وقفات تدبرية (1)
أول جبهة حرب داخلية يواجهها المؤمن أثناء سيره وطريقه هي نفسه التي بين جَنْبَيهِ، فهو يأخذ من عزيمته كي ينتصر عليها بإلجامها عن الهوى واتباع الشهوات، وترويضها على الخير
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]:
أول جبهة حرب داخلية يواجهها المؤمن أثناء سيره وطريقه هي نفسه التي بين جَنْبَيهِ، فهو يأخذ من عزيمته كي ينتصر عليها بإلجامها عن الهوى واتباع الشهوات، وترويضها على الخير، في ثباتها على القيم والمبادئ زمن الانحلال، في الصبر على ترك ما "يحب" وفيما " يجب أن يكون"، في الإخلاص ودفع الرياء، في إتيان المكاره والطاعات.
قد أفلح من زكاها وربَّاها وألجمها ونقَّاها، وقد خاب من دسَّاها.
• {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: 48].
أُمِرَ العبد بالتبليغ ولم يُؤمَر بضرورة الإجابة، ورؤية ثمار دعوته وبلاغه قد أيْنَعَت، وشمس التغيير قد حلَّتْ وبزغت.
مات عطاء بن أبي رباح العالِم الزاهد والأرض تشهد له بصلاحه، ولم يكن يشهد درسه سوى ثمانية أو تسعة من الأفراد.
في كلام لطيف لبعض المفسرين في تفسير قول الله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] قال: "... قيمة الأعمال في النفس مستمدة من بواعثها لا من نتائجها، فلتكن النتائج ما تكون، فالإنسان غير معلَّق بهذه النتائج، إنما هو معلَّق بأداء العبادة في القيام بهذه الأعمال، ولأن جزاءه ليس في نتائجها، إنما جزاؤه في العبادة التي أدَّاها".
أيها الدعاة الواقفون على الثغور: نعوذ بالله من يأس يدِبُّ في القلب لقلة الأعداد المتابعة، ونعوذ بالله من حرص على رضا الناس، ونعوذ به من التفات على الطريق لجذب الأفراد؛ أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: «احرص على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجِزْ».
_______________________________________________
الكاتب: نسيم إسماعيل الديسي
- التصنيف: