معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها - (القابض الباسط)
من اعتقد بأن الله تعالى بيده قبض الأرزاق وبسطها وأيقن ذلك سَهُل عليه الإنفاق وبذل المال في وجوه الخير والبر
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(القابض الباسط)
- الدليل:
عن أنس رضي الله عنه، قال: «غلا السِّعرُ على عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، سعِّر لنا، قال: (إنَّ اللَّهَ هوَ المسعِّرُ، القابِضُ، الباسطُ، الرَّازق، وإنِّي لأرجو أن ألقى ربِّي وليسَ أحدٌ منْكم يطلُبني بمظلِمةٍ في دمٍ ولا مالٍ)» [رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني. ]
- المعنى:
القابض اسم فاعل من القبض، وهو في اللغة الأخذ بجميع الكف والإمساك، والقبض خلاف البسط، قال ابن الأثير: "الباسط: الذي يبسط الرزق لعباده ويوسّعه عليهم بجوده ورحمته، والقابض: الذي يمسكه عنهم بلطفه، فهو الجامع بين العطاء والمنع". (جامع الأصول لابن الأثير)
وهذان الاسمان من الأسماء المتقابلة التي لا ينبغي إفراد واحدٍ منهما عن الآخر، خصوصاً اسم القابض، فالكمال أن يُذكرا معاً لبيان كمال قدرة الله تعالى في قبضه وبسطه، ومنعه وعطائه.
فالله القابض الباسط، أي: الذي بيده تضييق الأرزاق وتقتيرها، كما أن بيده بسط الأرزاق وتوسعتها، قال عزَّ وجلَّ: ﴿ {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } ﴾ [البقرة: ٢٤٥] ، وكل ذلك لحكمةٍ يعلمها سبحانه وتعالى، فهو العليم الخبير البصير بعباده، قال تعالى: {﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾} [الإسراء: ٣٠] .
وقد أخبر الله تعالى بأنه لو بسط الأرزاق للعباد لبغوا في الأرض وتجاوزوا الحد، قال تعالى: ﴿ { وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } ﴾ [الشورى: ٢٧] .
كما يأتي القابض بمعنى الذي يقبض الأرواح عند حضور آجالها، والباسط الذي يبسط الأرواح في الأجساد.
- مقتضى اسمي الله القابض الباسط وأثرهما:
هذان الاسمان الكريمان فيهما إثبات صفتي القبض والبسط لله تعالى، فينبغي للعبد الاعتقاد بأن الله تعالى له القدرة الكاملة التامة في قبض الأرزاق والأرواح وبسطها، وأن قبضه وبسطه راجع لحكمته وعلمه بحقائق الأمور وعواقبها.
ومن اعتقد بأن الله تعالى بيده قبض الأرزاق وبسطها وأيقن ذلك سَهُل عليه الإنفاق وبذل المال في وجوه الخير والبر، لذا فإن الله تعالى حثَّ عباده على الإنفاق في سبيله وبذل المال في وجوه الخير، لأنه سبحانه هو الذي يقبض المال ويضيقه، وهو الذي يوسّعه ويبسطه، قال تعالى: ﴿ {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ﴾ [البقرة: ٢٤٥] ، يقول ابن كثير: "أنفقوا ولا تبالوا فالله هو الرزاق يضيق على من يشاء من عباده في الرزق ويوسعه على آخرين، له الحكمة البالغة في ذلك". (تفسير ابن كثير)
- التصنيف: