أثر المعصية على الحياة الأسرية
المعصية هي عكس الطاعة، ومعصية العبد لربه هي مخالفة أمره وارتكاب الذنوب، وهي تنقسم إلى معاصي القلب ومعاصي الجوارح، فمعاصي الجوارح مثل النظر إلى العورات والاستماع إلى ما حرم الله، والكذب، والغيبة والنميمة، والسخرية والخوض في الباطل
المعصية هي عكس الطاعة، ومعصية العبد لربه هي مخالفة أمره وارتكاب الذنوب، وهي تنقسم إلى معاصي القلب ومعاصي الجوارح، فمعاصي الجوارح مثل النظر إلى العورات والاستماع إلى ما حرم الله، والكذب، والغيبة والنميمة، والسخرية والخوض في الباطل، وقذف المحصنات الغافلات، ومن معاصي القلب: الكبر والغرور والرياء، والبخل وحب الدنيا، والحسد والبغضاء.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
شكوتُ إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأعلمني بأن العلم نـــــــــــــور *** ونور الله لا يُهدى لعاصـــي
وأعظم ما في الذنوب والمعاصي أنها سبب لسخط الله وغضبه؛ قال بلال بن سعيد رحمه الله: "لا تنظر في صغر الخطيئة، ولكن انظر من عصيت".
والحياة الزوجية عندما يعيش أهلها في معصية الله من نظر وسمع وكلام، فإن المعصية تحول الحب إلى بغض، والشوق إلى إعراض، والائتلاف إلى تنافر؛ قال أحد السلف: "إني لأعصي الله فأعرف ذلك في سوء خلق زوجتي وتعثر دابتي".
تقول فتاة: بعد زواجي صارحني زوجي أنه كانت له علاقات مع فتيات، وقد تاب إلى الله فصدقته، ولكن مع الأيام اكتشفت أنه لم يترك هذه العلاقات، وبعد المواجهة أخبرني أنها مجرد مكالمات فقط، ثم بدأ يسافر مع أصحابه، والمفاجأة أنه كان يذهب إليهن ويعاشرهن في الحرام.
وشاب يقول: تزوجت من فتاة جميلة وهي قريبة لي، لكني وجدت زوجتي لا تصلي، حاولت معها بالترغيب والترهيب، حاولت معها بكل طاقتي، أنا أحبها، فهل أطلقها؟
أيها الإخوة، وأيتها الأخوات، كلنا نعرف أن الوقوع في الخطأ والمعصية من أقدار الله تعالى على عباده؛ قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، وَلَجَاءَ بقوم يذنبون فيستغفرون الله»، وقال صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون».
وهنا على الزوجين عند وقوعهم في المعاصي عليهم التوبة إلى الله، والعودة إليه، والندم على فعلها، ثم تركها؛ قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
إن الله قدَّر هذه الذنوب والمعاصي لتحدث أثرًا إيجابيًّا في حياة الناس عند التوبة منها، ومنها الحياة الزوجية حتى يعود الزوجان إلى الله، ويتقربا منه، ويفعل كل منهما ما أمره الله تجاه صاحبه، فيبتعد عن السخرية والضرب، والعناد والاحتقار، والبخل والغيبة، والحسد والنميمة.
أما حين تكون هذه المعاصي طغيانًا وجبروتًا من أحدهما على الآخر، فهي رجس من عمل الشيطان، ولا يفعل ذلك مع شريكه إلا من تسلط الشياطين عليه من أنس وجنٍّ، فأقول لمن وقع هو أو شريك حياته في المعاصي:
• رفقًا بنفسك وبأصحابك وبأسرتك، ولا تيأس من رحمة الله، ولا يشغلنك الشيطان بذنبك، أو ذنوب غيرك، فلا تعيروهم، وافتحوا لهم أبواب الأمل بالله والتوبة إليه، فمن الصحابة الكرام وكرام الناس من وقع في معصية السرقة والزنا وشرب الخمر، ثم تاب، فتاب الله عليه، صحيح أن الذنب عظيم، لكن لا تعين الشيطان على صاحبك، فيبتعد عن طريق النور والهداية.
• استعظِمِ الذنب مهما صغرت الخطيئة؛ يقول ابن مسعود: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه"؛ فلا تتساهل وتتوسع في النظر والسماع والذهاب إلى ما حرم الله، فإن ذلك يضعف النفس، ويورث احتقار الصغائر من المعاصي.
• ابتعد عن أصحاب السوء والمعاصي، ولا تجلس معهم؛ فإن المعصية لها مقدمات وأسباب؛ كالدخول على المواقع السيئة، والتساهل في النظر إلى الأفلام والصور الخليعة، والاجتماع مع أصدقاء السوء، والسفر معهم، والخلوة بهم لمعاقرة ما حرم الله.
• اشغل نفسك وأسرتك بطاعة الله، والعمل الصالح، والتطوع ومساعدة الناس؛ كصلاة السنن، وصيام التطوع، وصلة الرحم، وطلب العلم النافع، وزيارة المرضى، والدعوة إلى الله، ونشر الخير كيفما كان.
أسأل الله أن يبعد عنا وعنكم سوء المعاصي والغفلة، وأن يجعل بيوتنا عامرة بالطاعة والعمل الصالح وحسن الخلق، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.
__________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش