جريمة حرب!

منذ 2023-10-20

قصف المستشفى المعمداني،يعد جريمة حرب، وحين يقوم الاحتلال بهذه الجريمة فإنه يعلم أنه محمي من قبل داعميه الغربيين الذين لا يأبهون بهذه الدماء البريئة التي تسيل في كل شبر من قطاع غزة

عندما يسقط قرابة 500 شهيد ومئات الجرحى في قصف للاحتلال الإسرائيلي يوم الثلاثاء (17 أكتوبر 2023)، على ساحة المستشفى الأهلي المعمداني، فإن ذلك يعد جريمة حرب يعاقب عليها مرتكبها وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ لأنه خالف القوانين الدولية التي كفلت الحماية العامة والخاصة للمستشفيات وقت الحروب والقتال.


فالقانون الدولي الإنساني يوفر حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية وذلك في اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977)، واتفاقية لاهاي (1954).
وتشمل المواقع المدنية: المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة وغيرها من المنشآت المحمية بموجب القانون.


كما خصصت حماية خاصة للمستشفيات في اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 18)، إذ لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، ويجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات.
وتنص الاتفاقية في المادة 19على: "عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية".

في حين تلزم اتفاقيات جنيف الأربع -المادة الثالثة المشتركة- جميع الأطراف بوجوب "جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم".


كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 القرار (2675) الذي ينص على أن "منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن تكون هدفا للعمليات العسكرية"، ولذلك "لا يسمح أبدا بالهجمات العشوائية أو المستهدفة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين الذي يعملون بصفة إنسانية".


وتشكل الهجمات المتعمدة ضد المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب، بموجب نظام روما الأساسي، في حين يشكل استهداف المستشفيات، وأماكن تجمع المرضى والجرحى، بشكل متعمد "جريمة حرب"، بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

إسرائيل والحماية الغربية:
حين يقوم الاحتلال بهذه الجريمة فإنه يعلم أنه محمي من قبل داعميه الغربيين الذين لا يأبهون بهذه الدماء البريئة التي تسيل في كل شبر من قطاع غزة، الذي يرزح أهله تحت حصار منذ أكثر من 15 عاما، والحكمة تقول: من أمن العقوبة أساء الأدب.
إن العالم الغربي الذي يتباكى على قلعة الحرية والديمقراطية التي ضُربت يوم السابع من أكتوبر، لا يرف له جفن حين يقتل المدنيون، وتهدم عليهم بيوتهم، وتقطع عنهم المياه والكهرباء، ويحرمون من العلاج والدواء، بل أكثر من ذلك فرعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان يبررون للجاني جريمته، ويوفرون له الحماية والذخائر التي يقتل بها ويهدم ويفجر ويدمرحتى مراكز العلاج.

اعتراف ثم تنصل ثم اتهام الضحية:
بمجرد حصول الهجوم الوحشي على المستشفى الأهلي بغزة خرجت حسابات إسرائيلية تبنت قصف المستشفى، وكان من بين تلك الحسابات: حساب المتحدث باسم الإعلام الرقمي للجيش الإسرائيلي حنانيا نفتالي، الذي قال في تغريدة: "سلاح الجو الإسرائيلي يقصف قاعدة تابعة لحماس داخل مستشفى في غزة. مقتل عدد من الإرهابيين.. من المفجع أن حماس تطلق الصواريخ من المستشفيات والمساجد والمدارس، وتستخدم المدنيين دروعا بشرية".
لكن حنانيا ما لبث أن حذف التغريدة سريعا، وعلّق بتغريدة أخرى قائلا: "في وقت سابق نشرت خبرا نُشر على وكالة رويترز حول القصف على المستشفى في غزة، الذي ذكر بشكل خاطئ أن إسرائيل قصفت المستشفى. لقد شاركت هذه المعلومات عن طريق الخطأ في منشور حُذف منذ ذلك الحين، أشرت فيه إلى استخدام حماس الاعتيادي للمستشفيات لتخزين مخابئ الأسلحة، والقيام بنشاطات إرهابية. أعتذر عن هذا الخطأ".
ولأن كل جريمة لابد أن يكون لها فاعل، فقد خرجت حسابات رسمية إسرائيلية عدة تؤكد أن مَن قصف المستشفى هي حركة الجهاد الإسلامي، ومن بين تلك التغريدات: تغريدة حساب دولة إسرائيل التابع للخارجية الإسرائيلية، على موقع إكس، والذي نشر مقطعا ادعى فيه أن فصائل المقاومة هي من قصفت المستشفى.
وهنا لابد من التعريج على التخبط الحاصل لدى الاحتلال؛ حيث اتهم في البداية حماس، ثم عدل عن ذلك واتهم الجهاد الإسلامي بإطلاق فاشل لصاروخ سقط على المستشفى.
نقطة أخرى لابد من الانتباه لها والإجابة على سؤال بشأنها وهي:
مَن يملك تلك الأسلحة ذات القدرة التدميرية الهائلة؟ هل لدى حماس أو الجهاد أو غيرهما من الفصائل الفلسطينية هذه الرؤوس الحربية المدمرة؟ وإذا كان لدى أي منها شيء من ذلك، فلماذا لم يستخدمها حتى الآن؟.
إن إلقاء نظرة سريعة على المشاهد التي رصدت لحظة الانفجار الشديد، ومشاهدة الارتفاعات الشاهقة لألسنة اللهب، وأعداد الضحايا، كل ذلك يؤكد أنه ناتج عن مقذوف موجه ذي قوة تدميرية هائلة لا يتوفر أصلا لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وإذا استرسلنا مع الرواية ومقاطع الفيديو الصهيونية التي ادعت أنه صاروخ تم اعتراضه فسقطت شظاياه على المستشفى، فلنا أن نتساءل: هل الشظايا تحدث كل هذا الدمار وتشعل هذه الحرائق الهائلة؟ ولماذا تقتل الصواريخ الفلسطينة شخصا واحدا أو اثنين داخل الكيان الصهيوني بينما تقتل وتجرح مئات الأشخاص إذا سقطت داخل غزة؟ أليس هذا الدعاء استخفافا بالعقول؟ وماذا نقول عمن يصدقه دون أي دليل؟.

شهادات مراسلي القنوات الإعلامية 
هذا المعنى الذي ذكرناه سابقا أشار إليه بعض مراسلي القنوات الغربية، ومنهم مراسل إم إس إن بي سي الأمريكية في إسرائيل حين قال في مداخلة تلفزيونية: "هذه حالة واضحة من ضبابية الحرب، يجب أن نكون واضحين، إن بي سي غير قادرة على الدخول إلى غزة. الحدود الإسرائيلية مغلقة، والحدود المصرية كذلك مغلقة، فريقنا غير قادر على الدخول إلى القطاع للتحقق مما حدث مباشرة. كما يجدر التنبيه إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يوفر إلى اللحظة أي دليل لدعم ادعائه بأن السبب كان صاروخا لحركة الجهاد الإسلامي. هم يشيرون إلى معلومات استخباراتية لم يكشفوا عنها بعد. كما تجدر الإشارة إلى أن هذا العدد من القتلى لا يتناسب مع ما يُنسب عادة للصواريخ الفلسطينية. هذه الصواريخ خطيرة ومميتة، لكنها غير قادرة على قتل مئات الأشخاص في ضربة واحدة".

أما مراسل بي بي سي فقال: تواصلنا مع الجيش الإسرائيلي للتعليق عما حدث، وقالوا إنهم يحققون، لكن من الصعب تصور ما عساه يكون بالنظر لحجم الانفجار، عدا كونه غارة إسرائيلية أو غارات عدة، لأنه عندما نشاهد صواريخ منطلقة من غزة لا نرى انفجارات بذلك الحجم. قد نشهد مقتل 6 أشخاص أو أكثر بقليل في ضربات صاروخية مشابهة، لكننا لم نشهد انفجارا بهذا الحجم في المقطع الذي شاهدته منذ قليل.
أما حركة الجهاد الإسلامي التي وجه إليها الاحتلال التهمة فقالت: "العدو يبرر من خلال الأكاذيب استهدافه للمشافي بهدف التنصل من المسؤولية عن جريمته"، مضيفة أن "توجيه الاتهام نحو الجهاد الإسلامي لن يعفي العدو من مسؤوليته عن المجزرة".


وأضافت: "مستشفى المعمداني وغيره في غزة تلقى أمام مرأى العالم تهديدات علنية بالإخلاء تحت طائلة القصف" وأن "الاتهامات التي يروج لها العدو باطلة، والمقاومة لا تستخدم المنشآت العامة مراكز عسكرية".
وأكدت الحركة أن "تضارب روايات العدو يكشف كذبه، وما يردده على وسائل الإعلام محض فبركة وافتراء".

 

  • 1
  • 0
  • 437

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً