تفسير سورة الممتحنة كاملة

منذ 2021-11-03

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} أي لا تتخذوا الكافرينَ نُصَراء وأحِبّاء، فـ {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تعطونهم مَحبتكم فتخبرونهم بأسرار النبي والمسلمين!!،

الآية 1، والآية 2، والآية 3: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} أي لا تتخذوا الكافرينَ نُصَراء وأحِبّاء، فـ {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تعطونهم مَحبتكم فتخبرونهم بأسرار النبي والمسلمين!!، وكيف تفعلون ذلك {وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}  (الذي أنزله اللهُ على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم)، و {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ} أي اضطروه إلى الخروج من مكة بالتضييق عليه ومُحاربة دعوته {وَإِيَّاكُمْ} يعني: وكذلك اضطروكم أيضًا إلى الخروج منها بشدة الإيذاء والتعذيب والاضطهاد، وكل ذلك مِن أجل {أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} أي تعبدوه وحده لا شريك له، فكيف تتخذونهم أولياء {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي} ؟! يعني: إن كنتم - أيها المؤمنون - قد هاجرتم مُجاهدينَ في سبيلي، طالبينَ رِضايَ عنكم، فلا تتولوا أعدائي وأعداءكم بالمَعونة والنُصرة، فـ {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تعطونهم مَحبتكم وتنقلون إليهم أخباركم سرًا {وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ} في قلوبكم تجاههم (وأعلمُ أيضًا ما فعلتموه في الخفاء، عندما أخبرتم أقربائكم المُشرِكين بأسرار المسلمين) {وَمَا أَعْلَنْتُمْ} يعني: وأنا أعلم بما أظهرتموه للناس (فكيف لا تستحيون مِن اطِّلاعي عليكم؟!)،  {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ} يعني: ومَن يفعل ذلك منكم فيتولى أعداء الله تعالى {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}: أي فقد خرج عن الطريق المستقيم - المُوَصِّل إلى الجنة - وسَلَكَ طريق الجهل والضَلال.

 

♦ واعلموا أنّ أقربائكم المُشرِكين - الذين تعطونهم مَحبتكم وأسراركم -{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً}: يعني إن يتمكنوا منكم: لا يَرحموكم، ولا يُراعوا القَرابة التي بينكم، ولا يعترفوا بمَحبتكم لهم، بل {وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} : أي يَمُدّوا إليكم أيديهم بالقتل والضرب، وألسنتهم بالسَبّ والأذى، {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} يعني: وهم قد تمنَّوا أن تكفروا مِثلهم.

 

♦ واعلموا أيها المؤمنون أنكم {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ}: أي لن ينفعكم أقربائكم وأولادكم المُشرِكين - الذين تتقربون إليهم بنقل أسراركم الحربية - ولن يدفعوا عنكم من عذاب الله شيئًا، و{يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} يعني: يوم القيامة يُفَرِّق الله بينكم، فيُدْخلكم أيها المؤمنون الجنة، ويُدخِل المشركين النار، وهُم سوف يَفرّون منكم عند اشتداد الهَول (فما الفائدة إذًا من مَعصية الله تعالى مِن أجلهم؟!)  {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}  فاحذروا مُخالفة أمْره.

 

الآية 4، والآية 5: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ} - أيها المؤمنون - {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}  أي قدوة حسنة {فِي إِبْرَاهِيمَ} عليه السلام {وَالَّذِينَ مَعَهُ} من المؤمنين {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ} المُشرِكين: {إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ} أي بريئون منكم {وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} من الأصنام وغيرها، فقد {كَفَرْنَا بِكُمْ} أي لم نعترف لكم بقَرابةٍ ولا ولاء، وقد أنكرنا ما أنتم عليه من الكفر، {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ} أي ظَهَرتَ العداوة والكراهية بيننا وبينكم - واضحة لا خفاءَ فيها - ولو كنتم أقربائنا،  {أَبَدًا}  أي ما دُمتم على كُفركم  {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}  وتتركوا عبادة غيره،{إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ}: يعني لكنْ لا يدخل في ذلك الاقتداء: استغفار إبراهيم لأبيه، حين قال له: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} (فإنّ ذلك كانَ قبل أن يَتبيَّن لإبراهيم أنّ أباه لن يتوب مِن شِركه، فلما تبيَّنَ له أنه عدوٌّ لله تبرأ منه)، {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا}  أي اعتمدنا عليك وحدك، فثَبِّتنا على الإيمان، {وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا} أي رجعنا إليك بالتوبة، ورجعنا إليك في كل أمورنا {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} يعني: ونحن نعلم أنّ إليك مَرجعنا بعد موتنا، فسَنستعد للقدوم عليك، ونَعمل ما يُقَرّبنا إليك، {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}  (وذلك بأن تسَلِّط الكافرين علينا فيَفتنونا عن ديننا، أو تنصرهم علينا - بسبب ذنوبنا - فيُفتَنوا بذلك، ويقولوا: (لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا العذاب)، فيَزدادوا كفرًا)، {وَاغْفِرْ لَنَا} ذنوبنا، {رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ} في انتقامك ممن عصاك ولم يتب إليك، {الْحَكِيمُ} في تدبيرك لأوليائك (فدَبِّر لنا ما يَنفعنا ويُرضيك عنا).

 

♦ ويُحتمَل أن يكون هذا الدعاء المذكور في الآية مِن قول إبراهيم عليه السلام ومَن معه، ويُحتمَل أيضًا أن يكون إرشادًا من الله تعالى للمؤمنين أن يقولوه تَقويةً لإيمانهم وتثبيتًا لهم عليه، كما فَعَلَ إبراهيم ومَن معه (رغم قلتهم وكثرة عدوهم).

 

الآية 6: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ} أيها المؤمنون {فِيهِمْ} أي في إبراهيمَ والذين معه {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي قدوة حميدة (في مُعاداة الكفار ولو كانوا أقربائهم)، وهذه القدوه الحسنة تكونُ {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ} (إذ يَقتدي بهم مَن كان يرجو ثوابَ ربه، ويَنتظر مَجيء اليوم الآخر وما فيه مِن نعيمٍ مقيم أو عذابٍ أليم) {وَمَنْ يَتَوَلَّ} يعني: ومن يُعْرِض عما أمَرَه الله به من الاقتداء بأنبيائه، ويتخذ أعداء الله أولياء: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} عن طاعة عباده، وهم المُحتاجون إليه، وهو {الْحَمِيدُ} الذي يَستحق الحمد والثناء في كل حال، لِكَثرة نِعَمِه على مخلوقاته.

 

الآية 7: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ} - أيها المؤمنون -  {وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ} (وهم الذين عاديتموهم من أقاربكم المُشرِكين امتثالًا لأمر الله تعالى)، فهو سبحانه قادرٌ أن يجعل بينكم وبينهم {مَوَدَّةً} أي مَحَبَّةً بعد ذلك البُغض (وذلك بانشراح صدورهم للإسلام)، فيصيروا إخوانكم في الدين، {وَاللَّهُ قَدِيرٌ} {وَاللَّهُ غَفُورٌ} لمن تاب إليه من الشرك والمعاصي واعترف بذنبه، {رَحِيمٌ} بهم (حيثُ جعل التوبة نجاةً لهم).

 

الآية 8: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ} - أيها المؤمنون - {عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} (وهم الكفار الذين لم يُقاتلوكم بسبب دينكم)، {وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ}، فهؤلاء لا ينهاكم اللهُ {أَنْ تَبَرُّوهُمْ} أي تكرموهم وتحسنوا معاملتهم {وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}  يعني: وتَعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم والحُكم بينهم بالعدل {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي يحب الذين يَعدلون بين جميع الناس في أقوالهم وأفعالهم.

 

الآية 9: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} أي قاتلوكم بسبب دينكم {وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} {وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ} أي عاوَنوا الكفارَ على إخراجكم، فهؤلاء ينهاكم اللهُ {أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} أي يَنهاكم أن تتولوهم بالنُصرة والمَحبة، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ} يعني: ومَن يتخذهم أنصارًا على المؤمنين وأحبابًا {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (لأنهم وضعوا الولاية في غير مَوضعها، والظُلم هو وَضْع الشيء في غير مَوضعه).

 

الآية 10: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} يعني إذا جاءكم النساء المؤمنات مُهاجراتٍ من دار الكفر إلى دار الإسلام: {فَامْتَحِنُوهُنَّ}  أي اختبروهنّ لتعلموا صِدق إيمانهنّ (وذلك بأن يَحلِفنَ لكم بأنهنّ ما خَرَجنَ من ديارهنّ إلا رغبةً في الإسلام، ولم يَخرُجنَ كُرهًا لأزواجهنّ أو غير ذلك من أمور الدنيا)، {اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} أي أعلم بحقيقة إيمانهنّ منكم، لأنه وحده الأعلم بما في القلوب، (وفي هذا دليل على صحة القاعدة الفقهية التي تقول: (نحن لنا الظاهر، واللهُ يتولى السرائر))، {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} يعني إنْ غَلَبَ على ظنكم أنهنّ صادقاتٌ في إيمانهنّ (بعد أن حَلفنَ لكم): {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}: أي فلا ترُدُّوهنّ إلى أزواجهنّ الكافرين، إذ {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ}: أي فالنساء المؤمنات لا يَحِلّ لهنّ أن يَتزوجنَ الكفار، {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} يعني: ولا يَحِلّ للكفار أن يتزوجوا المؤمنات، {وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} يعني: وأعطوا الكفار - وهم أزواج المؤمنات المهاجرات إليكم - مِثل ما أنفقوا عليهنّ من المهور، (فإذا جاء زوجها المُشرِك يُطالبكم بقيمة المَهر الذي أنفقه عليها، فأعطوه إياه).

 

{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}: أي لا إثم عليكم في أن تتزوجوا هؤلاء المؤمنات المهاجرات (إذا دفعتم لهنَّ مُهورهنّ)، {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} يعني: ولا تمسكوا أيها المسلمون بنكاح زوجاتكم الكافرات (سواء اللاتي تركتموهنّ بدار الكُفر أو المُرتَدّات)، لأنّ العِصمة قد انقطعت بإسلامكم، فلا يَحِلّ لكم الإمساك عليهنّ، {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} يعني: واطلبوا من المُشرِكين قيمة المهور التي أنفقتموها على نسائكم المُرتَدّات إليهم، {وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} يعني: ولْيَطلب منكم المشركون قيمة المهور التي أنفقوها على نسائهم المهاجرات إليكم، (واعلم أنّ هذا بيان لمَظهر من مظاهر عدالة الإسلام في أحكامه، حتى مع المشركين)، {ذَلِكُمْ} أي ذلك الحُكم المذكور هو {حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} أي هو حُكم الله الذي يَحكم به بينكم فلا تخالفوه {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بأحوال عباده وما يُصلحهم، {حَكِيمٌ} فيما شَرَعه لهم، ليَحفظ لهم حقوقهم.

 

الآية 11: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ}  يعني: وإنْ ذَهَبَتْ بعض زوجاتكم المُرتَدّات إلى الكفار، ولم يُعطكم الكفار مهورهنّ التي دفعتموها لهنّ، {فَعَاقَبْتُمْ} أي: ثم انتصرتم - في يومٍ ما - على هؤلاء الكفار أو غيرهم: {فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}: يعني فأعطوا بعض الغنائم لهؤلاء المسلمين - الذين ذهبت أزواجهم إلى الكفار - بمِثل ما أنفقوا عليهنّ من المهور (وذلك قبل تقسيم الغنائم) {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} أي اتقوا اللهَ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه; فإنَّ إيمانكم بالله يُوجِبُ عليكم تقواه.

 

الآية 12: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} أي يُعاهِدنك {عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} في عبادته، {وَلَا يَسْرِقْنَ} {وَلَا يَزْنِينَ} {وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ}  ﴾ (سواء بعد أن يَلدوهنّ أو قبل الولادة)، {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} يعني: ولا يَنسِبنَ لأزواجهنّ أولادًا ليسوا منهم،كأنْ يكون هذا الولد نتيجة زِنا أو تبَنِّي أو يكونُ مُلتقَطًا من الطريق(أي كانَ ابن خطيئة، وألقته أمه في الطريق لتتخلص منه)، فهذا هو البُهتان - أي الكذب - المُفترَى، وأمّا قوله تعالى: {بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ}، لأن الولد إذا وضعته الأم، سقط بين يديها ورجليها، فلذلك زعمتْ كذبًا أنها ولدته وهو ليس ابنها.

 

{وَلَا يَعْصِينَكَ} أيها النبي {فِي مَعْرُوفٍ} تأمرهنّ به: {فَبَايِعْهُنَّ}  أي اقبل بَيعتهنّ وعهدهنّ {وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ}  أي اسأل اللهَ أن يَغفر لهنّ ما مَضى من ذنوبهنّ{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لذنوب عباده التائبين، {رَحِيمٌ}  بهم (فلا يُعذبهم بذنبٍ تابوا منه).

 

الآية 13: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} أي لا تنصروا قومًا غَضِبَ الله عليهم لكُفرهم، ولا تحبوهم، ولا تتخذوهم أصدقاء، ولا تخبروهم بأسرار المسلمين، {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ}: يعني قد يَئِسَ هؤلاء الكفار من ثواب الله في الآخرة (لعدم إيمانهم بها) {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}: يعني كما يئس الكفار مِن عودة أصحاب القبور إلى الحياة، لعدم إيمانهم بالبعث بعد الموت، أو لَعَلّ المقصود: كما يئس أصحاب القبور الكفار من رحمة الله تعالى (وذلك حين شاهدوا الحقيقة بعد موتهم، وعلموا عِلم اليقين أنهم لا نصيبَ لهم من رحمة ربهم).

 


[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحديًا لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحيانًا نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

  • 0
  • 0
  • 2,237

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً