الطريق إلى يثرب والأحداث التي دارت فيه

منذ 2022-12-07

قبل الانطلاق إلى المدينة وقف النبي ﷺ على الحزورة ينظر إلى مكة فقال: «علمتُ أنك خير أرض الله، وأحب الأرض إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت».

قبل الانطلاق إلى المدينة وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الحزورة ينظر إلى مكة فقال: «علمتُ أنك خير أرض الله، وأحب الأرض إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت»، وأخذ عبدالله بن أرقط بالركب طريق الساحل، وقد ذكر أصحاب السير الطريق بمنازله ومواضعه، فكان كالآتي: خرجوا من أسفل مكة، ويعنُون بذلك الجهة الجنوبية منها، ثم توجهوا إلى الساحل أسفل من عسفان، ثم أمج، ومنها إلى قديد، ثم الخرار، ثنية المرة، ثم لقفا، ثم مدلجة لقف، ثم مدلجة مجاج، ثم مرجح مجاج، ثم مرجح من ذي الغضوين، ثم من ذي كشر، ثم الجداجد، ثم الأجرد، ثم ذا سلم، ثم مدلجة تعهن، ثم على العبابيد، ثم الفاجة، ثم هبط العرج، ثم سلك ثنية العائر على يمين ركوبة، ثم بطن رئم، ثم إلى قباء، ونزل على بني عمرو بن عوف، وكان ذلك يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول حين اشتد الضحى، وكانت الشمس تعتدل.

 

يروى عن سراقة بن مالك أنه قال: جاءنا رسلُ كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره - والمعروف عند العرب أن دية القتيل مائة ناقة - وقد منَّى سراقة نفسه بهذه الجائزة؛ فقد كان أحد شياطين الصحراء ومن ذوي البأس والشدة، قال: وبينما هو جالس في نادي قومه من بني مدلج إذ أقبل رجل منهم فقال: يا سراقة، إني رأيت آنفًا أسودة بالساحل، أراها محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا مَن قصدت، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، قال: ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت منزلي وقلت لجاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها حتى حضوري، ثم أخذت رمحي وخرجت من طرف البيت، فأتيت فرسي ولحقت بالركب حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فأخرجت الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام فجعل فرسي يقرب بي حتى سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها فأهويت، ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، ثم استقسم بالأزلام فخرج الذي يكره، وهنا شعر بضعفه وأن هناك قوة عليا تحميهما؛ لذلك لجأ إلى المهادنة، فناداهما بالأمان، فوقفوا، قال: فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسه أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم سيظهر، فأخبره أن قريشًا وضعت مالًا لمن يقبض عليهما، ثم عرض عليهم الزاد فلم يأخذوا منه شيئًا، وقالا: أخفِ عنا، ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتاب أمان، فكتب له عامر بن فهيرة في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارًا قافلين من الشام، فكسى الزبيرُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض، وقيل: الذي كساهما طلحة بن عبيدالله، وقيل: عثمان، لما ورد أن طلحة وعثمان هاجرا فيمن هاجر إلى المدينة ثم توجها إلى الشام في تجارة وكانت عودتهما يوم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وأخبر أبو بكر البراء بن عازب عن مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أخذ علينا بالرصد، فخرجنا ليلًا فأحثثنا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة، ثم رفعت لنا صخرة فأتيناها ولها شيء من ظل، قال: ففرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروة معي، ثم اضطجع عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلقت أنفض ما حوله، فإذا أنا براعٍ قد أقبل في غنمه يريد مِن الصخرة مثل الذي أردناه، فسألته: لمن أنت يا غلام؟ فقال: أنا لفلان، فقلت له: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، فقلت له: هل أنت حالب؟ قال: نعم، فأخذ شاة من غنمه، فقلت له: انفضِ الضرع، قال: فحلب كثبة من لبن ومعي إداوة من ماء عليها خرقة قد روَّأتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رضيت، ثم ارتحلنا والطلب في أثرنا.

 

وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرونه ما يردهم إلا حر الظهيرة.

  • 2
  • 0
  • 680

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً