الصوفية .. سلاح علماني جديد لخوض الإنتخابات في مصر
الصوفية .. سلاح علماني جديد لخوض الانتخابات في مصر
يقول تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في أوج الاستعدادات التي تقيمها الأحزاب المصرية للاستعداد والحشد للانتخابات، تبدأ بعض الأحزاب التي ضاع وزنها في مصر بالبحث عن منافذ للتسلل إلى داخل ميدان المعركة الانتخابية، و يجد العلمانيون في البلد أنفسهم وهم أقل في الناحية العددية من الإسلاميين الذين ظلت آلاتهم السياسية تعمل وفي حالة استعداد منذ أجيال.
والآن، يأمل بعض الساسة ذوي الاتجاه العلماني في استمداد القوة من مستودع غير مفتوح للهوية الدينية صوفيي مصر الذين يعتنقون فهماً صوفياً زاهداً للإسلام بحسب اعتقادهم، ويرفع لواء إقامة دولة ليبرالية.
ويضيف التقرير الذي نشرته صحيفة القدس الفلسطينية، "لقد نما إحساس العلمانيين بالحاجة الملحة لتجييش قوة انتخابية وفيرة بشكل أكثر حدة مؤخراً، مع النجاح الذي حققه حزب النهضة الإسلامي في تونس، حيث بدأ الاتجاه العربي المؤيد للديمقراطية، ومع ظهور مرشحين إسلاميين بعد أن أغلقت عملية التسجيل للانتخابات الأسبوع الماضي.
وثمة 45 مليون مصري يحق لهم الانتخاب، والجميع يتنافس على أصواتهم، وهم يحددون الهوية الدينية ذات الاتجاه السائد الاعتدال والشمولية والشخصانية أكثر بكثير من السياسية.
يقول أشرف فتح الباب، وهو الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الذي يعد أحد حزبين سياسيين قريبين للعلمانيين، ويدعي راهناً بأنه يضم عشرات الآلاف من الأعضاء الصوفيين: "نستطيع القول للشعب بأن يكون معتدلاً وليس متطرفاً، وبأن يرفع راية العلم والفكر، من أجل تشكيل مصر جديدة حديثة".
وتسري تلك الدعوة أيضا على المسيحيين في مصر، الذين يشكلون حوالي 10 % من السكان ومن جهته، يقول إبراهيم زهران، الذي أسس حزب التحرير المصري في فبراير الماضي مع زعيم إحدى أكبر الطرق الصوفية في مصر أو المدارس الأيديولوجية، إن هناك حوالي ثمانية مرشحين مسيحيين سيخوضون الانتخابات البرلمانية ضمن قائمة الحزب البرلمانية. ويهدف الحزب اليساري العلماني إلى تحدي الإسلاميين.
لكن، إذا كان العلمانيون مثل السيدين الباب وزهران يأملون في إيقاظ العملاق السياسي النائم في مصر، فإنهما سيواجهان تحدياً كبيراً فالصوفيون قادمون سياسيون جدد لا يقرنون أنفسهم، بعيداً عن معارضتهم للإسلام السياسي، بأي أيديولوجية سياسية في ذلك الحساء الأيديولوجي، نجد أن الشق الإسلامي-العلماني قد نجم كنقطة إشارة رئيسية للقوى السياسية المصرية الجديدة في السباق نحو الانتخابات البرلمانية المقررة الآن أن تبدأ يوم 28 نوفمبر الحالي، وتستمر لستة أسابيع ومن المتوقع أن تجري الانتخابات الرئاسية في السنة المقبلة.
وقد لوحظ افتقار الصوفيين إلى الفطنة السياسية في أغسطس الماضي. وذلك عندما نظم زعيم صوفي مسيرة في ميدان التحرير في القاهرة رداً على مظاهرة إسلامية كانت قد جرت قبل أسبوعين واستقطبت المسيرة مئات قليلة وحسب من المواطنين. وبدا القليل من الصوفيين مهتمين بعمل استعراض عام للتعبير السياسي والتشاحن بين شيوخ الصوفيين الذين يمثلون مختلف الطرق الصوفية حول دعوة أعدادهم للنزول إلى الشارع.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة: "لا أرى أي رجل بمفرده أو مجموعة بمفردها تستطيع الادعاء بأنها تمثل كل الصوفيين... ولذلك، فإننا لا نعرف كفاف الصوفيين في هذا البلد وكم من القوة يمثلون".
ويعرف الصوفيون أكثر ما يكون في الغرب لدروشتهم اللولبية التي تعكس ممارستها التأملية التأكيد الصوفي الأيديولوجي على الاستبطان الروحي، والذي يرفض الانشغال الدنيوي في الدوائر السياسية، كما قال أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة أكستر.
وقال السيد عاشور: "وتتضارب الفكرة للتطلع إلى السلطة برمتها في الحياة الدنيا مع التذلل لله سبحانه وتعالى الذي تنص عليه المبادئ الصوفية".
وقال الدكتور نافعة إن الطبيعة النافرة من السياسة لدى الصوفيين جعلت منهم عرضة للتعاون مع النظام السابق للرئيس حسني مبارك الذي أطيح به في فبراير الماضي. وكان نظام مبارك قد خلق مجلساً صوفياً للطريقة، وعين زعيماً دينياً صوفياً راغباً محمد الشهاوي، في منصب شيخ شيوخ مصر.
وخلال الثورة التي شهدتها مصر في الشتاء الماضي، دعم الشيخ الشهاوي نظام مبارك. وأعطى الارتقاء السياسي المفاجئ للإسلاميين الآخرين في مصر للزعماء الصوفيين مسوغات جديدة لتشجيع أتباعهم على الدخول في الصراع السياسي.
ويقول السيد زهران زعيم الحزب الجديد، إنه يتوقع أن يجند ثماني طرق صوفية أخرى، ما يرفع الأتباع إلى 50.000 شخص. وقد أدرج حزبه نحو 80 مرشحاً برلمانياً لمجلس النواب، حيث سيتم التنافس على 498 مقعداً. والسيد زهران نفسه ليس صوفياً، لكنه يقول إنه يتوقع أن تصبح الصوفية قوة لا يستهان بها وقد نظم حزبه عدة مراكز تدريب لتثقيف الصوفيين الشباب حول النشاط السياسي.
وهذا مؤشر يدلل على أن العلمانية التي فقدت مكانتها في مصر، وجدت من تستغلهم للحصول على مرادها في المرحلة السياسية القادمة، لكن الواقع يؤكد أن الشعب المصري الذي يمتلك كما كبيرا من المتعلمين يعلمون أن مصر بحاجة لقيادة راشدة تجيد إخراجها من المرحلة السياسية الصعبة التي تعيشها.
- التصنيف: