تفسير سورة الشمس

منذ 2024-11-11

سُورَةُ الشَّمْسِ ظَاهِرَةُ الِاتِّصَالِ بِسُورَةِ الْبَلَدِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَتَمَهَا بِذِكْرِ أَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحَابِ الْمَشْأَمَةِ، أَرَادَ الْفَرِيقَيْنِ المذكورين فِي سورة الشَّمْسِ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}.

عدد آياتها: عشرون آية وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.

 

فضلها: ورد حَدِيثُ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ البخاري برقم (705) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ: «هَلَّا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى».

 

مناسبة السورة لما قبلها (سورة البلد):

سُورَةُ الشَّمْسِ ظَاهِرَةُ الِاتِّصَالِ بِسُورَةِ الْبَلَدِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَتَمَهَا بِذِكْرِ أَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحَابِ الْمَشْأَمَةِ، أَرَادَ الْفَرِيقَيْنِ المذكورين فِي سورة الشَّمْسِ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] وهُمْ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ فِي سُورَةِ الْبَلَدِ، وَقَوْلُهُ: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10] وهُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ فِي سُورَةِ الْبَلَدِ.

 

مناسبة السورة لما بعدها (سورة الليل):

لَمَّا ذكر -سبحانه- في (سورة الشمس) {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10] ذكر جل شأْنه في سورة الليل ما يحصل به الفوز والفلاح، وما تحصل به الخيبة والخسران: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 5، 6] إِلى قوله تعالى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل: 11]، ففي هذه السورة نوع تفضيل لذلك، وبخاصة أَنه - جل وعلا - عقب بشيءٍ من أَنواع الفلاح وأَنواع الخيبة، وذلك من قوله: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى...} [الليل: 14] إِلى آخر السورة[1].

 

مقاصد السورة:

(1) القسم من الله ببعض مخلوقاته العَظيمةِ للتأكيد على أن الإِنسان يفوز ويسعد إِذا تطَهَّر من الذنوب وزكَّى نفسه بالطاعات.

 

(2) بيانُ حُسْنِ عاقِبةِ مَن يُزَكِّي نَفْسَه، وسوءِ عاقِبةِ مَن يَتبَعُ هَواها.

 

(3) ذكر قصة (ثمود) قوم صالح عليه السلام، وقد كذبوا به وطغوا حتى عقروا الناقة التي هي آية على صدق صالح عليه السلام.

 

(4) ذكر هلاك ثمود واستئصالهم.

 

تفسير سورة الشمس

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: 1 - 15].

تفسير الآيات:

قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] قَسَم بالشمس وضحاها وهو وقت ارتفاعها عند الشروق إلى الظهيرة.

 

وقيل: {وَضُحَاهَا}؛ أي: ونورها، قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: الضُّحَى: نَقِيضُ الظِّلِّ، وَهُوَ نُورُ الشَّمْسِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.

 

قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} قسم بالقمر، {إِذَا تَلَاهَا} يَعْنِي: «إِذَا تَبِعَهَا».

 

قوله تعالى: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} قسم بالنهار، {إِذَا جَلَّاهَا}؛ أي: إذا أضاء وأظهر ما يخفيه الليل والظلام.

 

قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} قسم بالليل، {إِذَا يَغْشَاهَا} إذا غطَّى الأرض بظلامه.

 

قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} قسم بالسماء، {وَمَا بَنَاهَا}؛ أَيْ: وَالَّذِي بَنَاهَا وهو الله تعالى.

 

قوله تعالى: {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} قسم بالأرض، {وَمَا طَحَاهَا}؛ أي: والذي طحاها وهو الله.

وطحاها؛ أي: بسطها ومَهَّدها.

 

قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} قسم بالنفس، قيل آدم عليه السلام، وقيل: كل نفس، عدل خلقها وأحسن تقويمها، خلقها باليدين والرجلين والعينين وسائر جوارحها وأطرافها ونحو ذلك.

 

وقيل: سوَّاها بالعقل الذي فضَّلها به على جميع الحيوانات، ولتكون مؤهلة للتكليف.

 

قوله تعالى: {فأَلْهَمَهَا فجُورَها وتَقْواها}؛ أي: بيَّن لها الخير والشر، قال سعيد بن جبير: «أَلْزَمَهَا الْفُجُورَ وَالتَّقْوَى»، ومثله قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}؛ أي: بيَّنا لَهُ الطَّرِيقَيْنِ طَرِيق الْخَيْر وَطريق الشَّر، قَالَ ابْن مَسْعُود: سَبِيل الْخَيْر وسبيل الشَّرِّ.

 

والفجور فعل المعاصي وما يؤدي إلى الخسران والشقاء، والتقوى الخوف من الله الباعث على فعل ما أمر الله به والبُعْد عمَّا نهى الله عنه.

 

وأخرج البخاري ومسلم من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْكُم مِن أحَدٍ وما مِن نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، وإلَّا قدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أوْ سَعِيدَةً» ، قالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَلَا نَتَّكِلُ علَى كِتَابِنَا ونَدَعُ العَمَلَ؟ فمَن كانَ مِنَّا مِن أهْلِ السَّعَادَةِ، فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أهْلِ السَّعَادَةِ، ومَن كانَ مِنَّا مِن أهْلِ الشَّقَاءِ، فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أهْلِ الشَّقَاوَةِ، قالَ: «أمَّا أهْلُ السَّعَادَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أهْلِ السَّعَادَةِ، وأَمَّا أهْلُ الشَّقَاوَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أهْلِ الشَّقَاءِ». ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 10] الآيَةَ. [الليل: 5 - 10]، وفيه: الجَمعُ بين الإيمانِ بالقَدَرِ، والأخذِ بالأسبابِ في العَمَلِ.

 

قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}جواب القسم، وقد حرف تحقيق،وأفلح؛ أي: فاز وسعد وأنجح، وزكَّاها؛ أي: أصلحها وطَهَّرها من الذنوب ووفَّقها لطاعة الله تعالى.

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا» ؛ (أخرجه مسلم برقم (2722)).

 

قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} خاب؛ أي: خسر، دسَّاها؛ أي: أخفاها، والمعنى أخفى فضائلها بالتهاون في فعل الطاعة واقتراف المعاصي.

 

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}؛ بطغواها؛ أي: بسبب طغيانها في الشرك والفجور.

 

قوله تعالى: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} حين قام أشقاهم، قيل اسمه قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ الذي عقر الناقة وهي معجزة صالح عليه السلام.

 

قوله تعالى: {فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها} رسول الله هو صالح عليه السلام، قال لهم: احذروا ناقة الله، واحذروا سقياها؛ أي: لا تتعرَّضوا لها.

 

قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها} فكذبوا صالحًا وقتلوا الناقة وعقروها.

 

قوله تعالى: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها}؛ أي: فأهلكهم الله تعالى بجرمهم، فسوَّاها؛ أي: أطبق عليهم العذاب وعَمَّهم؛ لأنهم رضوا جميعًا بعقر الناقة.

 

قال تعالى: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 155 - 158].

 

وقال تعالى: {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ * فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 27 - 31].

 

قوله تعالى: {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا}[الشمس: 15]؛ أي: لا يخاف عاقبة ما فعل بهم من العقوبة فإِنه سبحانه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].

 

وقيل: أي لا يخاف أشقاها عاقبة جنايته.

 

انتهى تفسير سورة الشمس.

 

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه.

 


[1] راجع التفسير الوسيط (10 / 1931) مجموعة علماء بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.

________________________________________
الكاتب: أبو عاصم البركاتي المصري

  • 2
  • 0
  • 209
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    هيئة (الأمم المتحدة) في عصر الخلافة • في غياب شريعة الله، وسيادة التظالم بين العباد والأمم، لا بدّ أن تكثر الحروب، وتسود الصراعات، وأن يحاول كلٌ أن يخضع الآخرين لشرعته وقوانينه، وأن ينال منهم ما يرجوه من مصالح حسب طاقته، وبإنكار المشركين للإسلام كطريق وحيد لتحقيق الأمن لكل الناس، بخضوعهم جميعاً لحكم الله وعدله، فإنهم ما برحوا يحاولون الوصول إلى صيغة تضمن تأمين مصالحهم دون تحمل الخسائر الباهظة من وراء الحروب، ومنها (الأمم المتحدة). كانت الحرب العالمية الأولى مفصلا مهما في التاريخ الحديث بتمثيلها للصراع بين القوى المتجبرة القديمة كفرنسا وبريطانيا وروسيا، وبين القوى الصاعدة التي بدأت تطالب حينها بحصتها من العالم أسوة بمن سبقها في ميدان الهيمنة والاحتلال، وكانت الحرب بين هذه القوى مؤشرا على تغيّر ظروف العالم، حيث لم يعد ممكنا أن تقرر بعض الدول بالنيابة عن كل العالم، وأن تتقاسمه كما تريد، لذلك تقرَّر بعد انتهاء الحرب تأسيس (عصبة الأمم) لتنضمّ إليها كل الدول "المستقلة"، وتعيد تنظيم عملية هيمنة الأمم القوية على الأمم الضعيفة، من خلال إلغاء نمط الاحتلال القديم وإقرار ما أسموه (الانتداب)، الذي يقوم على أساس وضع كل من الأمم الضعيفة تحت وصاية واحدة من الأمم المهيمنة، بدعوى توفير الحماية لها من القوى الطامعة بها، وهكذا تم وضع "بلدان المسلمين" في كل أنحاء العالم تقريبا تحت وصاية الدول الصليبية ذات الشوكة، وكانت الفكرة من إنشاء (عصبة الأمم) أنها ستنقل الصراعات بين الدول الكبرى إلى المجال السياسي بدلاً عن المجال العسكري، وأنها ستؤمّن مصالح الحلفاء المنتصرين في الحرب، الذين كانوا يحتلون أغلب بقاع العالم آنذاك، وهذا ما لم ينجحوا فيه مطلقا، فمجرد أن اصطدمت الرغبات التوسعية لكل من ألمانيا واليابان وإيطاليا، برغبات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، انهارت (عصبة الأمم)، حيث هاجمت اليابان منشوريا، ثم الصين التي كانت عضوا في (العصبة)، وهاجمت إيطاليا أثيوبيا وهي أيضا عضو في (العصبة)، في توسُّع هتلر داخل أوروبا، باحتلال ألمانيا للنمسا ثم تشيكوسلوفاكيا ثم بولندا، وهي كلها دول أعضاء في (العصبة) لتنهار في النهاية بانسحاب اليابان وألمانيا منها، ثم تعجز عن تحقيق هدف إنشائها وهو منع الحرب بين الدول الأعضاء، بدخولهم مجتمعين في الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها أكثر من 40 مليون قتيل منهم بحسب إحصاءاتهم، عدا عن الجرحى والمفقودين والمشردين. لتعود الدول المنتصرة في الحرب مرة أخرى لإنشاء هيئة جديدة لتنظيم هيمنة هذه الدول على العالم والتي أطلق عليها اسم "هيئة الأمم المتحدة". - الأمم المتحدة في نصف قرن: باعتبارهما المنتصرين في الحرب، صُمِّمت الهيئة الجديدة لتوافق مصالح الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، أما بريطانيا فقد صارت بحكم التابع للولايات المتحدة، وهي التي ضغطت على الولايات المتحدة لضم فرنسا إلى (مجلس الأمن) لتقوي موقفها في وجه ألمانيا، التي يُخاف من عودتها مرة أخرى إلى ساحة الصراع، فيما تم ضم الصين للوقوف في وجه عودة اليابان إلى أحلامها التوسعية. وهكذا نشأت الهيئة الجديدة التي وُلدت معاقة بحكم تبعيتها للدول المتغطرسة الكبرى وعدم استقلالها في أي شيء. فأُعيق مسعاها لتشكيل جيش مستقل تفرض من خلاله قراراتها على الدول "المارقة"، وبالتالي لم يعد من سبيل إلى فرض القرارات إلا بالاعتماد على جيوش الدول المتغطرسة تلك، وكذلك كان تمويلها معتمدا على هذه الدول، ومن ناحية أخرى فقد صيغ نظامها ليضمن وجود الدول هذه ضمن "النظام الدولي" بأي شكل كان، وعدم تكرار مأساة خروج اليابان وألمانيا من (عصبة الأمم) عندما عارضت مصالحهم، وبالتالي اضطرار الدول الأخرى إلى محاربتهما لمّا تمادتا في تحقيقها خارج إطار النظام الدولي، أما الدول الضعيفة فيمكن ضبطها بسهولة عبر التهديد أو الفعل إن اضطر الأمر، دون أن يؤدي ذلك إلى قيام حرب عالمية. • المصدر: صحيفة النبأ – العدد 15 السنة السابعة - الثلاثاء 15 ربيع الآخر 1437 هـ مقتطف من مقال: هيئة (الأمم المتحدة) في عصر الخلافة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً