حديث: ينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا...

منذ 2024-08-17

قالﷺ: «ينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له»

حديث: ينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا...

- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:  «ينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له»؛ (متفق عليه).

 

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﺃﺻﺢ ﻛﺘﺎﺑﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻭﻣﺴﻠﻢ.

 

ﺑﻴﺎﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﻧﺰﻭﻟﻪ - ﺟﻞ ﻭﻋﻼ - ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ: ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺮﺏ - ﺟﻞ ﻭﻋﻼ - ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻫﻮ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺸﻴﺌﺘﻪ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻭﻫﻮ ﻧﺰﻭﻝ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ ﻭﻋﻈﻤﺘﻪ؛ ﻓﻬﻮ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ - ﻳﻨﺰﻝ ﻛﻴﻒ ﺷﺎﺀ، ﻣﺘﻰ ﺷﺎﺀ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ - ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ ﺷﻲﺀ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ، ولا ﻳﺼﺢ ﺗﺤﺮﻳﻒ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺄﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻫﻮ ﻧﺰﻭﻝ ﺃﻣﺮﻩ، ﺃﻭ ﺭﺣﻤﺘﻪ، ﺃﻭ ﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻃﻞ؛ ﻟﻮﺟﻮﻩ:

الأﻭﻝ: أﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ - صلى الله عليه وسلم - ﺃﺿﺎﻑ ﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭالأﺻﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻭﻗﻊ ﻣﻨﻪ، ﺃﻭ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﺻﺮﻑ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ تحريفًا ﻳﺨﺎﻟﻒ الأﺻﻞ، ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ - صلى الله عليه وسلم - ﺃﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻧﻪ - صلى الله عليه وسلم - ﺃﻓﺼﺢ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﻭﺃﺻﺪﻕ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺒﺮ ﺑﻪ، ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ، ولا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ - ﺗﻌﺎﻟﻰ - شيئًا، لا ﻓﻲ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ، ولا ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﻪ ولا ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ، ولا ﻓﻲ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ، ثم ﻫﻮ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - لا ﻳﺮﻳﺪ ﺇلا ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻟﻠﺨﻠﻖ، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻝ: ((ينزل ﺭﺑﻨﺎ)) ﻓﺈﻥ ﺃﻱ ﻗﺎﺋﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺨﻼﻑ ﻇﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻛﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻳﻨﺰﻝ ﺃﻣﺮﻩ، فنقول: ﺃﺃﻧﺖ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - صلى الله عليه وسلم؟!

 

ﻓﺎﻟﺮﺳﻮﻝ - صلى الله عليه وسلم - ﻳﻘﻮﻝ: ((ﻳﻨﺰﻝ ﺭﺑﻨﺎ))، ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻘﻮﻝ: ﻳﻨﺰﻝ ﺃﻣﺮﻩ، ﺃﻡ ﺃﻧﻚ ﺃﻧﺼﺢ للأمة ﻣﻨﻪ؛ ﺣﻴﺚ عمى ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺨﺎﻃﺒﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺧﻼﻓﻪ؟!

ولا ﺷﻚ ﺃﻥ الإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺧﻼﻓﻪ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺻﺢ ﻟﻬﻢ.

 

ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻥ ﻧﺰﻭﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﺃﻭ ﺭﺣﻤﺘﻪ لا ﻳﺨﺘﺺ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰﺀ من ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺑﻞ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﻳﻨﺰلاﻥ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ، ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻧﺰﻭﻝ ﺃﻣﺮ ﺧﺎﺹ، ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﻫﺬﺍ لا ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ، ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻓﺮﺽ ﺻﺤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻧﺰﻭﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺃﻱ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺰﻭﻝ ﺭﺣﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﻟﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ - صلى الله عليه وسلم - ﻋﻨﻬﺎ؟!

 

ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺰﻝ ﻳﻘﻮﻝ: «ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻮﻧﻲ ﻓﺄﺳﺘﺠﻴﺐ ﻟﻪ، ﻣﻦ ﻳﺴﺄﻟﻨﻲ ﻓﺄﻋﻄﻴﻪ، ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻐﻔﺮﻧﻲ ﻓﺄﻏﻔﺮ ﻟﻪ»، ولا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﺣﺪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ - ﺗﻌﺎﻟﻰ - والله أعلم.

 

ابن عثيمين - رحمه الله.

 

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 6
  • 0
  • 288
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    ويـريــد الذين يتـبعـون الشـهـوات أن تـميـلوا ميلا عـظـيـما إن الفطرة السليمة خِلقة قديمة في الإنسان منذ أن كان في عالم الذر، ذلك العالم الذي أخذ الله فيه الميثاق على بني آدم بتوحيده وربوبيته وأشهدهم على ذلك، كما جاء في قوله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ}، وهذه هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، يولدون على الحنيفية، يميلون للفضيلة ويأنسون بها ويندفعون نحوها، ويكرهون الرذيلة وتشمئز نفوسهم منها. إلا أن هذه الفطرة تتعرض للتخريب والتشويه والإفساد من قبل الشياطين التي تجتال الناس عنها وتفسدها عليهم، بتزيين الشرك، وتحريم الحلال، وتحليل الحرام، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: (وإنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بي ما لَمْ أُنْزِلْ به سُلْطَانًا..) [مسلم]. [ افتتاحية النبأ "الحرب على الفطرة"445]

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً