فوائد مختارة من تفسير الإمام القرطبي (2)

منذ 2021-06-24

وجعلوا المتاع حوله, فبينما هم على ذلك أقبل الأسد, فلما دنا من الرحال وثب, فإذا هو فوقه فمزقه, وقد كان أبوه ندبه وبكى, وقال: ما قال محمد شيئاً قط إلا كان

قصص فيها عبر وفوائد:

    العفو والصفح والإحسان تجلب محبة القلوب:

    قال عصام بن المصطلق: دخلت المدينة, فرأيت الحسن بن علي عليهما السلام, فأعجبني سمته, وحسن روايته, فأثار مني الحسد ما كان يُجنّه صدري لأبيه من البغض, فقلتُ: أنت ابن أبي طالب !

    قال: نعم, فبالغت في شتمه وشتم أبيه, فنظر إليّ نظرة عاطف رءوف ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف:199] فقرأ إلى قوله: {فإذا هم مبصرون} ثم قال لي: خفّض عليك, أستغفر الله لي ولك, لو استطعنا أعنّاك, ولو استرفدتنا أرفدناك, ولو استرشتدتنا أرشدناك, فتوسم في الندم على ما فرط مني, فقال: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [يوسف:92] أمن أهل الشام أنت ؟ قلتُ: نعم. قال: شنشنة أعرفها من أخزم.

    حيّاك الله وبياك, وعافاك, انبسط إلينا في حوائجك, وما يعرض لك, تجدنا عند أفضل ظنك, إن شاء الله. قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت وودت أنها ساخت بي, ثم تسللت منه لواذاً, وما على وجه الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه. [:7/350] 

    إفحام الخصم:

    حُكي أن ابن عباس لقيه رجل من اليهود, فقال اليهودي: ممن أنت ؟

    قال: من قريش. فقال: أنت من القوم الذين قالوا: { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} الآية [الأنفال:32] فهلاّ عليهم أن يقولوا: إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له ! إن هؤلاء قوم يجهلون.

    قال ابن عباس: وأنت يا إسرائيلي, من القوم الذين لم تجف أرجلهم من بلل البحر الذي أغرق فيه فرعون وقومه, وأنجي موسى وقومه, حتى قالوا: { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}[الأعراف:138] فقال لهم موسى: {إنكم قوم تجهلون } فأطرق اليهودي مفحماً.[:7/398]

    آمن ثم ارتد, فدعا علية رسول الله علية الصلاة والسلام, فأكله الأسد:

    قوله تعالى: {قُتل الإنسان ما أكفره}  [عبس:17] نزلت في عتبة بن أبي لهب, وكان قد آمن, فلما نزلت " النجم " ارتد, وقال: آمنت بالقرآن كله إلا النجم, فأنزل الله جل ثناؤه فيه: ( قُتل الإنسان ) أي لعن عتبة, حيث كفر بالقرآن, ودعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: ( اللهم سلط عليه كلبك أسد الغاضرة ) فخرج من فوره بتجارة إلى الشام, فلما انتهى إلى الغاضرة, تذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم, فجعل لمن معه ألف دينار إن أصبح حياً, فجعلوه في وسط الرفقة, وجعلوا المتاع حوله, فبينما هم على ذلك أقبل الأسد, فلما دنا من الرحال وثب, فإذا هو فوقه فمزقه, وقد كان أبوه ندبه وبكى, وقال: ما قال محمد شيئاً قط إلا كان. [19/217]

    إسلام يهودي, بعد أن تبين له أن القرآن الكريم محفوظ من الزيادة والنقصان:

    قال يحيى بن أكتم: كان للمأمون....مجلس نظر, فدخل في جملة الناس رجل يهودي, فتكلم فأحسن الكلام فلما أن تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له إسرائيلي ؟ قال: نعم قال له أسلم حتى أفعل بك, ووعده, فقال: ديني ودين آبائي, وانصرف, فلما كان بعد سنة, جاء مسلماً, فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا؟ قال: بلى قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان وأنت تراني حسن الخط فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ, فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني, وعمدت إلى الإنجيل, فكتبت ثلاث نسخ, فزدت فيها ونقصت, وأدخلتها البيعة, فاشتريت مني, وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ, وزدت فيها ونقصت, وأدخلتها الوراقين فتصفحوها, فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها, فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ فكان هذا سبب إسلامي. قال يحيى بن أكتم: فحججت تلك السنة, فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل, قلتُ: في أي موضع؟ قال في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: ( بما استحفظوا من كتاب الله) [المائدة:44]فجعل حفظه إليهم فضاع وقال عز وجل{ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر:9]فحفظه عز وجل علينا فلم يضع[10/5-6] 

    • حكايات وروايات وأخبار غير صحيحة:

    حكاية نبي الله داود عليه السلام مع أوريا:

    ذكر هذه الحكاية عند تفسيره لقوله تعالى:  {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب}  [ص:21] ثم قال: ولا يصح.[15/166]

    الحكايات في ابتلاء نبي الله أيوب عليه السلام:

    ذكر هذه الروايات عند تفسيره لقول تعالى: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب }  [ص:41] ثم قال: قال ابن العربي القاضي أبو بكر رضي الله عنه: ولم يصح عن أيوب في أمره إلا ما أخبرنا الله عنه في كتابه في آيتين, الأولى: قوله تعالى:  {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر}  [الأنبياء:83] والثانية: في "ص"  {أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}  وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصح عنه أنه ذكره بحرف واحد إلا قوله: ( بينا أيوب يغتسل إذ خرّ عليه رِجل جراد من ذهب ) الحديث. وإذا لم يصح عنه فيه قرآن ولا سنة إلا ما ذكرناه, فمن الذي يوصل السامع إلى أيوب خبره, أم على أيّ لسان سمعه ؟ والإسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات, فأعرض عن سطورها بصرك, وأصم عن سماعها أذنيك, فإنها لا تعطى فكرك إلا خيالاً, ولا تزيد فؤادك إلا خبالاً.[15/210]

    أن قوله تعالى: (ومنهم من عاهد الله) نزلت في حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه:

    قوله تعالى: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين} [التوبة:75] ذُكِرَ عن ابن عباس في سبب نزول الآية, أن حاطب بن أبي بلتعة أبطأ عنه ماله بالشام, فحلف في مجلس من مجالس الأنصار, إن سَلِم ذلك لأتصدقن منه, ولأصلن منه, فلما سَلِم بَخِل بذلك, فنزلت.

    قلت [القائل الإمام القرطبي ]: وثعلبة بدري أنصاري, وممن شهد الله له ورسوله بالإيمان,...فما روي عنه غير صحيح.[8/209-210]    

    قصة حسان بن ثابت مع صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنهما:

    قالت صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنهما: كنا يوم الأحزاب في حصن حصين حسان ابن ثابت, وحسان معنا في النساء والصبيان, والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في نحر العدو, لا يستطيعون الانصراف إلينا, فإذا يهودي يدور, فقلت لحسان: انزل إليه فاقتله, فقال: ما أنا بصاحب هذا يا ابنة عبدالمطلب ! فأخذتُ عموداً ونزلت من الحصن فقتلته, فقلت: يا حسان, انزل فاسلبه, فلم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل, فقال: مالي بسلبه حاجة يا ابنة عبدالمطلب ! فنزلتُ فسلبته.

    قال أبو عمر بن عبدالبر: وقد أنكر هذا عن حسان جماعة من أهل السير, وقالوا: لو كان حسان من الجبن ما وصفتم لهجاه بذلك الذين كان يهاجيهم في الجاهلية والإسلام, ولهُجِي بذلك ابنه عبدالرحمن, فإنه كان كثيراً يهاجي الناس من شعراء العرب.[14/135]  

    القول بأن ابن جرير الطبري يجيز أن تكون المرأة قاضية:

    نقل عن محمد بن جرير الطبري أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية, ولم يصح ذلك عنه.[13/183]

                   كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

     

    • 1
    • 1
    • 939

    هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

    نعم أقرر لاحقاً