كيف أبر والدي بعد موتهما

منذ 2025-02-17

قال رجل لرسول الله ﷺ هل بقِيَ من برِّ أبويَّ شيءٌ أبَرهما به بعد موتهما؟ فقال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا تُوصَل إلا بهما، وإكرام صديقهما»

عن أبي أُسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: ((بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقِيَ من برِّ أبويَّ شيءٌ أبَرهما به بعد موتهما؟ فقال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا تُوصَل إلا بهما، وإكرام صديقهما»؛ [ (رواه أبو داود) ].

 

والمراد بالصلاة في هذا الحديث: الدعاء بالمغفرة والرحمة، ودخول الجنة، والنجاة من النار، ونحو ذلك؛ كما في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿  {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}  ﴾ [التوبة: 103]؛ أي: ادعُ الله ﴿  {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}  ﴾ [التوبة: 103]؛ أي: دعاءك.

 

وأفضل ما تقول: ربِّ اغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيرًا.

 

والدعاء للوالدين بعد الممات من الأمور الجليلة الكريمة؛ لأنه قد يكون في كربة، وفي ضيق من ضيق القبر، ينفس الله عنه، بفضله سبحانه، ثم بدعائك؛ كما قال عليه الصلاة والسلام:  «إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث... وذكر منها: ولد صالح يدعو له»، وكذلك الصدقة عنهما مستحبة؛ لأن سعدًا رضي الله عنه كما في الحديث الصحيح قال: ((يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها - يعني: ماتت - ولا أراها لو بقيت إلا أوصت، أفأتصدق عنها؟ قال: «نعم»، فأوصاه أن يتصدق عنها، فتصدق سعد رضي الله عنه ببستانٍ كامل عن أمه، وصلة الرحم التي لا تُوصَل إلا بهما، فالأبوان هما السبب في وجود الإنسان بعد الله، فصار الإنسان له في عمود النسب الأعلى أجدادًا وجَدَّات، وله في عمود النسب الأدنى من الأبوين إخوة وأخوات، وهكذا أيضًا الأعمام والعمات، والأخوال والخالات، كل ذلك بسببهما.

 

فمن برهما، أن يكون الإنسان واصلًا لرحمه، فالأم يكون برها بصِلة إخوتها، وقرابتها، وأهلها، والوالد كذلك أيضًا، وإكرام صديقهما، وهذا أبلغ في الصلة؛ لأن الإنسان قد يبر قرابته، ويتحمل هذا، لكن البر للأصدقاء فيه كلفة أكثر، فإذا قام بصلة هؤلاء، والتعاهد لهم بالزيارة، وما أشبه هذا، فلا شك أن هذا ينبئ عن أصالة هذا الولد، وعن عظيم بره.

 

ومن الأسباب الْمُعينة على البر بالوالدين، والإحسان إليهما:

1- توفيق الله عز وجل الولد، واصطفاؤه إياه لهذا العمل الجليل، وإرادته به الخير.

 

2- تقوى الله عز وجل؛ فهي سبب توفيق الله للعبد لكل عمل رشيد في دينه ودنياه.

 

3- التدبر والتأمل بما جاء في الكتاب والسنة من تأكيد الأمر ببر الوالدين، والإحسان إليهما، والترغيب في ذلك.

 

4- سؤال الولد ربه عز وجل أن يوفقه لبر والديه، ويعينه على ذلك.

 

5- تذكر الولد دائمًا ما قدمه له والداه من الجميل، وما أسدياه له من الإحسان في صغره.

 

6- تيقن الولد أن ما يقدمه من البر بوالديه لن يضيع، وسيجد ثوابه مضاعفًا عند الله تعالى، ويجد أثره عاجلًا في سعادته، وفي بر أولاده به في الحياة؛ وفي الحديث:  «بَروا آباءكم تَبَركُم أبناؤكم».

 

وأما ثمار البر بالوالدين، وآثار الإحسان إليهما؛ فمنها:

1- أنه سبب لإجابة الدعاء، وحصول الرحمة.

 

2- أنه سبب للتوفيق والسعادة، وانفتاح أبواب الخير.

 

3- أنه سبب لنيل أعظم الأجر والثواب.

 

4- أنه سبب للبركة في العمر والرزق.

 

5- أنه سبب لبر الأولاد، والذكر الحسن؛ لأن الجزاء من جنس العمل.

 

اللهم وفقنا لبر والدينا، الأحياء منهم والأموات، والإحسان إليهما، واغفر لهما وارحمهما كما ربَّونا صغارًا.

 

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

______________________________________________________
الكاتب: نورة سليمان عبدالله

  • 3
  • 0
  • 153

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً