المتكبر إنسان وضيع مفتضح

منذ 2021-10-14

تثمل الإنسان وتُسكره تلك المكرومات والأسباب العالية التي أُتيحت له، ربما يغره جماله وثروته وحياته المرفهة، يركب السيارة الغالية ويلبس الثوب الأنيق، يعطر نفسه، وحينما يتسكع في الشوارع لا يلتفت إلی يمينه ولا إلی شماله،

كلُ إنسان تعتري له من المحن والخطوب والمشاكل ما لا بأس به، ولو واجه في حياته السرور والبهجة لَعَدَّ نفسه ملكًا يَملِك الدنيا، ويتحكم فيها، ويتبختر ويتجبَّر، وتغره حياته الخصبة، يزدري بمَن دونه ويسخر منه، ينقص أقدار الناس، يعيب هيئاتهم وثيابهم وشكلهم وفقرهم، لا يستحضر أن موطئ قدمه قد وطأه قبله آلاف الأقدام، وأن من بعده في الانتظار الذي يتكبر فلا عقل له ولا شعور له، بل يمثل دور معلمه الشيطان الأكبر، الشيطان بعدما تكبر واستعلی علی آدم وأصرَّ علی كِبره، فأخزاه الله تعالی.

 

تثمل الإنسان وتُسكره تلك المكرومات والأسباب العالية التي أُتيحت له، ربما يغره جماله وثروته وحياته المرفهة، يركب السيارة الغالية ويلبس الثوب الأنيق، يعطر نفسه، وحينما يتسكع في الشوارع لا يلتفت إلی يمينه ولا إلی شماله، ويكون مكفهرًّا عبوسًا قمطريرًا، كأنه يخرق الأرض ويبلغ طول الجبال الراسخات العاليات، عندما يخطو خطواته ويضعها علی الأرض كأنه يحطم الأرض تحت أقدامه.

 

هذا أخبث نفس دنيئة شنيعة تقوده وتسوده، الإنسان الذي يحمل في معدته الأقذار وهو حاملها طول حياته، ونسي خلقَه، ممَّ خُلِقَ؟ خُلق من ماء دافق مهين مُخزٍ، يقضي جلَّ أوقاته في بيت الخلاء، فكيف يتجبر ويتكبر، ويستعلي علی مَن دونه أو فوقه، المعدة كلما لم تهضم طعاما تقيه وتتخلص منه، أما الإنسان أغبی من معدته، كيف لا يقي تلك السموم القاتلة الفتاكة التي تتجذر في رأسه؟ الأفكار الضئيلة التافهة التي تدور في رأسه.

 

فرأسه مزبلة الأفكار الخبيثة والأقذار الفكرية، لو صح التعبير، كيف هذا الإنسان يقيد نفسه وفكره بهذه القذارات الفكرية التي تقصم ظهره وتشوِّه كرامته وعِرضه؟ الذي ترعرع في البيئة الإسلامية لا يلوث نفسه بهذه الخبائث، يتجنب عنها ويتحلی بالأخلاق السليمة، ويعرف كيفية خلقه، فلا يتبختر ولا يتكبر ولا يزدري بالآخرين، البيئة هي التي تؤثر علی عقلية الإنسان ومسيرة حياته، فلو تربی تربية صحيحة ربانية، فيعيش عيشة مطمئنة قرآنية، يحترم كافة الناس، يراعي حقوقهم ويوقرهم ويبجلهم.

 

ليست الإنسانية في السيارة واللبس والحياة الخصبة، إنما الإنسانية أغلی وأسمی مما نتصورها ونعدها، الإنسانية هي مراعاة حقوق الإنسانية، وأن يتحلی الإنسان بالأخلاق السليمة، ويكف لسانه ويده عن إيذاء الناس، كما ورد في الحديث النبوي: (المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده).

_____________________________________________
الكاتب: عبدالسلام العمري البلوشي

  • 2
  • 0
  • 1,351

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً