فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر

منذ 2024-10-15

صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ: أي من كل شهر، ويستحب كون الثلاثة هي أيام البيض وهي الثالثَ عشر، والرابعَ عشر، والخامس عشر

في الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:  «صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»[1].

 

 

معاني المفردات:

صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ: أي من كل شهر، ويستحب كون الثلاثة هي أيام البيض وهي الثالثَ عشر، والرابعَ عشر، والخامس عشر؛ لما سيأتي من أحاديث.

 

صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ: أي بالتضعيف؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها.

 

روى مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ: «صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ صَوْمُ الدَّهْرِ»[2].

 

معاني المفردات:

صَوْمُ الدَّهْرِ: أي كصوم الدهر في الأجر.

 

روى الترمذي وحسنه عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:  «مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: {مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَا}  [الأنعام: ١٦٠]، اليَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ[3].

 

معاني المفردات:

فَذَلِكَ صيَامُ الدَّهْرِ: لأن الحسنة بعشر أمثالها.

 

روى أبو داود وصححه الألباني عَنْ قُدَامَةَ بنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ «هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ»[4].

 

معاني المفردات:

يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ: أي يأمرنا أمر استحباب أن نصوم أيام الليالي البيض؛ ووُصفت بالبيض؛ لأن لياليها تكون مضيئة بالقمر من أولها إلى آخرها.

 

هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ: أي أجر صيام الثلاثة الأيام البيض من كل شهر كأجر صيام الدهر، فإن الحسنة بعشر أمثالها.

 

في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: «صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ»[5].

 

معاني المفردات:

أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: أي أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء هي من أفضل الأعمال فلا أتركها حتى أموت، والخُلَّةُ أعلى مراتبة المحبة.

 

صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ: هي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.

 

صَلَاةِ الضُّحَى: أي في كل يوم، وأقلها ركعتان.

 

وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ: أي لا أنام حتى أصلي صلاة الوتر، وهذا لمن لم يأمن الاستيقاظ آخر الليل، فإن أمن فالتأخير أفضل.

 

في الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:  «يَاعَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ» ؟»، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّه» ِ»، فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلم، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ»، قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلم؟ قَالَ: «نِصْفَ الدَّهْرِ»، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم[6].

 

معاني المفردات:

أَلَمْ أُخْبَرْ: هذا استفهام معناه حمل المخاطب على الإقرار بأمر قد استقر عنده ثبوته، والذي أخبره هو والده عمرو بن العاص رضي الله عنه.

 

أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ: أي ولا تفطر.

 

وَتَقُومُ اللَّيْلَ: أي جميعه، ولا تنام.

 

صُمْ: أي في بعض الأيام.

 

وَأَفْطِرْ: أي في بعضها.

 

وَقُمْ وَنَمْ: أي اجمع بين القيام، والنوم في الليل

 

فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا: بأن ترعاه وترفق به، ولا تضره حتى تقعد عن القيام بالفرائض، ونحوها.

 

وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا: أي من النوم.

 

وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا: أي زوجتك.

 

وَإِنَّ لِزَوْرِكَ: أي لضيفك.

 

عَلَيْكَ حَقًّا: أي في البَسط، والمؤانسة، وغيرهما.

 

وَإِنَّ بِحَسْبِكَ: أي يكفيك.

 

أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ: أي من كل شهر.

 

ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ: هي أيام البيض.

 

فَإِنَّ ذَلِكَ: أي صيام الثلاث من كل شهر.

 

صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ: لكون الحسنة بعشر أمثالها.

 

فَشَدَّدْتُ: أي على نفسي.

 

إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً: أي قدرة على الصيام.

 

فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ الله دَاوُدَ عليه السلم: أي كما كان داود عليه السلم يصوم.

 

وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللهِ دَاوُدَ عليه السلم؟: أي كم كان يصوم داود عليه السلم.

 

نِصْفَ الدَّهْرِ: أي نصف السنة.

 

يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أي أنه كبِر وعجز عن المحافظة على ما التزمه ووظفه على نفسه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشق عليه فعله لعجزه، ولم يعجبه أن يتركه لالتزامه له فتمنى أن لو قبل الرخصة فأخذ بالأخف.

 

ما يستفاد من الأحاديث:

1- استحباب صلاة الضحى.

 

2- استحباب صوم ثلاثة الأيام البيض من كل شهر.

 

3- استحباب تقديم صلاة الوتر في أول الليل وأدائها قبل النوم لمن ظن أنه لن يقوم آخر الليل.

 

4- لا رهبانية في الإسلام.

 

5- كراهة صيام السنة كلها، وقيام الليل كله.

 

6- لا ينبغي لأحد أن يجهد بنفسه في العبادة حتى يضعف عن القيام بحقها من جماع واكتساب.

 

7- المؤمن حياته وسط بين الغلو والتفريط.

 

8- فضيلة نبي الله داود عليه السلم.

 

9- شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يخالف شرعنا.

 

10- إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.

 

11- الحث على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

 


[1] متفق عليه: رواه البخاري (1979)، ومسلم (1159).

[2] صحيح: رواه مسلم (1162).

[3] حسن: رواه الترمذي (762)، وحسنه.

[4] صحيح: رواه أبو داود (2449)، وصححه الألباني.

[5] متفق عليه: رواه البخاري (1178)، ومسلم (722).

[6] متفق عليه: رواه البخاري (1975)، ومسلم (1159).

_____________________________________________________
الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

  • 0
  • 0
  • 142
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    لله لا للوطن "٢" • بعضُ مفاسدِ دينِ الوطنيّة: أولا: الوطنية شركٌ بالله تعالى: الوطنية دينٌ باطلٌ، ومنهجٌ جاهليٌّ يدعو لاتخاذ الوطن وثناً وطاغوتاً يُعبد من دون الله، فهي تُلزم الناس بالعمل لها وحدها، والتضحية والقتال في سبيلها، وصرف البغض والبراء لكل خارج عن حدود أرضها وإن كانوا أولياء لله، وصرف الحبّ والولاء لكل داخل في حدودها وإنْ كانوا من أعظم الناس كفراً وأغلظهم شركاً؛ وهي بهذا تكون نداً معبوداً من دون الله، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥]. ثانياً: الوطنية تنقضُ عقيدةَ الولاء والبراء: ذلك أنَّ أصل الولاء والبراء في الإسلام قائمٌ على المفاصلة والمفارقة بين المسلمين وغيرهم على أساس الدّين، كما قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: ٥٥]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: ٥٧]، أما الوطنيّون فالموالاة عندهم قائمة على أساس الانتماء للأرض التي تحيطها حدود الوطن، وهذا يلزم منه إزالة الفوارق التي وضعها اللهُ سبباً شرعياً للمفاصلة مع الكفار، وتلك مصادمة صريحة لنصوص الشّرع الصّحيحة، قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١٣٨-١٣٩]. ثالثاً: الوطنية تعطّلُ أحكام الديار والهجرة: ذلك أنّ جَعْلَ الرابط الوطنيّ مهيمناً على رابط الدّين يَلزم منه اختلاط الأحكام على الناس، فمن الأمور المستقرّة في الشريعة أنَّ دار الكفر التي تعلوها أحكام الكفر تختلف عن دار الإسلام التي تعلوها أحكام الإسلام وتُحكم بما أنزل الله، ولكلٍ منهما أحكامها التي تميّزها، ومن هذه الأحكام وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، أما في دين الوطنية فلا مجال للكلام عن هذه المسائل البتّة، لأنَّ المواطن يلزم الوطن، بل ويدافع عنه وإن كان ذلك الوطن دارَ كفر وردّة وحرابة. رابعاً: الوطنيّة تلغي التمايز بين المسلمين والكفّار: فتخلط بذلك بين مسمّى الإيمان ومسمّى الكفر؛ لأنَّ جَعْلَ الانتماء للأرض أساساً لمعاملة الناس يُزيل حتماً الفوارق المبنية على أساس الدّين، والتي جعلها الله السّبب الشّرعي للتّمييز بين النّاس في الدّنيا والآخرة، فالوطنيّة تجعل الناس مؤمنَهم وكافرَهم، برّهم وفاجرهم في مرتبة واحدة، وهذا تكذيبٌ صريحٌ لنصوص الدّين القطعية، التي منها: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥-٣٦]، ومنها: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: ٢٨]. • مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5 مقال: "لله لا للوطن" السنة السابعة - السبت 2 صفر 1437 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً