اللهم إِنّا بالجامعة شامتون..!
منذ 2012-01-17
اعتاد الناس على تقريع من يقع في شر أعماله، لأنه يعاند نصحهم بأن يقولوا: "اللهم لا شماتة..".
اعتاد الناس على تقريع من يقع في شر أعماله، لأنه يعاند نصحهم بأن يقولوا: "اللهم لا شماتة.."
لكننا -وبلا مجاملات مقيتة- نؤكد أننا شامتون بالجامعة العربية أيما شماتة، لأنها جلبت لنفسها العار عن سابق عمد وتصميم، في مجمل مواقفها من مأساة الشعب السوري البطل، الذي يتصدى بصدور عارية وقلوب شجاعة لأحقر نظام طاغوتي عرفته البشرية في تاريخها الطويل.
وربما كانت حالة شاذة أو استثنائية على الأقل تلك التي تعامل بها بشار الأسد، ولا سيما في خطابه الرابع يوم الثلاثاء مع جامعة الدول العربية، إذ ألقت إليه بطوق نجاة وقد كان يوشك أن يغرق مع نظامه البغيض المأزوم، فإذا به يكافئها بشتائم سوقية لا يليق التلفظ بها من عامة الناس في جلسة مغلقة، فكيف بشخص تسلط على رقاب 24مليون سوري من خلال منصب رئيس الجمهورية الذي ورثه عن أبيه الهالك، يصب بذاءته على مسمع ملايين البشر؟!
والمخزي للأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أن بشار احتقره علانية بعد ساعات من تطوع العربي بشهادة زور كاذبة خاطئة، عندما ادعى أن النظام السوري سحب الدبابات من المدن، بينما تنسف شهادته الأثيمة شهادات مراقبيه أنفسهم، فضلاً عن عشرات اللقطات الموثقة بالصوت والصورة..
فقد كال بشار لهذه المؤسسة أقذع الشتائم، وساق في حقها أحطّ الاتهامات: "هي جامعة مستعربين لأنها جمدت عضويته فيها وهو العربي الوحيد، وهي تخدم مخططات الغرب التآمرية لأنها لم تؤيد مجازره ضد شعبه بصورة أكثر صراحة، والدول الأعضاء في الجامعة أقزام لا يملكون قرارهم ما داموا لم يفتتحوا في ديارهم مراكز لتجنيد (شبيحة) إضافيين للمشاركة في ذبح السوريين المتطاولين على نيرون، لعل دماءهم تتفرق بين القبائل!"
والمفارقة أن هجاء بشار للجامعة في وقت الظهيرة أعقبته صفعة شديدة في المساء سددها إليها مراقب عربي ذو ضمير حي هو: (أنور مالك) الذي استقال من عضوية بعثة المراقبة العربية، التي يرى أنها ليست سوى خدمة إضافية للنظام الدموي في سوريا، والفارق أن انتقادات مالك في محلها فالرجل شاهد عيان، وشهادته الصريحة أتت من الميدان، فلم يتحدث إلا بما رأى من آثار جرائم بشار وعصابته وبخاصة في حمص الباسلة، التي أصبح السوريون يسمونها: "عاصمة الثورة".
وهنالك نقطة مضيئة أخرى في شهادة المراقب الجريء أنور مالك، إذ إنه جهر بها وهو في داخل المحرقة الأسدية، ثم بعد أكدها وفصّل شواهدها بعد أن أنجاه الله من أنياب القتلة الذين أرادوا اغتياله في يوم رحيله، محتجًا على عمل المراقبين تحت سيطرة عصابات المخابرات السورية.
ألم تصم الجامعة أذنيها -بضعة شهور- عن آهات السوريين المكلومين، وتغمض عينيها عن دبابات النظام وهي تقتلهم في الشوارع، بل حتى في بيوتهم وهم نائمون؟ ولما لم تجد الجامعة البائسة مفرّاً من إبداء رد فعل من نوع ما ماطلت ثم ماطلت ثم سوفت، ثم أنجبت مبادرة لم تفعل لوضعها موضع التنفيذ، -أي حركة جادة- وتحت سياط الشعوب اضطرت إلى اصطناع شيء من الجدية الباردة فبدأت تعطي النظام مهلة تليها مهلة، فمهلة وهكذا..
ثم جاء توقيع النظام على بروتوكول المراقبين العرب بعد أن فرض على الجامعة مسخ بنوده بإذلال وقح، لم يتم خلف أبواب مغلقة وإنما جرى باستعلاء من أدوات النظام أمام وسائل الإعلام كلها..! وحار العقلاء في تفسير إملاء النظام الهش المهزوم أمام مواطنيه ما يلائم هواه، على جامعة الدول العربية وهي تضم 22 دولة..!
وجاء التقرير الأول لبعثة المراقبين العرب مخزياً، بل إنه تبنى أكاذيب عصابة الأسد، فادعى وجود تهريب للأسلحة إلى سوريا، فكيف تمكنت لجنة الفنادق من الجزم بخرافة كهذه، مع أن التهريب في أي مكان يعني التخفي عن أجهزة الأمن وحرس الحدود؟! فماذا نقول في بلد يمنع النمل من الدخول من دون موافقة 17جهاز قمع؟ ويزرع الألغام على حدوده مع لبنان والأردن وتركيا، باستثناء الحدود مع الجولان الذي باعه حافظ الأسد لليهود!
والمضحك المبكي أن كل تلك الخدمات التي تبرعت بها الجامعة للسفاح لم تشفع لها، فقد أضاف إلى الشتم على لسانه وعبر أبواقه اعتداءات من سفهائه على المراقبين وسياراتهم، بالرغم من مرافقة كلاب استخباراته للبعثة! وعليه فإن من العار على الجامعة أن يستمر القتل الأسدي للثوار السلميين حتى في حضور مراقبيها، بل إن معدل دموية عصابات النظام ارتفع في ظل البعثة الفاشلة من 20-25 قتيلاً مدنيًا في اليوم إلى 40-50..!
فلا غرابة إذاً في أن زعيم العصابة الحاكمة في دمشق قد كافأ تغاضي الجامعة عن مجازره بأن أخرج لسانه لمنقذيه، الأمر الذي يراه السوريون شراكة وتواطؤاً فرفعوا شعار: "الجامعة تقتلنا وأطلقوا على بروتوكولها مع النظام اسم: بروتوكول الموت-" وهو ما ينطبق عليه قول حكيم شعراء الجاهلية الأولى زهير ابن أبي سلمى:
ومَنْ يزرعِ المعروفَ في غيرِ أهلِهِ *** يَفِرْهُ ومَنْ لا يَتّقِ الشتمَ يُشْتَمِ
والذي تعبر عنه مأثورات عصرنا بالقول: "لا يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك ما لم تكن منحنياً!"
فإذا كانت الجامعة متبلدة المشاعر إزاء أنهار الدم السوري، فلتنتفض لكرامتها التي مرغها الولد العاق بالتراب، وأضعف الإيمان هنا يتم بسحب بعثة شهود الزور على الفور! أم أن القوم باتوا يستحقون وصف المتنبي:
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهوانُ عليهِ *** ما لِجُرْحٍ بِمَيّتٍ إيلامُ
المصدر: موقع المسلم
- التصنيف: