التعريف المختار للعالمانية

منذ 2024-03-11

وخلاصة تعريفنا للعالمانيَّة أنَّها : مَبْدَاً يقومُ على إِنْكَارِ مَرْجِعِيَّةِ الدِّيْنِ أو سُلْطانِهِ في تنظيم شُؤُونِ النَّاسِ، بعضها أو كُلُّها، انْطِلَاقًا مِنْ مَرْجِعِيَّةِ الإِنْسَانِ

 

تحديد المصطلحات أمر غاية في الأهمية، لأن التلاعب بالمصطلحات مجال يستخدمه أهل الباطل لتضليل الناس وخداعهم ولذلك فإن إبراهيم عليه السلام طلب من قومه التعريف بمنهجهم قال تعالى: {(إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ) } وهنا مقال مُستل من كتاب: (العالمانية طاعون العصر) للدكتور المجاهد التونسي/ سامي عامي بيَّن فيه تعريف العالمانية وشرحه بعد استعراض طويل لكثير من المفاهيم، والكتاب رائع في بابه وينبغي الرجوع إليه، والآن مع تعريف الدكتور:

وخلاصة تعريفنا للعالمانيَّة أنَّها : مَبْدَاً يقومُ على إِنْكَارِ مَرْجِعِيَّةِ الدِّيْنِ أو سُلْطانِهِ في تنظيم شُؤُونِ النَّاسِ، بعضها أو كُلُّها، انْطِلَاقًا مِنْ مَرْجِعِيَّةِ الإِنْسَانِ لإدراك الحقيقة والمنفَعَةِ الكامِنَتَيْنِ في هذا العالم.

وفي توضيح ذلك أَقُولُ :

مبدأ: العالمانية أَصْلُ تَنْبَيْقُ منه الأفكار، وليسَتْ من فروع الاجتهاداتِ، فهي أَصْلِّ لِتَصوراتٍ كُبرى مُهَيْمِنةٍ على الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي ...

إنكار : تَجاوز سُلطان الدِّينِ ليس راجعا إلى الرَّغْبَةِ المصلحِيَّةِ المجرَّدة، ولا إلى اعتبارات ظرفيَّة، وإنما يعودُ الأمْرُ برُمَّتِه إِلى عَدَمِ الإقرار بِحَقِّ الدِّيْنِ في التَّدَخُلِ فِي شُؤُونِ الخَلْقِ .

مَرْجِعِيَّةُ الدِّين أو سُلطانه : ليس للأُلُوهِيَّةِ اعتبار على الأرض، فقد يُقر للإله بالسلطان في السَّماءِ لكنَّ الأَمْرَ على الأرض يعود إلى الإنسان وَحْدَهُ، فالإله ليس مرجعا في الأرضِ؛ لأنَّ طبيعةَ الدِّيْنِ أَلَّا يَتَدَخَلَ فِي شُؤُونِ العَامَّةِ (ولا الخاصة أيضًا)، وحتى لو ادعى ذلك لنفسه، فإنَّ على الإنسانَ أَنْ يُنكِرَ هذا السلطان الذي نَسَبَهُ هذا الإلهُ لِنَفْسِهِ!

تنظيم شؤون النَّاسِ : يُخْرِجُ هذا الضَّابِطُ مِنْ التَّعريفِ ردَّ الحُكْمِ الديني في غير تنظيم شُؤُونِ الحياة في غير العالمانيَّةِ المستوعبة لكامل الوجود الإنساني .

بعضها أو كلها : رَدُّ بعض الأمر الديني تُمثْلُهُ العالمانية الجزئية، أمَّا ردُّ كُلِّ الأمر فتُمَثْلُهُ العالمانية الشاملة.

مرجعية الإنسان لإدراك الحقيقة والمنفعة: العالمانيَّةُ لا تَنْطَلِقُ مِن رَفْضِ الدين، وإنما تنتهي إليه من الأصْلِ الأَوَّلِ المتمثل في أن يكون الإنسانُ بِمَلَكَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ المَرْجِعَ الوحيد في تحديدِ الحقِّ من الباطل والمنفعة من الضَّرَرِ.

الكامنتين في هذا العالم: هذا العالم هو الحقيقةُ المُتَيَقَّنُ من وُجودِها، والنَّفْعُ الذي فيه مضمون إذا سعى إليه الإنسانُ ضِمْنَ النَّواميس المعروفة بدلالة العلم، ولذلك على الإنسانِ أَلَّا يَتْرُكَ اليقين إلى المشْكُوكِ فيه أو المتَوَهَّم وجوده لأنَّ ذلك من ضَعْفِ العَقْلِ أو هَيْمَنَةِ الوَهْم على وَعْيِ الإنسانِ إِنْ العالمانية هي الهرُوبُ إلى العالَمِ رَدًّا على هُرُوبِ النَّصرانية الأرثودكسية من العالم.

  • 2
  • 0
  • 109

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً