من محاسن شريعة الإسلام أنها تناسب المكلفين
نعم لا يطيق الجميع أمرا كهذا ، ولا يستطيعونه أصلا ، لكن وجود تلك النماذج في عصر شاعت فيه الماديات والمغالاة فيها ، والتعسير على الشباب يعتبر نقطة ضوء جيدة ، لا تنكر ولا تذم .
من محاسن شريعة الإسلام أنها تناسب المكلفين جميعا ، على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وأحوالهم وطبائعهم ، وكيف لا ! وهذه الشريعة من أمر الله ، والإنسان من خلق الله . وله سبحانه ( الخلق والأمر ) وهو الأعلم سبحانه بخلقه وبما يصلحهم {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }
وسوف تلاحظ أن كثيرا من أحكام الشريعة تجمع بين حدين أدنى وأعلى ، وفرض ونفل ، وعدل وفضل ، كما أن كثيراً من أحكام المعاملات متروكة في تفاصيلها الدقيقة لعادات الناس وأعرافهم ما لم تخالف الشرع .
فالصلوات الخمس فرض عين على سائر المكلفين ، أما النفل المقيد والمطلق ، ففيه يتنافس المتنافسون ويتفاضل المتفاضلون ، وكذلك الحال في الزكاة والصدقات والصيام والحج والعمرة وغيرها من التكاليف .
وحتى في باب القصاص وهو من أشد الأمور شفاء لغيظ النفس البشرية أمامك اختيار العدل ، وأن تعاقب بمثل ما عوقبت به ، وأمامك العفو { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } ولا يصح ولا يليق أن يلوم المقتص من عفا ويتهمه بالخور ، أو يلوم من عفا المقتص ويتهمه بالقسوة وعدم الرحمة .
وباب الزواج بتفاصيله الكثيرة من الخطبة والعقد والمهر والنفقة والحقوق الزوجية وغير ذلك الكثير ، غالبا ما يجتمع فيه الأمور السابقة، فهناك حدود دنيا وعليا ، وعدل وفضل ، ودستوره الأعظم {وعاشروهن بالمعروف} {ولا تنسوا الفضل بينكم} والمعروف والفضل معان واسعة ، وفيها مساحات تتسع لاختلاف الطبائع والأعراف والعادات والأشخاص والأحوال .
وبعد هذا كله :
إذا رأيت رجلا زوج ابنته - المؤتمن عليها - بلا قائمة ، وبمهر قليل جدا ، ووثق في الخاطب خلقا ودينا ، ورأى أنه لا شيء من أموال الدين أغلى عنده من ابنته ، وأن سعادتها واستقرار حياتها الزوجية لا يعدله شيء ، فهل يلام مثل هذا أو يسخر منه أو يتهم بأنه ضيع ابنته !!
نعم لا يطيق الجميع أمرا كهذا ، ولا يستطيعونه أصلا ، لكن وجود تلك النماذج في عصر شاعت فيه الماديات والمغالاة فيها ، والتعسير على الشباب يعتبر نقطة ضوء جيدة ، لا تنكر ولا تذم .
ومن جهة أخرى لا يلزم الناس كلهم بمثل هذا الصنيع ، ولا يلام على من استوثق لحق ابنته ، بشرط ألا يغالي فيما يطلب ، ولا يكون سببا في التعسير والتنفير ، ولا يخالف شرعا ، ولا يتحول المهر والقائمة إلى سبب لدخول السجون أو ابتزاز الزوج ، وصدق من قال : تحدث للناس من الأقضيات بقدر ما أحدثوا من الفجور ، والله المستعان .
- التصنيف: