كيف نساهم في تحرير فلسطين

منذ 2024-05-17

إنها مَسْرَى النبي وأُولى القبلتين وثالث الحرمين، وإن ما حدث مؤخَّرًا من عدوان غشوم على غزة المحاصرة، وارتكاب أشد وأفظع أنواع الجرائم من إبادة وقتل، وتشريد وتدمير لكل شيء؛ ليضع كل واحد منا أمام مسؤولياته في نصرة فلسطين.

لا ريب أن احتلال فلسطين على أيدي اليهود، وضياعها من حَوزةِ المسلمين غُصَّةٌ في حَلْقِ كلِّ مسلم، وأن ما يفعله الكِيانُ المحتلُّ على مدار العقود الماضية من تهجير وتشريد، وتقتيل لأهلها، واغتصاب لأرضهم، ونهب لخيراتها؛ ليجعلَ المسلم يعيش حالة من الأسى والكَمَد، والشعور بالعجز عن مدِّ يد العون لهم، أو فعل شيء يمكن أن يُغيِّر به الحال المرير إلى حال أفضل، والبعض يستسلم للواقع المرير، ولسان حاله أنْ ليس باليد حيلة ممكنة، فيحاول أن يتناسى الأمر، ويتعايش معه مستسلمًا له تارة، وهاربًا منه تارة أخرى، إلا أنه بين الحين والآخر تقتضي حكمة الله أن يقع حادثٌ يُعيد للأذهان وَقْعَ تلك المأساة الكبرى، والمصيبة العظمى، التي حلَّت بأرض مسلمة هي الأرض المقدسة، التي مكانتها ليست كغيرها من الأماكن؛ إنها مَسْرَى النبي وأُولى القبلتين وثالث الحرمين، وإن ما حدث مؤخَّرًا من عدوان غشوم على غزة المحاصرة، وارتكاب أشد وأفظع أنواع الجرائم من إبادة وقتل، وتشريد وتدمير لكل شيء؛ ليضع كل واحد منا أمام مسؤولياته في نصرة فلسطين.

 

 

بيت المقدس وفلسطين في القرآن الكريم:

قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]، فالمسجد الأقصى محل الآيات، ومَنزلُ البركات، وقال تعالى في شأن إبراهيم ولوط عليهما الصلاة والسلام: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [سبأ: 18]، فكلما ذُكِرَت أرض فلسطين، ذُكِرت معها البركة.

 

 

بيت المقدس وفلسطين في السنة النبوية:

أخرج مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: ((قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أولًا؟ قال: «المسجد الحرام»، قلت: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى»، قلت: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة، وأينما أدركَتْكَ الصلاةُ، فصلِّ؛ فإنه مسجد».

 

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:  «لا تُشَدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى».

 

 

واجبنا نحو بيت المقدس وفلسطين:

أولًا: الوعي الصحيح بالقضية:

لا بد أن يعرف كل واحد منا طبيعة الصراع وحقيقته وأبعاده، وأنه صراع بين الحق والباطل، وأن القدس بالنسبة لنا - نحن المسلمين - استخلافٌ من الله، وحملٌ لأمانة بيت المقدس، واستلام النبي الخاتم - وأُمَّته من بعده - رايةَ قيادة البشرية من جميع الأنبياء، وأن الله سلب هذه الأمانة من اليهود لإفسادهم في الأرض، وإعراضهم عن الحق، وتحريفهم لدين الله.

 

إن أرض فلسطين هي أرض إسلامية من ميراث النبوة، لا يمكن التنازل عنها، أو التقاعس عن تحريرها.

 

ثانيًا: دعم أهل فلسطين:

الجهاد بالمال، ودعم أهل فلسطين والقدس، ومساعدتهم على التشبُّث بأرضهم، والتَّمَتْرُس فيها، فهم لهم همومهم الدنيوية، وأزمات اقتصادية، ومضايقات مستمرة، وهدم بيوتهم، ونسفها، وتفجيرها، خاصة بيوت المقاومين منهم.

 

ثالثًا: الدعاء والتضرع لله:

الدعاء سهم من سهام القَدَرِ، وهو أسهل العبادات، ونداء ربانيٌّ؛ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].

 

لا ينبغي أن يفوِّت المسلم وقتًا من أوقات العبادة، أو موسمًا من مواسم الطاعة، إلا ويذكر فيه فلسطين والأقصى، وغزة وأهلها، وليكن لهم نصيبٌ يوميًّا من دعائك في سجودك في الصلاة المفروضة، والنوافل، وقيام الليل، والصيام، ويوم عرفة، وأيضًا في العمرة والحج وسائر الأوقات.

 

رابعًا: تربية أبنائنا على حب فلسطين:

إن من واجب فلسطين علينا أن نربي أبناءنا على حب فلسطين، وعلى معرفة مكانتها، وحتى تبقى القضية حيَّةً مشتعلة في قلوبهم، متواصلة مترابطة، يسلمها جيل إلى الجيل الذي يليه؛ لأن أبناءنا - إن لم نكن نحن - هم جيل النصر والتحرير إن شاء الله.

 

خامسًا: نشر القضية بين عموم المسلمين:

على كل واحد منا أن يُحدِّث أهله ومعارفه، وأقاربه وأصحابه، ودوائرَه الاجتماعية والعلمية، فلا يشارك إعلاميُّونا ومثقَّفونا وعلماؤنا ورياضيونا في أي مناسبة تجمعهم مع مَن يمثِّل دولة الكيان، حتى يكون هؤلاء منبوذين دائمًا، فلا يندمجوا بيننا، وكيف ذلك وهم لأرضنا يحتلون، ولإخواننا يقتلون ويعذبون، ولأرض فلسطين والقدس مغتصبون؟

 

سادسًا: المقاطعة الاقتصادية:

وهي واجب على كل مسلم غيور، فلا يجب أن يدفع المسلم أيَّ مبلغ قلَّ أو كثُر لشراء منتج، هو من صنع عدو المسلمين الأول، ومحتل أرضهم، وسافك دماء المسلمين، مَنِ ارتكب الإبادة الجماعية، وجوَّع الأطفال، ودمَّر المساجد والبيوت، والمستشفيات والمدارس، وكل مظهر من مظاهر الحياة.

 

ولنعلم أن أموال هذه المنتجات التي نشتريها هي شِريانُهم الاقتصاديُّ، الذي يمدهم بأسباب البقاء، ويمد مصانعهم بالملايين والمليارات لصناعة أسلحتهم الفتَّاكة، التي تقتل المسلمين، وتُذيقهم أصناف الرعب والمعاناة.

 

فاحرص على ألَّا يقع مالك في خزينة هؤلاء، فلا تكن سببًا في صناعة رصاصة يُقتَل بها مسلم.

 

اللهم حرِّر المسجد الأقصى من دَنَسِ بني صهيون، وامْنُنْ علينا بصلاة في محرابه، أو شهادة على أعتابه.

___________________________________
الكاتب: مدحت عبدالوهاب

  • 0
  • 0
  • 426

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً