{فبهداهم اقتده}

منذ 2023-11-08

"كل إنسان عليه أن يكون قدوة صالحة لمن حوله، سواء بأفعال أو أقوال أو أخلاق"

{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]؛ قال الواحدي: "الاقتداء في اللغة: الإتيان بمثل فعل الأول لأجل أنه فعله، و(بهداهم) متعلق بـ"اقتده"، وقيل: الاقتداء طلب موافقة الغير في فعله، وقدَّم تعالى (فبهداهم) لتفيد الحصر، فيجب أن يقف عند هداهم، ولا يتعداه عن هدى غيرهم.

 

من هو القدوة؟

هو من يُقتدَى به، ويُتَّخَذ مثالًا في سلوكه وأخلاقه، وحركاته وسكناته، ولقد جعل الله تعالى هذه الأُمَّةَ أُسوة وقدوة لجميع الأمم، في دينها وفي معتقدها، وفي سلوكها وأخلاقها، ومعاملاتها وقِيَمِها، وجميع أمورها، وجعل في هذه الأمة أئمةً يُقتدى بهم في الخير؛ فقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]، والأنبياء عليهم السلام جميعًا قُدُوات؛ لذا أمر الله تعالى نبينا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم بالاقتداء بهم.

 

ونحن – المسلمين - ليس لنا قدوة سوى رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، ومن سواه لا يُقتدَى به، إلا إذا كان داخلًا في الخير والخيرية التي دعا إليها صلى الله عليه وآله وسلم.

 

كيف نكون قدوة صالحة؟

كل واحد منا يجب أن يكون قدوة، وإن كانت القدوة تختلف من شخص إلى آخر، فالأب في إطار بيته وهكذا الأم، والمعلم في إطار طلابه، وصاحب العمل في إطار عمله، والمدير في مجال إدارته، والموظف بين أصحابه، والطالب بين زملائه، والمرأة بين أخواتها بسترها واحتشامها وحيائها، وهكذا كل إنسان عليه أن يكون قدوة صالحة لمن حوله، سواء بأفعال أو أقوال أو أخلاق؛ يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله: "من استطاع منكم أن يكون إمامًا لأهله، إمامًا لحيِّه، إمامًا لمن وراء ذلك، فإنه ليس شيء يحفظ عنك إلا كان لك منه نصيب؛ يعني إما في الخير وإما في الشر"، وفي حديث عن أبي جحيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سَنَّ سنةً حسنةً فعمِل بها بعده، كان له أجره ومثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومن سن سنةً سيئةً فعمل بها بعده، كان عليه وزره ومثل أوزارهم، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا»؛ (رواه ابن ماجه).

ولقد كان من دعاء الصالحين لربهم: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]؛ أي: واجعلنا أئمة هدًى يقتدي بنا أهل التقوى، في الفعل والقول، وفي إقامة الدين، وسؤالهم هذا هو كذلك سؤال لأعلى درجات العبودية، وهي درجات الكُمَّل من عباد الله والصديقين، وهي درجة الإمامة في الدين، وهذه الدرجة السامية لا تتم إلا بالصبر واليقين؛ كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]، فالسعيد من كان قدوة في سلوكه وأخلاقه وعبادته، مفتاحًا للخير، مِغْلاقًا للشر.

 

ولا بد لمن كان قدوةً أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويقتفي أثره، ويتخلَّق بأخلاقه.

  • 3
  • 1
  • 289

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً