كيف تروضين طفلك كثير الحركة؟
تشكو بعض الأمهات النشاطَ الزائد لطفلها، وتتساءل هل هذا النشاط طبيعي؟ وكيف يمكن تهذيبه؟
تشكو بعض الأمهات النشاطَ الزائد لطفلها، وتتساءل هل هذا النشاط طبيعي؟ وكيف يمكن تهذيبه؟
ولكل الأمهات نقول: خلق الله - سبحانه وتعالى - للطفل العديد من الطاقات، منها الطاقة الحركية، وليس من السهل أن نكبت هذه الطاقة داخل الطفل، ولكن بإمكاننا تهذيبها، وفق استعدادات الطفل.
وهناك التباس بين النشاط العادي لأي طفل والنشاط الزائد، فاللعب والحركة، مطلبان طبيعيان، وعنصران أساسيان من عناصر النمو الجسماني، والنفسي، والذهني، والاجتماعي للطفل، ولكنهما ينبغي أن يكونا في حدود المعايير الطبيعية، وإلا انقلبا إلى مرض هو ما يطلق عليه اسم "فرط النشاط"
والطفل الذي يعاني النشاطَ الزائد كمرض، ليس لديه القدرة على الراحة والاسترخاء، ويبدأ ظهور النشاط المفرط في سن الثالثة تقريباً، ولكنه يتضح بصورة جلية في سن دخول المدرسة؛ حيث يكون الطفل كثير الحركة، والقلق، والتململ، ويكون اندفاعياً في تصرفاته قليل التركيز، شارد الذهن، وغير قادر على توطيد صداقات، ولا يستطيع الجلوس طويلاً في مكان واحد.
صفات وأعراض النشاط الزائد:
قد يصاحب الطفلَ ذا النشاط الزائدِ بعضُ الصفات منها:
* تغير المزاج وعدم استطاعة التحكم في الانفعالات.
* عدم الثقة في النفس.
* عدم القدرة على اتخاذ القرار.
* السلبية وسرعة الشكوى، والغضب، والاكتئاب أغلب الأوقات.
* الاتجاه إلى العناد عند المعاقبة بشدة.
* حركة مستمرة مع عدم الجلوس إلا بمصاحبة الاهتزاز، والقفز.
* عدم التركيز لفترة كبيرة.
* عدم التكلم بطريقة جيدة (صوته عال – يتكلم كثيراً – يقول كلمات غير واضحة – صراخ فجائي – أحياناً يتهته – يقاطع المحادثات – يبدو شارداً في الكلام).
* عدم النوم بسهولة والتقلب كثيراً أثناء النوم، وأحلامه عبارة عن كوابيس وقد يبكي أثناء النوم.
أسباب النشاط الزائد:
من أهم أسباب النشاط الزائد للطفل: أن الطفل عادة يبحث عن اهتمام أبويه, ولفت انتباههم ولو بارتكاب الأفعال الخاطئة، والمشاغبة ليشعر بحبهم واهتمامهم حتى لو تعرض للضرب، وقد يدفعه حب الاستطلاع، واكتشاف ما حوله من أشياء بفكها، وتركيبها؛ فهو يمارس حقاً طبيعيا ليكتشف البيئة من حوله.
وأما الأسباب العامة لفرط النشاط لدى الأطفال، فهي متعددة؛ فقد تكون طبية كالأنيميا المزمنة، والأنيميا الوراثية، وضعف الغدة الورقية، ونقص السكر في الدم، والتسمم بالرصاص، والإصابة بالطفيليات، وضعف النظر والسمع، وإصابات بالمخ (أثناء الحمل – الولادة)، والحوادث التي تؤثر على الجمجمة.
وقد تحدث نتيجة لإصابة الطفل بالأمراض المعدية، خاصة الأمراض التي تؤدي إلى إصابة المخ مثل: الحمى الشوكية، والحميات المختلفة التي قد تؤثر في المخ إذا لم تعالج في الوقت المناسب بالعلاج السليم.
وتعد الوراثة والأمراض النفسية الناتجة عن تفكك الأسرة أو التعرض لحوادث خطرة، أو مواقف مؤلمة من العوامل المؤدية إلى إصابة الطفل بفرط النشاط.
وقد تتسبب بعض الأطعمة والمواد الحافظة في تطور وزيادة المرض لدى الأطفال المصابين لذا ينصح بتزويد الطفل بغذاء صحي خالٍ من الصبغات الصناعية للمواد الحافظة.
طرق العلاج:
هناك الطرق العلاجية النفسية لتحويل، وتبديل السلوكيات، وتطوير المعرفة، وكيفية تعامل المدرسة مع الطفل، وإن أمكن وضعه في أحد فصول التربية الخاصة المزودة بكوادر فنية تعني بكيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال.
وللتعامل مع هذه الحالة يجب على الطبيب المعالج والأبوين، أن يجلسوا معاً للوقوف على متطلبات هذا الطفل اجتماعياً وتربوياً وعلمياً؛ لكي يدرك الأبوان كيفية التعامل مع الطفل، ويجب على الأبوين أن يعيدا ترتيب أثاث المنزل بما يتناسب مع نشاط الطفل الزائد، وإبعاد الأشياء سهلة الكسر والآلات الحادة عن متناول يديه.
خطوات علاجية ينصح بها الخبراء:
* أن نضع برنامجاً تربوياً لتفريغ هذه الطاقة وإلا فإنه سوف يرتجل اللعب فيصبح – بالفعل - (طفلاً مشاغباً) خاصة إن كان كل أصدقائه هكذا فإنه يكتسب العديد من الارتجالية في اللعب.
علينا أن نعلم الطفل مهارة تناسب سنه.
* نحاول أن نشغل وقت فراغه، وامتصاص حب الاستطلاع عنده بطريقة تربوية بأن نختار أنواع من الألعاب تتميز بالفك والتركيب (مثل المكعبات)، وتذكري أن (النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ) فما بالك بالطفل المسكين الذي لا يجد من يشغل له وقت فراغه.
* حتى ندرب الطفل على التركيز، والجلوس الهادئ علينا أن نقدم له بعض الألعاب الشيقة المتنوعة، ونجلس معه في البداية لنشرح له مضمون هذه اللعبة؛ حتى يرتبط بالجلوس أكثر، ولا يجوز أن نبدأ بتعويد الطفل على الجلوس فترة طويلة بتقديم شيء يحتاج إلى كتابة أو مجهودٍ ذهنيٍ كبيرٍ حتى لا يمل.
* نشجعه على الأعمال الحسنة وهذا ما يدفعه إلى القيام بها.
* حاولي ألا يكون رد فعلك على الأعمال السيئة كبيراً؛ حتى لا يكرر العمل مراراً ليشبع رغبته في لفت الأنظار.
وبتقدم سن الطفل يبدو أقل نشاطاً، ولكنهم يظلون يعانون المرض عند البلوغ، إلا أن النضج النفسي والاجتماعي، يساعدهم على توجيه هذه الطاقة الغير عادية إلى سلوكيات مقبولة في المجتمع باشتراكهم في الأنشطة الرياضية المختلفة، والعمل في الوظائف التي تتطلب نشاطاً غير عادي.
ونسبة كبيرة من الأطفال ذوي النشاط الزائد يقل لديهم هذا النشاط الزائد، ويصبحون أكثر تركيزاً بتقدم السن تقريباً، وما يتراوح بين ثلث ونصف الأطفال المصابين بفرط النشاط، يصبحون طبيعيين لا فرق بينهم وبين الآخرين عندما يصلون إلى سن الشباب.
_____________________________________
الكاتب:د. دعاء العدوي