شرح حديث : ( من خاف أدلج )
مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ .
أخرجه الترمذي (2450) وقال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (7851) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وقال الذهبي في "التلخيص" : صحيح .
وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6222).
معنى حديث من خاف أدلج
ومعنى : ( مَن خافَ ) أي : مِن عدوٍّ.
و( أَدْلَجَ ) ؛ أي : هربَ في أول الليل ؛ لأن العدوَّ يُغِيرُ في آخره .
( ومَن أَدْلَجَ بَلَغَ المنزلَ ) يريد : مَن خاف الله فَلْيهربْ من المعاصي إلى الطاعات .
( ألا ) : حرف تنبيه. ( إن سلعةَ الله ) ؛ أي: متاعه ( غاليةٌ ) ؛ أي: رفيعةُ القيمة ، لا يَليق بثمنها إلا النفسُ والمالُ .
وينظر : "شرح المصابيح" لابن الملك (5/ 456).
المراد بالمثال المذكور في الحديث
وهذا الحديث مثل ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ليبين فيه أن الرجلَ إذا هربَ في أول الليل ينجو من العدو ؛ لأن العدو يُغير بعد الصبح ، وكذلك العبد إذا هرب من معاصي الله تعالى إلى طاعته نجا في الآخرة من عذابه وفاز بجنته .
قال الإمام الرمهرمزي، رحمه الله: " هذا من أحسن كناية وأوجزها، وأدلها على معنى لا يتعلق بشيء من لفظه، ومعناه: من خاف النار جَدّ في العمل، ومن جدّ في العمل وصل إلى الجنة، فجعل خائف النار بمنزلة المسافر الذي يخاف فوت المنزل فيرحل مَدْلِجا. والإدلاج: السير من أول الليل.
وجُعلت [الجنة] غالية، لشرفها وسَرْوِها، ولأنها لا تُنال بالهوينى والتقصير، إنما تُنال بمجاهدة النفس، ومغالبة الهوى، وترك الشهوات. " انتهى من "أمثال الحديث" (120).
وقال الطيبي - رحمه الله -: " هذا مثل ضربه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لسالك الآخرة ، فإن الشيطان على طريقه ، والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه ، فإن تيقظ في مسيره ، وأخلص النية في عمله أمن من الشيطان وجنده ، ومن قطع الطريق بأعوانه ثم أرشد إلى أن سلوك طريق الآخرة صعب ، وتحصيل الآخرة متعسر ، لا يحصل بأدنى سعي.
( ألا إن سلعة الله غالية ) أي : رفيعة القدر وسلعة الله الجنة العالية الباقية ، ثمنها الأعمال الخالصة الباقية التي أشار إليها بقوله سبحانه: {والْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وخَيْرٌ أَمَلاً } [الكهف/ 46] .
وفي معنى هذا الحديث: ما رواه البخاري (39) ومسلم (2816) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ .
والحاصل :
أن من أراد الجنة ولا سيما الفردوس الأعلى فإن عليه أن يبذل ما يوصله إليها من العمل الصالح ، ومن ذلك الهروب من معاصي الله تعالى إلى طاعته ، كما يهرب الرجل من العدو في أول الليل لينجو .
والله أعلم.
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب
- التصنيف:
- المصدر: