مقتطفات من كتيِّب (الزواج) للعلامة العثيمين رحمه الله تعالى

منذ 2021-12-08

إن الإسلام في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة، من جهة الأفكار، من جهة الأخلاق، من جهة العقائد.

الزواج ما الزواج، آية من آيات الله تعالى، سنة الأنبياء، دأب الصالحين، مفتاح الفضيلة، متى كَثُر عمَّ الخير وراج سوق الأخلاق، ومتى غاب أو قل اشرأبَّتْ الرذيلة وفسد المجتمع، فوائده لا تحصى، ومزاياه أكثر من أن تُعَد أو تُروى، لكن الملاحظ في هذه الأزمنة أنَّ الزواج الشرعي يتعرض لهجوم عنيف وشرس؛ كون أعداء الاسلام أدركوا أهميته في حفظ الأسرة المسلمة التي هي أساس مجتمع، فإنْ صلحت صلح المجتمع وإن فسدت اختلَّت أركان المجتمع، ومن أهم أسباب صلاح المجتمعات المسلمة تيسير الزواج الشرعي، وبين يدينا محاضرة نشرتها مدار الوطن في رسالة لطيفة لفقيه العصر العلامة محمد بن صالح العثيمين، اقتطفت منها مقتطفات تدُلُّ عليها ولا تغني عنها، وجعلتها في مقتبسات مع تصرف يسير جدا كحذف الفاء أو الواو، لتكون مناسبة للتغريد، أو التصميمات الدعوية كون انتشارها أسرع وتصل إلى شريحة أوسع معظمهم من الشباب، ومن يعود إلى الرسالة يجد تفصيلات أكثر ومقرونة بالأدلة، وهو من مقاصد إبراز هذه الفقرات، والآن إلى الفوائد والمقتطفات:

  • إن الإسلام في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة، من جهة الأفكار، من جهة الأخلاق، من جهة العقائد.
  • كلما شنّت الغارات وقويت (على الاسلام)؛ فإنه يجب أن يكون لها مضاد يقابلها، بل يكون أعلى منها فإذا لم يكن ذلك فإنَّ معناه القضاء على الإسلام.
  • لِسلوك العالِـم خطرا بالغا في تأثيره على مّن حوله، فإذا كان العامَّة لا يجدون من أهل العلم الا التكالب على الدنيا كما يتكالب عليها السوقة من عامة الناس، فإنهم لن يثقون أبدا بما عندهم من الإرشادات والعلوم.
  • الواجب علينا مناصحة ولاة الأمور، والا نعتمد على رجل أو رجلين أو ثلاثة أو أربعة، يناصحون ولاة الأمور، فَوُلاة الأمور إذا كثر ناصحوهم، وعرفوا الحق من كل جانب، وجاءتهم النصيحة من كل وجه، فإنهم لا بد أن يلتفتوا إلي ذلك وأن يسلكوا المنهج الذي نسال الله تعالى أن يوفقهم له، وهو منهج النبي صلي الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا.
  • أكثر المساجد - مع الأسف - غالب أئمتها جهال ولا يرشدون ولا ينصحون لا يتكلمون وكان الناس قبل وقتنا الحاضر وقبل أن تفتح عليهم الدنيا، يأخذ إمامهم وأن لم يكن من طلبة العلم بعض الكتب المعتمدة، فيقرؤها على المصلين وينتفعون بها.
  • النكاح في الشرع: "تعاقد بين رجل وامرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالآخر وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم".
  • لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو (تكوين الأسرة الصالحة والمجتمعات السليمة).
  • قال العلماء: إن التزويج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة والآثار الحميدة التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء الله.
  • يكون النكاح واجبا في بعض الأحيان؛ كما إذا كان الرجل قوي الشهوة ويخاف على نفسه من المحرم إن لم يتزوج فهنا يجب عليه أن يتزوج لإعفاف نفسه وكفها عن الحرام.
  • عقد النكاح له شروط نذكر منها:
  • رضا الزوجين: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد ولا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد.
  • الولي: فلا يصح النكاح بدون ولي، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" فلو زوجت المرأة نفسها فنكاحها باطل، سواء باشرت العقد بنفسها أم وكلت فيه.
  • وإذا امتنعت (المرأة) عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه احد ولو كان أباها، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "والبكر يستأذنها أبوها".
  • وهنا نقف قليلا لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي يتحملها الولي بالنسبة إلي من ولاه الله عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها ولا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من أجل طمع فيما يدفع اليه، فإن هذا من الخيانة وقد قال الله تعالى:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}  [الأنفال: 27] . وقال تعالى: {إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج:38] . وقال النبي صلي الله عليه وسلم:  «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» .
  • ترى بعض الناس تخطب منه ابنته يخطبها كفء ثم يرده ويرد آخر وآخر ومن كان كذلك فان ولايته تسقط ويزوجها غيره من الأولياء الأقرب فالأقرب.
  • الجمال المعنوي: كمال الدين والخلق فكلما كانت المرأة أدْيَن وأكمل خُلُقًا كانت أحب إلي النفس وأسلم عاقبة.
  • حصر الرجل على زوجة واحدة قد يفضي إلى الشر وقضاء الشهوة بطريقة أخرى محرمة...
  • (من فوائد تعدد النساء):
  • أنه قد يكون ضروريا في بعض الأحيان مثل: أن تكون الزوجة كبيرة السن أو مريضة، لو اقتصر عليها لم يكن له منها عفاف، وتكون ذات أولاد منه فان أمسكها خاف على نفسه المشقة بترك النكاح أو ربما يخاف الزنا وإن طلقها فرق بينها وبين أولادها فلا تزول هذه المشكلة الا بحل التعدد.
  • إن النكاح سبب للصلة والارتباط بين الناس وقد جعله الله تعالى قسيما للنسب فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}[الفرقان-54]....
  • (التعدد) يترتب عليه صون عدد كبير من النساء، والقيام بحاجتهن من النفقة والمسكن وكثرة الأولاد والنسل وهذا أمر مطلوب للشارع.
  • من الرجال من يكون حاد الشهوة لا تكفيه الواحدة وهو تقي نزيه ويخاف الزنا ولكن يريد أن يقضي وطرا في التمتع الحلال فكان من رحمة الله تعالى بالخلق أن أباح لهم التعدد على وجه سليم.
  • تعدد الزوجات يربط بين أُسَرٍ كثيرة ويصل بعضهم ببعض وهذا أحد الأسباب التي حملت النبي صلي الله عليه وسلم أن يتزوج بعدد من النساء.
  • يجب علينا أن نعلم علما يقينا بأن الأحكام الشرعية كلها حِكَمٌ، وكلها في موضعها وليس فيها شيء من العبث والسفه، ذلك لأنها من لَدُن حكيم خبير.
  • الأحكام الشرعية التي شرعها الله لعباده يجب علينا الرضا بها سواء علمنا حكمتها أم لم نعلم، لأننا إذا لم نعلم حكمتها فليس معناه أنه لا حِكْمة فيها في الواقع؛ إنما معناه قصور عقولنا وإفهامنا عن إدراك الحكمة.
  • (من حِكَم النكاح):
  • حفظ كل من الزوجين وصيانته قال النبي صلي الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج".
  • حفظ المجتمع من الشر وتحلل الأخلاق؛ فلولا النكاح لانتشرت الرذائل بين الرجال والنساء.
  • استمتاع كل من الزوجين بالآخر بما يجب له من حقوق وعشرة؛ فالرجل يكفل المرأة ويقوم بنفقاتها من طعام وشراب ومسكن ولباس بالمعروف قال النبي صلي الله عليه وسلم: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" ...
  • إِحْكامُ الصلة بين الأُسَر والقبائل، فكم من أسرتين متباعدتين لا تعرف إحداهما الأخرى وبالزواج يحصل التقارب بينهما والاتصال ولهذا جعل الله الصهر قسيما للنسب...
  • بقاء النوع الإنساني على وجه سليم؛ فإنَّ كان النكاح سبب للنسل الذي به بقاء الإنسان قال الله تعالى:  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} .
  • لولا النكاح لَـلَزِمَ أحد أمرين إما:
  • فناء الإنسان.
  • أو وجود إنسان ناشئ من سفاح لا يُعْرَفُ له أصل ولا يقوم على أخلاق.
  • تحديد النسل بعدد معين خلاف مطلوب الشارع؛ فإن النبي صلي الله عليه وسلم أمر بتزويج المرأة الولود أي كثيرة الولادة وعلل ذلك بأنه مكاثر بنا الأمم أو الأنبياء.
  • ما الداعي لتحديد النسل؟ هل هو الخوف من ضيق الرزق أو الخوف من تعب التربية؟
  • إن كان الأول فهذا سوء ظن بالله تعالى؛ لأن الله سبحانه وتعالى إذا خلق خلقا فلا بد أن يرزقه ... قال تعالى في الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر:  {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}  [الإسراء 31].
  • وإن كان الداعي لتحديد النسل هو الخوف من تعب التربية فهذا خطأ؛ فكم من عدد قليل من الأولاد أتعبوا أتعابا كبيرا في التربية، وكم من عدد سهلت تربيتهم بأكثر ممن وهم دونهم بكثير.
  • المدار في التربية صعوبة وسهولة على تيسير الله تعالى، وكلما اتقى العبد ربه وتمشى على الطرق الشرعية سهل الله أمره قال الله تعالى:  {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}  "الطلاق 4".
  • كما يكون المهر مالا أي عينا يكون كذلك منفعة فلقد "زوَّج النبي صلي الله عليه وسلم امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القرآن".
  • المشروع في المهر أن يكون قليلا؛ فكلما قل وتيسر فهو أفضل اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم وتحصيلا للبركة فان أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.
  • ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير من الناس من النكاح رجالا ونساء وصار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر، فنتج عن ذلك مفاسد منها:
  •  تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح.
  • أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلي المهر قلة وكثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من الرجل لامرأته فإذا كان كثيرا زوجوا ولم ينظروا للعواقب وإن كان قليلا ردوا الزوج وإن كان مرضيا في دينه وخلقه.
  • انه إذا ساءت العلاقة بين الزوج والزوجة وكان المهر بهذا القدر الباهظ؛ فإنه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها ولو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها.
  • ولو أن الناس اقتصدوا في المهر وتعاونوا في ذلك وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير وراحة كبيرة وتحصين كثير من الرجال والنساء.
  • فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا وكسوة وسكني فان بخل بشيء من الواجب فهو آثم ولها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه ويلزمه الوفاء.
  • والأصل في الطلاق أنه مكروه إذ أنه يحصل به تفويت مصالح النكاح السابقة، وتشتيت الأسرة ... ولكن لما كان الطلاق لا بد منه أحيانا، إما لتأذي المرأة ببقائها مع الرجل، أو لتأذي الرجل منها، أو لغير ذلك من المقاصد، كان من رحمة الله أن أباحه لعباده، ولم يحجر عليهم بالتضييق والمشقة.
  • ... فان طلقها (الزوج) وهي حائض فقد عصى الله ورسوله، وارتكب محرما، ويجب عليه حينئذ أن يراجع ويبقيها حتى تطهر، ثم يطلقها إن شاء، والأولى أن يتركها حتى تحيض المرة الثانية، فإذا طهرت فان شاء امسكها، وان شاء طلقها.

 

  • 1
  • 0
  • 1,813

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً