حلاوة المنطق لا تغني عن العمل

منذ 2024-05-21

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} [النساء: 81].

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} [النساء: 81].

 

تأملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ...}، لتعلم أن بعض الناس حلو المنطق، عذب اللسان، إذا أمر بأمر يقول: يقول أمرك مطاعٌ، على العين والرأس، لَكَ مِنِّي طَاعَةٌ، أنا رهن إشارتك، لكنه قول بلا فعل، ودعوى بلا بينة، ومتى كان يغني القول عن صاحبه شيئًا إذا أُمِر فلم يفعل؟

فإذا خطب أحدهم عن الصلاة خطبة عصماء، وجمع كل ما قيل في فضلها، وأنشد فيها قصيدة بتراء، وهو تارك للصلاة، فهل يغني عنه ذلك شيئًا؟

 

وإذا اعترض فقير طرق غني، فسأله كسرة خبز يُسكت بها جوعَه، ويسد بها رمقَه، فأسمعه الغني من عبارات الأسى على حاله ما لو دون لكان كتابًا، ثم تركه ومضى، فهل يغني عنه شيئًا؟

 

هذا شأن كثير من العصاة، يؤمر بطاعة عنده فيها تقصير، أو يُنهى عن معصية له فيها جد واجتهاد، فينبري يُحدثك عن أثر الطاعة على صاحبها، ولذة اجتنائها، وحلاوة طعمها، وخطر معاقرة الآثام، وسوء عاقبتها، وهو كما هو مُقيم على الغيِّ، مستمرٌّ على العصيان، موغل في النأي والإعراض.

 

وهو أولى الناس بقول القائل:

 

يُعطيكَ مِن طَرَفِ اللِسانِ حَلاوَةً   ***   وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الثَّعلَبُ 

 

ولم يَدرِ المسكين أن حلاوةَ منطقه لا تُغنيه عن العمل.

 

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي، وَلَكِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ يُعْقَلُ، وَعَمَلٌ يُعْمَلُ»[1]، وقَالَ الْحَسَنُ البَصْرِيُّ: "لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ، مَنْ قَالَ حَسَنًا وَعَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ رَدَّهُ اللهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَمَنْ قَالَ حَسَنًا وَعَمِلَ صَالِحًا رَفَعَهُ الْعَمَلُ"[2].

 


[1] رواه الخلال في كتاب السنة، ‌‌بَابُ مُنَاكَحَةِ الْمُرْجِئَةِ، حديث رقم: 1212، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 273).

[2] رواه البيهقي في شعب الإيمان، ‌‌باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه وتفاضل أهل الإيمان في إيمانهم، حديث رقم: 66.

________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب

  • 0
  • 0
  • 222

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً