة عن القراءة، أو يُستضاف لهم من يثقفهم في ذلك البرنامج.
فهذه النقاط الخمس هي محفزات ومشجعات في البداية.


الوقفة الرابعة: القراءة قيل فيها أن أولها كلفة ثم تنقلب بعد ذلك إلى ألفة، ودائما البدايات فيها شيء من التعويق، لكن الحزم والجد بإذن الله تعالى يزيل ذلك العوق.


الوقفة الخامسة: هل القراءة لها علاقة بتصرفات القارئ الحياتية؟ الجواب: نعم، وهذا ظاهر وجلي فإن القارئ تحسن تصرفاته وأخلاقه من خلال قراءته وذلك يرجع بعد توفيق الله تعالى أنه امتلك فهما أوسع وفكرا أرحب وتجارب كثيرة مماثلة من خلال قراءته، بخلاف من لا يمتلك تلك الصفات، فهو قد يكون ضيق الأفق في تصرفاته ومعاملاته ربما غضب لأتفه الأسباب فالإنسان من خلال تصرفاته تستطيع أن تحكم عليه في الجملة هل هو قارئ أم ليس بقارئ وذلك من خلال كلماته وحركاته وسعة فهمه وردوده.


الوقفة السادسة: عندما تتحدث لغة الأرقام فستقول إنك إن كنت قرأت واحدا وعشرين كتابا في السنة وكل كتاب خمسون صفحة فأنت تقرأ كل يوم ثلاث صفحات، وإن كنت قرأت أربعة عشر كتابا كل كتاب خمسون صفحة فأنت تقرأ صفحتين يوميا، وإن كنت قرأت خلال العام سبعة كتب فأنت تقرأ صفحة واحدة يوميا فقط، فانظر في نفسك خلال عام، كم قرأت من كتاب لتعرف عدد صفحاتك اليومية.


الوقفة السابعة: هل يمكن لبرنامج القراءة أن يكون مشروعا أسريا؟ الجواب: نعم، وبقوة وسواء كان على مستوى الأسرة الصغيرة في البيت الواحد أو على مستوى الراغبين في المشاركة من مجموع الأسرة بمسماه العام وكلا الأمرين ناجح، ولتكن البداية بالأسرة في مسماها الخاص ربما أنه أحسن وأحكم، ثم ينطلق مشروع القراءة في الأسرة بمسماها العام مستثمرين ذلك البرنامج في وسائل التواصل حتى لا يكن كلفة في إيصال التوصيات ولتكن بديلا عن الاجتماعات المكلفة نسبيا، ومن الممكن أن يتم من كبار الأسرة الإشادة بهذا البرنامج ويكون الانطلاق به على شرف أحدهم.


الوقفة الثامنة: القراءة مشروع رابح لا يعرف الخسارة إذا أحسن التعامل معه ولذلك للقراءة مخرجات طيبة وعظيمة فمن ذلك:
أولا: سعة الأفق واتساع المدارك.
ثانيا: العمق في التفكير.
ثالثا: ملكة النقد.
رابعا: القدرة على التعبير.
خامسا: تنمية قدرات القارئ كالبديهة والفطنة وحسن التفاعل.
سادسا: تكوين الشخصية وتكميلها.
إلى غير ذلك من المخرجات الطيبة الكثيرة المتميزة.


الوقفة التاسعة: ثمة بعض الأسباب والعوامل التي تعين وتساعد على القراءة والاستمرار فيها، ومن ذلك:
أولا: صحة المقصد بأنه يريد الخير وليس المباهاة بالمعرفة.
ثانيا: صدق العزيمة وتقويتها.
ثالثا: عدم الالتفات للعقبات التي تحصل في البداية بل يتخطاها ويجعل من يساعده فيها.
رابعا: اختيار الزميل المناسب ليشد من أزره ويقويه.
خامسا: اختيار الوقت والمكان والكتاب المناسب للقراءة.
سادسا: تكوين مكتبة منزلية.
سابعا: الإصرار على الاستمرار في البرنامج.
ثامنا: اختيار مشرف يناسب يستشيره ويجيب على إشكالات.
إلى غير ذلك من الأسباب.


الوقفة العاشرة: عند اختيار الكتب للقراءة، من الجميل جدا أن يستشير المبتدئ شخصا قارئا حتى يرشده إلى ما يناسبه من الكتب والكتيبات، ولتكن البداية بالكتب القصصية، ومن الكتب المفيدة في هذا المجال (صور من حياة الصحابة) (صور من حياة التابعين) لعبد الرحمن رأفت الباشا رحمه الله، وأيضا سلسلة (أين نحن من هؤلاء) الدكتور عبدالملك القاسم حفظه الله، وأيضا كتيبات المؤلف خالد الجبرين القصصية وأيضا كذلك (مجموعات الزمن القادم) الأولى والثانية والثالثة وكذلك كتيب الميلاد الجديد وغيرها من الكتب مما هو منشور في مكتباتنا العامرة في بلدنا المبارك.


الوقفة الحادية عشرة: من النصائح لمريد القراءة الأمور التالية:
أولا: احرص على استعمال القلم خلال القراءة لتسجيل الفوائد المهمة أو وضع خطا تحتها وكذلك تسجيل الإشكاليات للسؤال عنها.
ثانيا: لا تستسلم لعقبات تحصل لك في بداية مشروعك فالبداية دائما شاقة وقد يوجد فيها صعوبة فاجعل إصرارك وعزيمتك قوية.
ثالثا: اقرأ بحس الناقد وفي هذا تشغيل للذهن.
رابعا: حاول قدر الإمكان القراءة باللغة الفصحى.
خامسا: جالس القراء واستفد منهم وناقشهم.
سادسا: ما تقرؤه حاول أن تذكره في مجالسك وعلى أهلك وهذه غاية في الأهمية.
سابعا: احذر من التوقف بعد البداية واستمر ولو كانت الحصيلة ضئيلة فهذا شيء طبيعي في البدايات.


الوقفة الثانية عشرة: من الجميل تكوين مكتبة مصغرة في مكان واضح في المنزل لتكون الكتب في متناول الجميع.


الوقفة الثالثة عشرة: إياك أن تتصور أنك بقراءتك وقتا ليس بالطويل أنك ستكون ذلك المثقف البارع، ولكن القراءة يبني بعضها بعضا ويساعد على ذلك المناقشات والاستشارات.


الوقفة الرابعة عشرة: في بداياتك في مشروع القراءة لا تكثر من عدد الصفحات فقليل دائم خير من كثير منقطع.


الوقفة الخامسة عشرة: أيها الآباء والأمهات إن مشروع القراءة مع الأولاد غاية في الأهمية، ستحصدون أنتم وهم نتاجه يوما ما فابذلوا وسعكم وأموالكم ليخرج لنا جيل قارئ فاهم مفكر وما ذلك على الله بعزيز، فالجهود إذا تكاتفت وأخلصت حصل المقصود بإذن الله تعالى، فالنتائج المبهجة هي غالبا خلف الجهود المكثفة المخلصة فيابشراكما إن كان ولدكما من تلك النتائج الطيبة.


أصلح الله لنا النية والذرية وتقبل منا إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

____________________________________
الكاتب: خالد بن علي الجريش

  • 0
  • 0
  • 1,304

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً