اسم الله (الصمد) ودعوة ل(قضاء حوائج الناس).

منذ 2023-08-30

الصمد: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: أن الله تعالى وحده المقصود لقضاء حوائج العباد..

أيها الإخوة الكرام: اليوم موعدنا لنتحدث عن دعوة الإسلام إلى قضاء حوائج الناس، قال النبي عليه الصلاة والسلام : «"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ "»

نتحدث يومنا هذا عن قضاء حوائج الناس من خلال اسم من أسماء الله الحسنى وهو اسم الله ( الصمد) ..

الصمد: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: أن الله تعالى وحده المقصود لقضاء حوائج العباد..

فلا يقضي الحوائج إلا الله، ولا يستجيب الدعوات إلا الله، ولا يقيل العثرات إلا الله، ولا يفرج هم المهمومين إلا الله، ولا يفك كرب المكروبين إلا الله، ولا يرفع البلايا ولا يزيح الرزايا إلا الله، ولا شافي ولا كافي، ولا معطي، ولا رزاق إلا الله..

قال الله تعالى عن نفسه العلية { ﴿ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلْأَرْضِ ۗ أَءِلَٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾﴿ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشْرًۢا بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِۦٓ ۗ أَءِلَٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾﴿ أَمَّن يَبْدَؤُا۟ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ ۗ أَءِلَٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا۟ بُرْهَٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴾﴿ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلَّا ٱللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾}

قلت: ومن هذا الباب يأتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم «(إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ)»

والسؤال يقول: لماذا؟

لماذا «(إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ)» ؟

والجواب : لأنه سبحانه وتعالى هو الذي يحكم وإذا حكم فلا معقب لحكمه،وهو الذي يقضي وإذا قضى فلا راد لقضاءه..

ومن هذا الزاوية أتى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم {( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ )}

اسم الله ( الصمد) والذي يعني أن لا قاضى لحوائج الخلق إلا الله، ورد اسم الله ( الصمد) في القرآن الكريم مرة واحدة فقط، في سورة واحدة فقط وهى أحدي أعظم ما أنزل الله على رسوله من القرآن، سورة الإخلاص {﴿ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ﴿ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ﴾﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدٌۢ ﴾}

ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثل سورة الإخلاص مع فاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس..

فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ « لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لِي يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ أَلا أُعَلِّمُكَ سُوَرًا مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الزَّبُورِ ولا فِي الإِنْجِيلِ وَلا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهُنَّ لا يَأْتِيَنَّ عَلَيْكَ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتَهُنَّ فِيهَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَالَ عُقْبَةُ فَمَا أَتَتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتُهُنَّ فِيهَا وَحُقَّ لِي أَنْ لا أَدَعَهُنَّ وَقَدْ أَمَرَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.»

ورد أن قريشا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا (محمد) اذكر لنا نسب ربك فنزلت سورة الإخلاص وإن شئتم فقولوا سورة التفريد، أو سورة التجريد، أو سورة التوحيد، أو سورة النجاة، أو سورة الولاية، أو سورة المعرفة، أو سورة الصمد، أو سورة الأساس، أو السورة المانعة، أو سورة البراءة..

{﴿ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ﴿ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ﴾﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدٌۢ ﴾}

«عَنْ قَتَادَةَ بْنُ النُّعْمَانِ أَنَّ رَجُلا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَقْرَأُ مِنْ السَّحَرِ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» لا يَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»» .

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لأَصْحَابِهِ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ﴿ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ﴿ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ﴾﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدٌۢ ﴾ ثُلُثُ الْقُرْآنِ»» .

قال بعض العلماء ومعنى هذه الأحاديث: أن (سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن) أن القرآن أنزل على ثلاثة أقسام: ثلث منها الأحكام، وثلث منها وعد ووعيد، وثلث منها الأسماء والصفات، وهذه السورة جمعت الأسماء والصفات.

ولضيق الوقت فلن نستطيع أن نقف مع جميع آيات سورة الإخلاص يومنا هذا.. حسبنا فقط أن نقف مع آية واحدة وهى قول الله تعالى { ﴿ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ﴾}

وقوله - سبحانه وتعالى- {( الله الصمد )} تعني أن الله - تعالى - وحده هو الذى يَصْمدُ إليه الخلق فى حوائجهم ، ويقصدونه وحده بالسؤال والطلب . .

اسم الله { ( الصمد)} مأخوذ من قولهم (صمد فلان إلى فلان) بمعنى توجه إليه بطلب المعونة .

اشتاقت نفس سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى الولد فطلبه من الله سبحانه وتعالى {﴿ وَقَالَ إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّى سَيَهْدِينِ ﴾﴿ رَبِّ هَبْ لِى مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾﴿ فَبَشَّرْنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٍ ﴾}

وفقد سيدنا يعقوب عليه السلام يوسف وأخاه فلم يرفع شكواه إلا إلى الله مولاه {﴿ قَالُوا۟ تَٱللَّهِ تَفْتَؤُا۟ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَٰلِكِينَ ﴾﴿ قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُوا۟ بَثِّى وَحُزْنِىٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾}

ومرض سيدنا أيوب عليه السلام فالتمس الشفاء من الله وحده {﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّى مَسَّنِىَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ ﴾ ﴿ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُۥ فَكَشَفْنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرٍّ ۖ وَءَاتَيْنَٰهُ أَهْلَهُۥ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَٰبِدِينَ)}

وطلب سيدنا سليمان عليه السلام الملك الواسع من مالك الملك سبحانه وتعالى {﴿ قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَّا يَنۢبَغِى لِأَحَدٍ مِّنۢ بَعْدِىٓ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ ﴾ ﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِۦ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ ﴾﴿ وَٱلشَّيَٰطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ ﴾﴿ وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فى ٱلْأَصْفَادِ ﴾﴿ هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾}

وطلب سيدنا زكريا عليه السلام الذرية الصالحة الناصحة من الله سبحانه وتعالى {﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّى وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾﴿ وَإِنِّى خِفْتُ ٱلْمَوَٰلِىَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِى عَاقِرًا فَهَبْ لِى مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا ﴾ ﴿ يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ ۖ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾﴿ يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ ٱسْمُهُۥ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُۥ مِن قَبْلُ سَمِيًّا ﴾}

ذلك أن الله سبحانه وتعالى هو {( الصمد)} هو وحده المقصود لقضاء حوائج الخلق أجمعين، هو مالك الملك، هو صاحب الأمر والنهي، هو القابض، هو الباسط، هو الفعال لما يريد {﴿ أَوَلَيْسَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلَّٰقُ ٱلْعَلِيمُ ﴾ ﴿ إِنَّمَآ أَمْرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيْـًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ﴾﴿ فَسُبْحَٰنَ ٱلَّذِى بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾}

فعلقوا آمالكم بالله وحده أيها المؤمنون، واستعينوا بالله وحده، وفي السراء والضراء قولوا (يا رب) وألحوا على الله تعالى ولا تملوا، فالله تعالى يستحي إن رفع العبد يداه إليه أن يردهما صفرا خائبتين..

قال النبي عليه الصلاة والسلام «( مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ)»

قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: «لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ وَإِنِّي لَا أُرَانِي إِلَّا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي» ..

أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟ يَا بُنَيِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِي..

... قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ الزبير يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلَاكَ؟ قَالَ اللَّهُ..

قَالَ عبد الله فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَّا قُلْتُ يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ..

قال عبد الله فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِلَّا أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ وَدَارًا بِالْكُوفَةِ وَدَارًا بِمِصْرَ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ..

قال عبد الله وَمَا وَلِيَ الزبير إِمَارَةً قَطُّ وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ..

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ..

قَالَ عبد الله فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي كَمْ عَلَى أَخِي مِنْ الدَّيْنِ قال فَكَتَمَهُ فَقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ؟! وَاللَّه مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ قَالَ مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي..

قَالَ وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ فأتاه الناس بالغابة فأعطى كل ذي حق حقه وبقى لآل الزبير من المال بقية...

نسال الله بأسماءه الحسنى وصفاته العلا أن يفرج هم المهمومين، وأن يقضي الدين عن المدينين إنه سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم النصير..

الخطبة الثانية

بقى لنا في ختام الحديث عن اسم الله الصمد والذي يعني أنه سبحانه وتعالى القاضي لحوائج عباده كرما وإحسانا وإنعاما بقى لنا أن نقول:

وماذا يراد منا؟

وما الذي يدعونا إليه إيماننا باسم الله (الصمد)؟

إيماننا باسم الله ( الصمد)يدعونا لأن نتقرب إلى الله وأن نسأله باسمه الصمد فعن بريدة: أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسالك أني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت ‌الأحد ‌الصمد ‌الذي ‌لم ‌يلد ‌ولم ‌يولد ‌ولم ‌يكن ‌له ‌كفواً ‌أحد، فقال عليه الصلاة والسلام : "لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب"»

إيماننا باسم الله {(الصمد)} يدعونا لأن نتداوى فيما نتداوى به باسم الله {( الصمد) } فعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان، قَالَ: « دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا مَرِيضٌ فَقَالَ: «أُعِيذُكَ بِاللَّهِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ مِنْ شَرِّ مَا تَجِدُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ يَا عُثْمَانُ تَعَوَّذْ بِهَا فَمَا تَعَوَّذْتُ بِخَيْرٍ مِنْهَا»»

إيماننا باسم الله {(الصمد)} يدعونا لأن نتخلق بأخلاق الله سبحانه وتعالى، ونسعى جاهدين صادقين مخلصين في قضاء حوائج الناس قال جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ «( لَدَغَتْ رَجُلًا مِنَّا عَقْرَبٌ وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْقِيهِ؟! فَقَالَ عليه الصلاة والسلام (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ)»

الكلمة الطيبة التي يتحرك بها لسانك، والنفقة التي تنفقها بيدك، والمعروف الذي تبذله، والخير الذي تفعله، والخطوة التي تمشيها صادقا مخلصا محتسبا في قضاء مصالح الناس لا ينساها الله لك..

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» ..

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا جميعا العلم النافع، وأن يشرح صدورنا للعمل الصالح إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.

  • 0
  • 0
  • 1,370

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً