” الحــرص على الأوقـات ”
وقتك هو عمرك الذي تعيشه فاحرص على استغلاله فيما يقربك من الله عز وجل وابتعدي عن سفاسف الأمور وتوافهها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول:
قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه15] ، وقال صلوات الله وسلامه عليه: كما في الحديث الذي يرويه ابن عباس رضي الله عنهما «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» (رواه البخاري).
وقتك هو عمرك الذي تعيشه فاحرص على استغلاله فيما يقربك من الله عز وجل وابتعدي عن سفاسف الأمور وتوافهها …
واعلم أن الساعة بل الدقيقة التي تذهب من عمرك لن تعود إلى يوم القيامة … واليوم الذي أذنت شمسه بالمغيب لن يعود إلى يوم الدين …
وقد كان السلف رضوان الله عليهم يحرصون على استغلال أوقاتهم أشد الحرص …
فهذا يحيى بن زكريا عليهم السلام وهو طفل صغير يُقال له من قبل أقرانه: هيا بنا نلعب، فيقول ماللعب خُلقنا ..
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه اقترب فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ..
فلله دره هو صحابي جليل ساقاه النحيلتان أثقل في الميزان من جبل أحد كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عمر قال لما أُحتضر: لم آسف على شيء في الدنيا إلا على ثلاث ضمأ الهواجر ومكابدة الليل ولم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا يعني الحجاج.
ويقول ابن عمر رضي الله عنهما: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك .
ويقول أحد السلف الصالح: لو فاتني وردي من الليل لم أستطع قضائه في الصباح ـ لانشغال وقته ـ .
وما زال هذا الحرص في سلفنا الصالح إلى زماننا هذا فقد ذُكر عن سماحة الوالد الشيخ ابن باز عليه رحمة الله ورضوانه رضواناً لا ينقطع إلى يوم الدين كان لا تفوت خمس دقائق من عمره إلا بذكر أو تسبيح أو سؤال عن أحوال المسلمين وما صحت سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا فعلها …
ولنا معارف حريصون على استغلال أوقاتهم فما نراهم إلا وهم سباقين في الخيرات يتحدثون ولسانهم مشتغل بذكر الله عز وجل، حياتهم يقضينها في طلب العلم الشرعي وتعليمه … تبتسم في وجهك لأنها تعي وتبسمك في وجه أخيك صدقة … فالجلوس معها والحديث يرفع منسوب الإيمان ….
هكذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يحرصون على استغلالها.
فيا أحباب:
استغلوا أوقاتكم في بناء المجد في الدارين
فاستغلِ الوقت: في الصلاة والصيام والواجبات وتلاوة القرآن والذكر وطلب العلم الشرعي وحضور حِلق الذكر
وفروا من أولئك الاصدقاء الذين يقتلون الأوقات فلا لهم إلا توافه الأمور ذهبنا، أتينا، وفلانة بها كذا وكذا …
يا أحباب:
بيـــــــــد كل شخص أن يصنع مجد أمته بنفسه بحرصه على الوقت بعد توفيق مولانا سبحانه.
اقرأ في سير الصالحين، وكيف كان حرصهم على الوقت، واستعين بالرفقة الصالحة التي تقربك من الله عز وجل، وانخرط في الأنشطة في دور التحفيظ وغيرها فهي خير معين على استغلال الأوقات واعمارها…
وابتعد عما يبعدك من الله عز وجل من غيبة ونميمة، وفضائيات وغيرها ، وتجنب فضول المباحات من الحديث الذي لا فائدة منه فهو أزكى للنفس وأسمى …
وأخيراً
أذكركن بقول الله تعالى: {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون10].
وبقوله صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك» رواه الحاكم وصححه الألباني وبقوله كذلك ـ صلوات ربنا وسلامه عليه ـ «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما» [ (رواه البخاري)
ويقول الشاعر:
دقات قلب المرء قائلــــــــــة له *** إن الحياة دقـــــائق وثوان
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها *** فالذكر للإنسان عمر ثــــان
ويقول الشاعر:
ولدتك أمك يابن آدم باكيـــــــــاً *** والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا *** في يوم موتك ضاحكاً مســروراً
وبقوله كذلك:
سألت الدار تخبرني *** عن الأحباب ما فعلوا ؟؟
قالت أناخ القـــــوم *** أياماً ثم ارتحلــــــــوا
قلت فأين أطلبهــم *** وأي منازل نزلـــــــــوا؟؟
قالت بالقبور ولقــد *** لقوا والله ماعملــــــوا
وفقنا الله لمعالي الأمور وغفر للمسلمين والمسلمات أحيائهم وأمواتهم
- التصنيف: