النهي والتحذير عن كثير من المحرمات التي وقع فيها أكثر الناس

منذ يوم

إن الله -تعالى- كما افترض عليك الفرائض، حرَّم عليك المحرَّمات، وتوعَّد مرتكبيها بالوعيد الشديد والعذاب الأليم،

اعلم - أيُّها المسلم - أن الله -تعالى- كما افترض عليك الفرائض، حرَّم عليك المحرَّمات، وتوعَّد مرتكبيها بالوعيد الشديد والعذاب الأليم، فحرَّم الشرك وأخبر - سبحانه - بأنَّه لا يغفره، وأنَّه يحبط كل عمل صالح؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]، وحرَّم الاستهزاء بالدين أو بشيء منه أو بأهله، وأخبر أنه كفرٌ؛ قال -تعالى-: {وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65- 66]، وحرَّم الحكم بغير ما أنزل الله، وأخبر بأنه كفر به؛ قال -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، وحرَّم موالاة الكفار وتصحيح مذهبهم والتشبه بهم، وأخبر بأنه كفر؛ قال -تعالى-: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]،

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن تشبَّه بقوم فهو منهم»[1]، وحرَّم قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وحرَّم اليمين الفاجرة، والظلم، وشرب الخمر، وشهادة الزور، والكذب والخيانة، والكبر، والحسد، والشحناء، والغيبة والنميمة، وأكل الربا وأموال اليتامى ظلمًا، وتناول الحرام على أيِّ وجهٍ كان؛ سواء أكان من سرقة، أو اغتصاب، أو خيانة، أو غش، أو قمار، أو غير ذلك، وحرَّم الزنا واللواط، وأخبر - سبحانه وتعالى - بأنهما فُحْشٌ عظيم، وجُرْمٌ شنيع، تَوَعَّدَ فاعلَهما بالعذاب الأليم، وحرَّم - سبحانه وتعالى - التصوير واقتناء الصور، وجاءَت الأحاديث الصحيحة بأن كل مصوِّر في النار، وأن أشدَّ الناس عذابًا يوم القيامة المصورون، ومن صُوِّر عن رضًا منه واختيار فهو كالفاعل، وحرَّم الله الغناء والعزف والاستماع إلى ذلك؛ سواء أكان المغنِّي رجلًا أم امرأة؛ لأن الغناء وآلات اللهو - كالعود، والمزمار، والكمنجة، والربابة، ونحو ذلك - لَهْوٌ باطل يصدُّ عن ذكر الله، ويضل عن سبيله؛ قال -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6]، فسَّر ابن عباس وابن مسعود وغيرُهما لهوَ الحديث بالغناء والمزامير، وروى البخاري عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليكوننَّ من أمتي أقوامٌ يستحلُّون الحرَ، والحرير، والخمر، والمعازف»؛ الحر: الزنا، والمعازف: آلات اللهو.

 

وروى الترمذي عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما نَهَيْتُ عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمةٍ؛ لهوٌ ولعبٌ ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة؛ خمش وجوه، وشق جيوب، ورنَّة»، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.

 

وحرَّم الله حلق اللِّحى، وجاءت الأحاديث الصحيحة بالنهي الأكيد عن حلقها، والأمر بإعفائها وقص الشوارب؛ ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حُفُّوا الشوارب، وأرخوا اللحى»، وكره صلى الله عليه وسلم النظر لرسولَي كسرى لمَّا رآهما قد حلقا لحيتيهما وأطالا شاربيهما، وقال لهما: «ويلكما، مَن أمركما بهذا» ؟))، قالا: أمرنا ربُّنا - يعنيان: كسرى - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولكنَّ ربي أمرني بإعفاء لحيتي، وقص شاربي»[2]، واللحية: اسم لكل ما ينبت على اللحيين والعارضين والذقن من الشعر، وهي ميزة ميز الله بها الرجل عن المرأة تدلُّ على رجولته، فكيف تستسيغ - يا حالق لحيته - أن تتشبَّه بالنساء وبالمجوس وتغيِّر خلق الله، وقد حرَّم الله عليك ذلك؟!

وحرَّم الله على الرجال لبس الذهب والحرير؛ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه، وقال: «يَعْمِد أحدكم إلى جمرة من نار، فيجعلها في يده»[3]، وأخبر - عليه الصلاة والسلام - في حديث آخر بأن الله حرَّم على ذكور أمته لبس الذهب والحرير وأحلَّه لإناثهم[4]، وشرب الدخان الذي تفشَّى بين الناس فلم يسلم منه إلا القليلُ، ذكر المحقِّقون من أهل العلم أنه محرَّم من أربعة أوجه:

الوجه الأول: ثبت بالطب والتجرِبة أنه يضرُّ بالبدن ضررًا بالغًا، وأنه ينشأ عن شربه أمراض فتَّاكة؛ كالسل الرئوي، وسرطان المريء، والكحة المزمنة، واضطراب دقات القلب، بالإضافة إلى أنه يسبب موت الفجأة، وقد قال الله -تعالى-: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، وجاء الحديث بأن قاتل نفسه في النار[5]، وفي الحديث المتَّفق عليه: «مَن قتل نفسه بشيء عُذِّب به يوم القيامة».

 

الوجه الثاني: ثبت أن الدخان مُفَتِّر، وقد يسكر أحيانًا إذا شربه مَن لم يَعْتَدْه أو شربه فاقده بكثرة، وقد حرَّم الله كلَّ مسكر وكل مخدر ومُفَتِّر.

 

الوجه الثالث: أنَّه مستخبَث من جميع الوجوه؛ فهو خبيث الرائحة، ضارٌّ بالبدن، يقرِّب شاربَه من جلساء السوء ويبعده عن الصالحين، وقد أحلَّ الله الطيبات وحرَّم الخبائث.

 

الوجه الرابع: أنَّ النفقة فيه إسرافٌ وتبذير، وقد قال الله -تعالى-: {إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 27]، والعجب مِمَّن يدَّعي الرجولة والعقل وقوة الإرادة، وفي الوقت نفسه لا يستطيع مَنْعَ نفسه من شرب الدخان الضارِّ بدينه وبدنه وماله، مع أن الرضيع يُفْطَم عن لبن أمه الحلال الطيب الذي به مطعمه ومشربه ولذته، فينفطم ويسلو بعد أيام قلائل، لقد آن لكم - يا أيها المقصِّرون - أن ترجعوا إلى ربكم، وتتوبوا إليه إن كنتم تعقلون؛ قال -تعالى-: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [الزمر: 54][6].

 

وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

 


[1] رواه أبو داود عن ابن عمر والطبراني في "الأوسط" عن حذيفة وحسنه السيوطي.

[2] رواه ابن جرير عن زيد بن حبيب.

[3] رواه مسلم من حديث ابن عباس.

[4] رواه أبو داود والنسائي من حديث علي - رضي الله عنه - بنحوه.

[5] رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

[6] من "مجموع سبع رسائل"؛ للشيخ: عبدالرحمن الحمَّاد العمر، ص 19- 22.

  • 1
  • 0
  • 88

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً