خبث الإعلام

منذ 2021-07-04

فهذه الأعمال من الخبث، بحيث إنها لا تستخدم أسلوب الهجوم المباشر على القيم والمفاهيم، حتى لا ينفر منها المشاهد! لكنها تتحايل، فتقدمها في قالب من الحلوى رائعة المذاق، حتى يبتلعها المشاهد!

من خبث الإعلام في الدول الفاسدة؛ أنه يدّعي الفضيلة! نعم يدّعي الفضيلة! ويتبجح كثير من الإعلاميين والراقصات بأنهم أصحاب فضيلة!

فالإعلام من الخبث بحيث أنه ينوع ويتنوع في درجات سفالة وانحطاط ما يعرض ومن يعرض! فتجد بعض جوانب الفضيلة في بعض الأعمال وبعض الشخصيات، وذلك لخداع المشاهد بأن الهدف من العمل إنما هو نشر الفضيلة!

فهناك درجات للفضيلة ودرجات للرذيلة في الأعمال الفنية، ومن يقدمها! فتجد ممن يقوم بتلك الأعمال، من ينطق بالسفالة الصريحة والانحطاط الواضح، وتجد منهم من يدعي الفضيلة وأنه من أولياء الله الصالحين! وعلى المشاهد أن يختار من ينخدع به ويتوافق مع مزاجه وهواه وفساد تصوره!

لكنّ الحقيقة هي أن العمل الذي قد يمتد إلى ساعتين أو ثلاث ساعات، يستخدم ما يسمى "استبطان السلوك"! فالعمل يركز على مدار مدته على الرذيلة، ويصورها في مشاهد ومواقف عدة، ويبرر لها مرارا وتكرارا، ويعرض وجهات نظر المدافعين عنها، صورا وألوانا، حتى يستبطنها المشاهد في عقله الباطن، وتصبح سلوكا ومفهوما وتصورا له بلا وعي، ثم يختم بحكمة مثالية مقتضبة في نهايته، لا يكون لها أي وزن في تحسين سلوك، أو تقويم مفهوم، أو تطوير فكر الأجيال، بل على العكس من ذلك.

فهذه الأعمال من الخبث، بحيث إنها لا تستخدم أسلوب الهجوم المباشر على القيم والمفاهيم، حتى لا ينفر منها المشاهد! لكنها تتحايل، فتقدمها في قالب من الحلوى رائعة المذاق، حتى يبتلعها المشاهد!

إن العمل الفني الذي يستمر لساعات، ويعرض الراقصات والرقصات، والسفالة والانحطاط، ثم بعد ذلك كله، يجمّل صورته القبيحة بحكمة، أو عبارة مثالية يختم بها العمل، لا يسهم على الحقيقة في الارتقاء بالمجتمع، بل على النقيض تماما من ذلك، وهو لا يتجمل ذلك التجمل إلا لخداعنا والمكر بنا!

فليس من المتصور من الراقصة أو الممثل الذي اشتهر بسفالة وانحطاط، وليس من المنتظر ممن يدّعي حقيقة صورة فضيلته المزيفة، أن يقدم قيمة أو يرتقي بمجتمع، وإن ادعى! وليس من المتصور أن تسمح بذلك الدول الفاسدة التي تقتات وتزدهر على الفساد والإفساد!

 

هاني مراد

كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.

  • 5
  • 0
  • 1,058

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً