كتابة الرجل أملاكه باسم بناته
أن يفعل ذلك في حال صحته ـ كما ذكرنا ـ ولكن لا يستلمن الهبة إلا في مرضه المخوف، ففي هذه الحال لا تصح الهبة وتأخذ حكم الوصية للوارث فلا تمضي بعد مماته إلا برضا بقية ورثته.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهبة الرجل أملاكه باسم زوجته وبناته له ثلاث صور:
الأولى: أن يفعل ذلك حال صحته في غير مرض مخوف, وفي هذه الحال يجوز له أن يهب أملاكه لزوجته وبناته أو يبيعه لهن بيعا صوريا ولا حرج عليه في ذلك, والبيع إن كان صوريا فقط فهو في حقيقته هبة, وإذا رفع الرجل يده عن أملاكه وحاز البنات والزوجة ما وهبه لهن وصرن يتصرفن فيه تصرف المالك صارت تلك الأملاك لهن، فلو مات فليس لورثته المطالبة بشيء منها، وإن كان البيع بيع محاباة فإنه صحيح أيضا ما دام في حال صحة الرجل, وقد نص الفقهاء على أن بيع المحاباة من الصحيح يترتب عليه أثره, جاء في الموسوعة الفقهية عن المحاباة في البيع: الْمُحَابَاةُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ:
أـ الْمُحَابَاةُ مِنَ الصَّحِيحِ:
2ـ الْمُحَابَاةُ مِنَ الصَّحِيحِ غَيْرِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اسْتِحْقَاقُ الْمُتَبَرَّعِ لَهُ بِهَا مِنْ جَمِيعِ مَال الْمُحَابِي، إِنْ كَانَ صَحِيحًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ الْمُحَابَاةَ تُوجِبُ الْمِلْكَ فِي الْحَال فَيُعْتَبَرُ حَال التَّعَاقُدِ، فَإِذَا كَانَ الْمُحَابِي صَحِيحًا حِينَئِذٍ فَلاَ حَقَّ لأَِحَدٍ فِي مَالِهِ، فَتُؤْخَذُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ لاَ مِنَ الثُّلُثِ، وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْمُحَابَاةَ إِذَا كَانَتْ مِنَ الصَّحِيحِ، فَإِمَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ قَبْضًا مُعْتَبَرًا شَرْعًا أَمْ لاَ، فَإِنْ قَبَضَهَا قَبْضًا مُعْتَبَرًا فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَرْجَحُهُمَا اخْتِصَاصُ الْمُشْتَرِي بِهَا دُونَ غَيْرِهَا؟ مِنَ الْوَرَثَةِ أَوِ الدَّائِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ قَبْضٌ فَفِيهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ ...
أَحَدُهَا: يَبْطُل الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَيُرَدُّ إِلَى الْمُشْتَرِي مَا دَفَعَ مِنْ ثَمَنٍ...
ثَانِيهَا: يَبْطُل الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُحَابَاةِ مِنَ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مِنَ الْمَبِيعِ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ....
وَثَالِثُهَا: يُخَيَّرُ فِي تَمَلُّكِ جُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ وَفِي أَنْ يَدْفَعَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ جَمِيعُ الْمَبِيعِ. اهــ مختصرا.
إلا أنه إذا قصد بتلك الهبة أو بيع المحاباة حرمان بقية ورثته، فإنه يأثم بذلك، ولكن لا تبطل الهبة ولا البيع.
ثانيا: أن يفعل ذلك في حال صحته ـ كما ذكرنا ـ ولكن لا يستلمن الهبة إلا في مرضه المخوف، ففي هذه الحال لا تصح الهبة وتأخذ حكم الوصية للوارث فلا تمضي بعد مماته إلا برضا بقية ورثته.
الثالثة: أن يفعل ذلك في مرض مخوف أو يكتبه لهن على أن يأخذنه بعد مماته، فهذه الحال كالتي قبلها.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر:
عنان عوني العنزي
منذ