استوصوا بالنساء خيرا

منذ 8 ساعات

فتغافل تغافل، ولا تقف عند أقوالها كثيرًا، فإذا كان قلبها في أذنها كما قيل، فإن حتفها دائمًا في لسانها. وتذكر أنها عماد البيت، وأم الأولاد، وفيها السكن والمودة والرحمة.

من جملة وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- المعروفة، ما رواه الترمذي: «استوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٌ عندكم»، وروى البخاري قوله -صلى الله عليه وسلم-: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فاستوصوا بالنساء خيرًا».

 

والوصية من الحبيب بالنساء جاءت ومعها علة المرأة أي امرأة؛ لسانها، والذي قد تسيء به إلى زوجها في لحظات الانفعال.

 

فلا تقف أمام قولها كثيرًا، وتجاوزه، ولا تظن أن ذلك ينقص من رجولتك، أبدًا أبدًا، فسيطرة المرأة قديمة قدم البشرية، فلست وحدك يا عزيزي.

 

تعالَ أسرد عليك رحلة طويلة منذ بدء الخليقة لتطمئن إلى هذا المعنى.

 

في الحديث الذي رواه مسلم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لولا حواء لم تَخُن أنثى زوجها الدهر».

 

وليست الخيانة ها هنا خيانة الشرف والتفريط في العِرض؛ وإنما ما زين لها إبليس بالأكل من الشجرة؛ حتى زينته لآدم.

 

فتأثير حواء على آدم لا شك حاضر بقوة، والرجل المتسق مع نفسه يفهم هذا المعنى.

 

وهذا فيلسوف اليونان العظيم سقراط، كانت زوجته تضجر من مجيء تلاميذه وأصدقائه إليه، والجلوس لساعات طوال في نقاش أمام البيت، وفي إحدى المرات صرخت عليه زوجته، ثم رشت عليه الماء الذي كان بيدها من شدة غضبها.

 

فقال لها: ما أجملك؛ ترعدين وتبرقين ثم تمطرين!

 

طبعًا سقراط هنا بارد جدًّا لدرجة لا أرتضيها لك ولا لغيرك، فهذا رجل ورقة وقلم، وأليق به ما جرى له.

 

فماذا عن الساسة الكبار في الإغريق موطن عمنا سقراط؟!

قال السياسي الإغريقي كليس لابنه الصغير: يا بني، أنت أقوى شخص في بلاد الإغريق.

 

فقال الغلام: وكيف ذلك؟

فقال السياسي: أنا أحكم أثينا والإغريق قاطبة، وأمك تحكمني، وأنت تحكم أمك!

 

لا شك هذا مجتمع غربي، دماؤهم باردة، لكننا معاشر الشرق دماؤنا حارة، فتجد المرأة من يلجمها!

 

لعلك تعرف شخصية بحجم عمر بن عبدالعزيز -رضي الله عنه-، في كتاب كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة لابن رجب الحنبلي، أن عمر بن عبدالعزيز -رضي الله عنه- سمع امرأته مرة تقول: أراحنا الله منك، قال: آمين.

 

فحينما تسمع من زوجتك كلمة خشنة لا تمتشق سيف عنترة وتقول:

لا يسلم الشرفُ الرفيع من الأذى       حتى يراقَ على جوانبِه الدَّمُ

 

لكن، قل لنفسك: لستُ أعظم من عمر بن عبدالعزيز؟

وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، قال -صلى الله عليه وسلم-: «أُرِيتُ النَّارَ؛ فإذا أكثرها النساء، يكفرن»  قيل: أيكفرن بالله؟ قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط».

 

ولن يبلغ فعلك مثلما فعل المعتمد بن عباد مع زوجته!

 

فماذا فعل؟

كان المعتمد بن عباد -آخر ملوك الطوائف في الأندلس- يحب زوجته الرميكية، وذات يوم وهي تطل من نافذة القصر رأت مجموعة النساء يبعن اللبن بالجوار وهن يخضن في الطين، فاشتهت ما يفعلنه وقالت للمعتمد، فأمر بالعنبر والمسك والكافور ‏وماء الورد، وخلطه بالطين داخل القصر، لكي تسير عليه حافية، وخرجت هي وجواريها ‏تخوض في ذلك الطين.

 

بعد خلع المعتمد، قالت له الرميكية في إحدى المرات: والله ما رأيتُ منك خيرًا، فقال لها: ولا يوم الطين؟

ولا يوم طينٍ يا رميكية الهـوى   **   وقد كان طيني طينة الفخرِ والجودِ 

ومن يأمن الأنثى فيا شر يومه   **   كما فعلت أنثى بطينِ ابن عبـــــودي 

 

فتغافل تغافل، ولا تقف عند أقوالها كثيرًا، فإذا كان قلبها في أذنها كما قيل، فإن حتفها دائمًا في لسانها. وتذكر أنها عماد البيت، وأم الأولاد، وفيها السكن والمودة والرحمة.

إن النساء رياحين خُلقنَ لنا       وكلنا يشتهي شم الرياحينِ

_________________________________________________________

الكاتب: أ. د. زكريا محمد هيبة

  • 1
  • 0
  • 52

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً