{ اهبطا منها جميعا }

منذ 2022-01-21

حقيقةً لا ندري هل مرَّ على المخلوقات أمرٌ أصعبُ من هذا الأمر، فمن رضا الله وجنات فيها ما لا عين رأت، إلى أرض تحتاج إلى لُقمة الطعام الواحدة فيها إلى جهدٍ وعملٍ لتحصل عليها..

حقيقةً لا ندري هل مرَّ على المخلوقات أمرٌ أصعبُ من هذا الأمر، فمن رضا الله وجنات فيها ما لا عين رأت، إلى أرض تحتاج إلى لُقمة الطعام الواحدة فيها إلى جهدٍ وعملٍ لتحصل عليها، ناهيك عن مقارعة عدو لدود يزيِّن لك المعصية ويُسهلها، وما زالت تلك الآية إلى الآن تقضُّ مضجعي وأنا أتلوها: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف: 21، 22].

 

لا أدري لمَ ير المعظم نفسه في منأى عن هذه الآية والاستفادة منها، أليست كل طاعة لله هي جنة؟

فهذا يقول جنتي في قرآني، والآخر: في صلاتي، وكل إنسان صالح له جنة يستمتع بها، ثم يأتي الشيطان لينزلنا من هذه المرتبة، ويبعدنا عن هذه الطاعة ويحرمنا تلك المتعة، وكل حجته في هذا إني لكما لمن الناصحين، افعلوا كذا واستمتعوا.

 

ستتوبون قريبًا، انظروا كيف تعيش الناس وأنتم محرومون، ورويدًا رويدًا تحين اللحظة القاسية لحظة الخروج من نور الطاعة إلى ذل المعصية والعياذ بالله، وينقلب النعيم إلى عذاب روحي وجسدي متتابع، ولسان حالنا يقول: نعم لقد خرجنا من الجنة فمتى العودة؟

أيها الأحبة، إن العودة لجنة الطاعة هي الخطوة الأولى، فهيَّا بنا نلج من باب التوبة المفتوح برحمة الله ليل نهار، وليكن هدفنا دومًا أن نكون من السابقين في الخيرات، وأختم رسالتي هذه بقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 27].

 

يكفينا صدمتنا بخروجهم من جنة الآخرة، فلا نخرج أنفسنا من جنة الدنيا، فإنها والله مذلة قلَّ من يعرف حجمها، وشتان بين من جعل هدف حياته أن يرتقي يوميًّا في سيره إلى الله، وبين من استجاب لنصيحة الشيطان، فضعف عزمُه، وقلَّ صبرُه عن الشهوات والفتن، فولَج باب المعاصي والعياذ بالله.

 

فيا ليتنا نتوب قبل أن يقال لنا: اهبطا منها جميعًا.

________________________________________________
الكاتب: فاطمة محمد عبود

  • 4
  • 0
  • 899

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً