مشكلات المذاكرة.. الأسباب والعلاج

منذ 2022-09-26

ثمة مشكلاتٌ ثلاث تعُوق المذاكرة الصحيحة، وتتسبب في تدني التحصيل والفهم، وهذه المشكلات هي: النسيان، والشرود، والمَلل.

ثمة مشكلاتٌ ثلاث تعُوق المذاكرة الصحيحة، وتتسبب في تدني التحصيل والفهم، وهذه المشكلات هي: النسيان، والشرود، والمَلل.
وفي هذه المقالة سنقف عند كل مشكلة من هذه المشكلات الثلاث وقفات تفصيلية؛ موضحين جذورَها وأسبابها، ومبيِّنين - أيضاً - كيفيةَ علاجها؛ فأحوجُ ما يحتاجُ الطلاب إليه اليومَ هو الحديثُ عن مشكلات المذاكرة؛ وأسبابها، وعلاجها، حتى تسير في الطريق الصحيح، وتؤتي ثمرتها المرجوَّة، لاسيما وقد أزفت الاختبارات، وأُعلنت حالةُ الطوارئ في الكثير من البيوت؛ نتيجةَ ارتفاع مؤشرات القلق لدى الكثير من أبنائنا الطلاب والطالبات!!

وأول هذه المشكلات:
أولاً - النسيان:
النسيان هو فقدانٌ طبيعيٌّ، جزئيٌّ أو كليٌّ، مؤقتٌ أو دائمٌ، لما اكتسبناه من ذكريات ومهارات حركية.

والنسيان نوعان:
1. نسيان طبيعي: وهو موضوع حديثنا.
2. نسيان مرضي: ناتج عن صدمة دماغية أو انفعالية. 

أسباب النسيان:
1) مرور الزمن: فهناك علاقة بين النسيان والمدة التي تنقضي بعد الحفظ، وتكون درجة الحفظ عالية في الأيام الأولى، ثم لا يلبث ما حُفِظَ أن يَدخُل عالم النسيان.

ولتجنب هذا النسيان ينبغي:
1- استخدام المعلومات المكتسبة باستمرار؛ لأن ذلك يرسِّخها في الذهن، ويجعلها مستعصيةً على النسيان.
2- مراجعة المادة أو الموضوع بعد قراءته مباشرة.. 

وتدور هذه المراجعة حول ثلاث نواح:
أ) استعراض أهم النقط أو الأفكار الأساسية.
ب) ملاحظة الترتيب المنطقي بين هذه الأفكار.
ج) مراجعة الموضوع بعد الاستيقاظ من النوم، أو قبل البدء بالمذاكرة الجديدة.

3- عمل ملخصات للمادة الدراسية حتى تسهل مراجعتها.

2) ضعف المذاكرة:
تنقسم المذاكرة إلى ثلاثة أنواع:
1- مذاكرة مناسبة: وهي المذاكرة التي يمكن للطالب بعدها أن يسترجع المادةَ مباشرةَ استرجاعاً صحيحاً.
2- مذاكرة ناقصة: وهي التي لم تستكمل أصولَها، فإذا اختُبِر الطالبُ بعدها مباشرة فقد يعجز عن استرجاعها.
3- مذاكرة كافية: وهي التي تستمر حتى بعد استرجاع المادة، وهذه أبعد غوراً، وأصلب عُوداً، وأقلُّ تأثُّراً بعوامل النسيان.

الأسباب التي تضعف المذاكرة:
1- ضعفُ اليقظة عند المذاكرة.
2- وصل ساعات المذاكرة دون راحة يُعَرِّضُها للنسيان! 
3- ضعف رغبة الطالب في المذاكرة. 
4- سرعة القراءة. 
5- الانتقال من مادة إلى أخرى مشابهة مباشرة. 
6- عدم الراحة الكافية عقب المذاكرة. 
8- الضوضاء.

ولتجنب النسيان بسبب ضعف المذاكرة ينبغي:
1. التركيز والانتباه والفهم الجيد، والتمييز بين الأفكار، ومعرفة العلاقات بينها.
2. الراحة عقب المذاكرة، والابتعاد عمَّا يشغل الذهن. 
3. عقد النية والعزيمة على المذاكرة؛ فالإنسان يتذكر الأشياء التي يهتم بها. 
4. التمهل والتريث في المذاكرة. 
5. التنويع في المذاكرة، والانتقال من مادة إلى مادة أخرى غبر مشابهة، كالانتقال مثلاً من الرياضيات إلى التاريخ؛ حتى لا يحدث تداخل بين المواد المشابهة. 
6. تجنب المذاكرة في حالة الإرهاق، والاضطرابات النفسية، والجسدية. 
7. المذاكرة في مكان هادئ، بعيداً عن الضوضاء والمشكلات. 

3) العوامل الشخصية:
وقد يحدث النسيان بسبب عامل شخصي؛ كميل الطالب إلى الكبت، أي: كبت بعض الحوادث المؤلمة في نفسه، فيفضل نسيانها.
وقد يرتبط تعلُّم مادة من المواد بحادث مؤلم للطالب، فيترُك ذلك آثاراً سلبيةً على مذاكرة هذه المادة، وهنا لا بد من توضيح الصورة للطالب، والقضاء على هذا الارتباط، وإفهامه أنه لا بد من تعلم هذه المادة ومذاكرتها، وإلا أثَّر ذلك على دراسته.

تجارب على النسيان:
1- العادات والمهارات الحركية أعصى على النسيان من المعلومات والمحفوظات اللفظية.
2- الاتجاهات والمبادئ والأفكار أعصى على النسيان من المعلومات. 
3- النسيان في النهار أسرع منه عند النوم. 
4- هناك علاقة بين النسيان والمدة التي تنقضي بعد الحفظ. 
5- حفظ سريعي التعلم أحسن من حفظ ضعيفي التعلم. 
6- يتوقف مدى ما يحفظه الفرد على طريقة التعلم. 
7- هناك دعائمُ أساسيةٌ تثبِّت المعلومات في الذهن، وهي: 
 أ - الفهم الجيد للمادة.
ب- مراجعة المادة بعد قراءتها مباشرة، وفي هذه المراجعة:
- تُستَعرَض أهمُّ النُّقطِ والأفكار الرئيسية.
- تلاحَظُ العلاقاتُ والوشائج بين هذه الأفكار.
- تُراجَعُ المادةُ في أحيانٍ متقاربة حتى ترسخ في الذهن.
ج - مناقشة المعلومات مع النفس أو مع الغير مناقشةً علميةً نقديةً.

ثانياً- الشرود:
الشرود هو انتقال التفكير من الموضوع الأساسي الهامِّ الذي يفكر فيه؛ إلى موضوع آخر جانبي أقل أهمية.
فالتفكير عند المذاكرة في المشكلات العائلية والعاطفية والاجتماعية نوع من الشرود.
والتفكير عند المذاكرة في المستقبل واحتمالات النجاح والرسوب نوع من الشرود.
وأحلام اليقظة نوع من الشرود..
ويكثر الشرود في الشهور الأخيرة التي تسبق الامتحانات؛ نظراً للقلق الذي يعتري الطلاب قبيل الامتحانات.

وقد ثبت أن هناك علاقة ارتباطية موجبة بين القلق والشرود؛ فإذا ضَعُفَ القلقُ قلَّ الشرودُ، والعكس بالعكس..
ولكن كيف يتجنب الطلابُ الشرود الذي يضيع وقتهم، وقد يتسبب في رسوبهم؟

لعلاج هذه المشكلة:
لا بد من معرفة أسبابها؛ فينبغي أن نعرف الأسباب أولاً حتى نصل إلى العلاج.

أسباب الشرود:
1- أسباب شخصية:
تتعلق بالشخص نفسه؛ فقد يكره الطالبُ المدرسَ الذي يدرسه مادة معينة! لسبب من الأسباب، وسرعان ما تنتقل هذه الكراهية من المدرس إلى المادة الدراسية نفسها.
ولعلاج هذه الحالة ينبغي أن يفصِلَ الطالبُ بين المادة ومدرسها.
كما ينبغي أن يبحث عن جذور هذه الكراهية، ويضع في اعتباره أنه لا توجد مادة سيئة ومادة غير سيئة، ويواجه هذه الكراهية بشجاعة.
وقد يكون سبب الشرود انشغالُ الطالب - خاصة في مراحل المراهقة - بأمور أخرى، كالتفكير في الجنس الآخر مثلاً.

علاج هذه الحالة:
ينبغي لعلاج هذه الحالة ما يلي:
- اختيار المواد الدراسية التي تساعد في التركيز وترك الشرود.
- القراءة بصوت مرتفع.
- الجِدُّ والاجتهاد.

2- أسباب عائلية: 
وقد يحدث الشرود نتيجة المشكلات العائلية، فتكون النتيجةُ فشلَ الطالب.

ولعلاج هذه الحالة: 
ينبغي أن يدرك الوالدان ما عليهما من مسؤولية تجاه ابنهم أو ابنتهم، ولْيعلما أن عليهما عبئاً كبيراً في توفير جو أسري هادئ خال من المشكلات؛ من أجل الأبناء.

3- أسباب موضوعية: 
فقد تكون أسباب الشرود موضوعية؛ تتصل بطبيعة المادة، أو طريقة مذاكرتها.
فكثيراً ما يحدث الشرود عند مذاكرة المواد الصعبة، ويتلاشى عند مذاكرة المواد السهلة.

علاج هذه الحالة:
لعلاج هذه الحالة ينبغي أن يبدأ الطالب مذاكرة المادة الصعبة بعد راحة كافية، تمنحه قدراً من الصفاء الذهني، ويُفَضَّلُ أن تكون مذاكرتُها فجراً، بعد الاستيقاظ من النوم مباشرة.
وقد يحدثُ الشرودُ بسبب طريقة المذاكرة الخاطئة؛ كأن يذاكر مادة تحتاج إلى الفهم بصوت مرتفع!!
والعلاج هو أن يتبع الطالبُ طريقةً مناسبةً في مذاكرة كل مادة على حسب طبيعتها.

التخلص من الشرود:
إن الشرود من المشكلات التي يسهل علاجها والتخلص منها؛ شريطة أن يتبع المتعلمُ التوجيهاتِ والإرشاداتِ التي تساعده في التخلص من الشرود.
لا بد أن يصاحب المذاكرةَ نشاطٌ ما تقوم به؛ كوضع خطوط تحت الأفكار الرئيسة، أو تلخيص بعض الأفكار بلغتك الخاصة، أو كتابة القانون أو القاعدة التي يراد حفظها مرة أو مرتين، أو تدوين بعض الملاحظات في الهوامش..

ثالثاً- الملل:
ينتج الملل عن العمل التكراري الرتيب، الذي يسير على نمط واحد لا تغير فيه.
ويعود الملل إلى عدة أسباب لعل من أبرزها:
- ضعف الدافع إلى المذاكرة.
- غموض الهدف من المذاكرة.
- أساليب المذاكرة الخاطئة؛ كالقراءة بدون فهم، أو في حالة الاضطرابات النفسية الحادة.
- فقدان الثقة بالنفس، وبالقدرة على الفهم.

علاج مشكلة الملل:
من أجل القضاء على الأسباب السابقة؛ يجب:
1. تحديد الأهداف من المذاكرة وتنظيمها.
2. الصبر والمثابرة.
3. التنويع في المذاكرة؛ لتنشيط الذهن، ومقاومة الملل. 
4. عدم مذاكرة مادتين صعبتين في وقت واحد. 
5. الراحة بعد كل وقت مذاكرة. 
6. تغيير مكان المذاكرة بين وقت وآخر. 
7. مراجعة الدروس مع الزملاء. 
8. الترفيه عن النفس، مدة محدودة. 

المراجع:
1- الذاكرة والنسيان، أحمد عطية الله.
2- كيف تستذكر دروسك، زين محمد شحاته.

 

  • 3
  • 0
  • 1,384

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً