مع ملك من ملوك الدنيا ..
اعتاد الناس بعض النعم فألفوها وعطلوا شكرها .. وفي حديث اليوم: من أصبح آمنا في سربه هذه نعمة نحمد الله تعالى عليها..
أيها الإخوة الكرام: إنه لمن دواعي سرورنا أن نتحدث يومنا هذا عن (ملك) ملك الدنيا وما عليها ملك السعادة، ملك النعيم، ملك العافية، ملك الأمان ، ملك السرور والحبور ..
أتدرون عن أي ملك نتحدث؟
إنه رجل قصده النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها »
رجل من أهل الإيمان عاش بين زوجه وولده ووالديه آمنا ، إنه رجل عاش معافا من العلل والأوجاع في بدنه، عنده فقط قوت يومه ..
يحيا حياة ملك من الملوك ، وحياة سعيد من السعداء، قال النبي عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها»
من ذا الذي حيزت له الدنيا بحذافيرها؟؟
هو رجل جمع ثلاثة أحوال :
أما الحالة الأولى: فالرجل أصبح وأمسى وبات وأضحى آمنا في نفسه من الهموم ومن الغموم ومن الوساوس والهواجس ، من أصبح وأمسى وبات وأضحى في رضا بينه وبين والديه ، ومن أصبح وأمسى وبات وأضحى في سكينة مع زوجه، ومع أنس في ولده فكأنما جمع له نعيم الدنيا بين يديه..
قال النبي عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها »
وأما الحالة الثانية لذلك الذي ملك الدنيا وسعد مع سعدائها فهو رجل عافاه الله في جسده فهو لا يشكوا ألما ولا يعذبه وجع ولا يقعده مرض ..
فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المرض.. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفي كل مريض وأن يعافي كل مبتلى..
دخل رسول الله على أحد أصحابه يعوده في مرض أصابه فإذا الرجل من شدة المرض قد اصفر لونه وذهب لحمه وشحمه وذبل كما يذبل العود في البستان ..
فقال النبي عليه الصلاة والسلام هل كنت تدعو الله بشئ أو تسأله إياه ؟
قال نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا..
فقال النبي سبحان الله لا تطيقه أفلا قلت اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .. وجعل رسول الله يدعو له حتى شفاه الله عز وجل..
الشاهد أن ملكا من الملوك وسعيد من سعدائها رجل عافاه الله في جسده فهو لا يشكوا ألما ولا يعذبه وجع ولا يقعده مرض ..
قال النبي عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها»
أما الحالة الثالثة للرجل الذي ملك الدنيا ودخل في زمرة السعداء فهو رجل يملك قوت يوم لنفسه وزوجه ووالده وولده..
رزقه على الله تعالى لا يعول على المستقبل كثيراً إذ المستقبل في علم الله تعالى ، والله تعالى يقول {وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ }
قد يكون رزقه كفافا لكنه قانع به، عنده فقط قوت يومه، وهو راض به فكأنما جمع له نعيم الدنيا بين يديه..
قال النبي عليه الصلاة والسلام {مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها }
حين تأمن في البلد التي تسكنها وحين تأمن في بيتك بين زوجك ووالديك وولدك وحين لا تشتكي ألما وحين تقنع بما قسم الله لك أنت أغني الناس أنت من جمعت الدنيا بين يديه وأنت أسعد الناس..
صعد النبي المنبر في آخر حياته فبكى ثم قال سلوا الله العفو والعافية فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية..
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعافينا في ديننا ودنيانا وأن يبارك في أعمارنا وأرزاقنا وأن يرزقنا الأمن والأمان في الأمور كلها .. إنه ولي ذلك والقادر عليه
الخطبة الثانية
أيها الإخوة الكرام: بقي لنا في ختام الحديث أن نقول:
إن شكر النعم نعمة تستوجب الشكر لله رب العالمين .. كل نعم الله تعالى عظيمة وإن كانت في نظرك معتادة وصغيرة، فليس في نعم الله كبير وصغير فكلها جميلة وكلها جليلة ولا غنى للعبد عن نعمة من نعم الله تعالى ..
اعتاد الناس أن يقوموا ويقعدوا ويناموا ملئ أعينهم ويتحركوا وقت ما شائوا، اعتاد الناس أن يتكلموا بألسنتهم وأن يسمعوا بآذانهم اعتادوا أن يروا بأعينهم متى شائوا اعتادوا أن يأكلوا ويشربوا ويتنفسوا بلا بأس ولا أذى ..
اعتاد الناس بعض النعم فألفوها وعطلوا شكرها .. وفي حديث اليوم: من أصبح آمنا في سربه هذه نعمة نحمد الله تعالى عليها..
معافى في جسدك هذه أيضاً نعمة نحمد الله تعالى عليها ..
عندك قوت يومك فهذه أيضاً نعمة نحمد الله تعالى عليها..
هذه النعم (المألوفة المعتادة ) من أنعم عليه بها فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها وهو وربي أحد ملوك الدنيا وهو أحد السعداء ..
ومن حرم الأمان بين زوجه ووالده وولده ، ومن حرم العافية في بدنه ، فلن يشعر بلذة في الدنيا ولو ملك من الدنيا ما ملك قارون ..
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدا ما حيينا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
- التصنيف: