منشغلون بالثورات.. منشغلون هم بنيجيريا والصومال
منذ 2012-01-08
بينما يمر العالم العربي بسلسلة من الثورات والتغييرات هائلة؛ فإن الاستراتيجيات الغربية لا تتوقف عن تنفيذ برامجها في داخل إفريقيا، وتحديداً السودان ونيجيريا والصومال...
بينما يمر العالم العربي بسلسلة من الثورات والتغييرات هائلة؛ فإن الاستراتيجيات الغربية لا تتوقف عن تنفيذ برامجها في داخل إفريقيا، وتحديداً السودان ونيجيريا والصومال؛ فالسودان الذي شهد تكريساً للانفصال الجنوبي بالتزامن مع الثورة المصرية تحديداً يواجه تحدياً جديداً اليوم لا يتعلق فقط بدعم دولة الجنوب للمتمردين في الشمال، وصناعة القلاقل في السودان الشمالي؛ وإنما في إنضاج علاقة استراتيجية مع الكيان الصهيوني كانت دوماً موجودة في السابق لكنها اليوم تأخذ منحنى العلاقة بين "دولتين"، ولا يتعلق بدعم الكيان لحركات متمردة مثلما كانت تسمى قبل عشرين عاماً في الثقافة السودانية السياسية السائدة.
لدينا الآن مشروعات تنجز بين الكيانين، وتهديداً حقيقياً لتماسك دولة السودان، وتهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، وامتداداً واضحاً للعلاقة التي تربط بين "إسرائيل" وكل من أوغندة وإرتريا وتنزانيا، وبعضها كما هو معلوم يعد من دول منابع النيل الرئيسية.
ونيجيريا، تلك الدولة المسلمة التي تمثل مخزوناً بشرياً إسلامياً هائلاً لا يمكن تجاهله في إفريقيا، يساوي في مجمله مجموع سكان المسلمين في ثلاث دول عربية بالشمال الإفريقي، أو كتلة سكانية مقاربة لتعداد المسلمين في القرن الإفريقي كله، بمجموع سكان يتجاوز الثمانين مليون نسمة، يمثل نسبة تفوق 60% من سكان هذه البلاد التي تحوي أكبر تعداد سكاني في إفريقيا برمتها، لا يمكننا إزاءها أن نتجاهل ما نجم من الإخلال بالمنظومة التوافقية في البلاد بين المسلمين و"المسيحيين" على التعاقب على منصب الرئاسة وتقاسم المناصب السيادية في البلاد بما همش كثيراً من حظوظ المسلمين في بلادهم وأشعرهم بالاضطهاد، بما أفرز حركات تطالب بطرد "المسيحيين" في الشمال كتلك التي اصطلح على تسميتها "بوكو حرام"، بما تجسده من تطور متوقع وطبيعي لرد الفعل المتوقع على حالة الاضطهاد والتهميش والإزاحة للقوى الإسلامية في البلاد تحت ذرائع مناهضة التطرف وبمبررات لا يمكن استساغتها أبداً لو كان ثمة عدالة تحكم الحالة النيجيرية وليس معيار القوة الدولية المهيمنة على الغرب الإفريقي كما شرقه..
فإلى شرقه إذاً حيث ترفدنا الأنباء بخبر استيلاء قوى "التحالف" الإثيوبي والصومالي التابع للرئيس شريف أحمد على بلدة بلدوين الاستراتيجية، فيما تنساب القوى الكينية والأوغندية في طول البلاد وعرضها باسم فرض "سيادة" الدولة الصومالية، وقتال شباب المجاهدين، وهو تبرير هو الآخر لا يقدم إلا سوى تزييناً لاحتلال كامل لبلد إسلامي استراتيجي في إفريقيا.
نحن كمسلمين نخسر كل يوم أرضاً جديدة، وننكفئ على ذواتنا في وقت ترسم فيه خرائط الدول الاستراتيجية التي تمثل كثيراً لقارة إفريقيا ككل، ولنا كمسلمين العقيدة والتاريخ والمقاومة، ولا نبادر إلى مباشرة وضع أي خطة لتحرير هذه البلدان أو وقف الزحف العالمي في جنباتها، والواجب يتحتم علينا طرق كل سبيل لوضع هذه البلدان في دائرة اهتمام الشعوب الإسلامية والعربية قبل أن تضيع كما ضاعت أندلسنا قبل 520 عاماً من الآن، ونكتفي حيالها الآن بـ"الاحتفال" بذكرى ضياعها قبل أيام!
المصدر: موقع المسلم
- التصنيف: