يأخذ بقلبي مطلع سورة صٓ
وينقلني إلى أيام مكة الأولى، وما قابل به أهلها خبر الرسالة الذي هز أرجاءها بالعزة والشقاق، والتكذيب والاستهزاء، والأقوال المختلفة المتناقضة، كما جاء في مطلع سورة النبأ (عمَّ يتساءلون؟! عن النبإ العظيم. الذي هم فيه مختلفون).
وينقلني إلى أيام مكة الأولى، وما قابل به أهلها خبر الرسالة الذي هز أرجاءها بالعزة والشقاق، والتكذيب والاستهزاء، والأقوال المختلفة المتناقضة، كما جاء في مطلع سورة النبأ (عمَّ يتساءلون؟! عن النبإ العظيم. الذي هم فيه مختلفون).
وهنا يصور القرآن هذه الأحاديث الأولى بشكل يأخذ بمجامع النفس.. (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم، وقال الكافرون هذا ساحر كذاب، أجعل الآلهة إلها واحدا؟ إن هذا لشيءٌ عجاب! وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيءٌ يُراد . ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق! أأُنزل عليه الذكر من بيننا؟!)
ويذكرني تصوير مشهد العجب هذا بمطلع سورة قٓ: (بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم، فقال الكافرون هذا شيءٌ عجيب! أئذا متنا وكنا ترابا! ذلك رجعٌ بعيد).
وبمطلع سورة يونس: (أكان للناس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم أن أنذر الناس، وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدقٍ عند ربهم، قال الكافرون إن هذا لساحر مبين).
ولا أعظم ولا أعجب بعد كل هذا العجب الممزوج بالتكذيب والسخرية والاستهزاء والشك، من آيات الله التي تتلوها والمليئة بالعزة والاستعلاء واليقين، والمكثفة بمعاني التهديد والوعيد للمستهزئين، كما في النجم: (أفمن هذا الحديث تعجبون؟ وتضحكون ولا تبكون؟ وأنتم سامدون؟ فاسجدوا لله واعبدوا).
وفي الصافات: (وإذا رأوا آية يستسخرون، وقالوا إن هذا إلا سحرٌ مبين، أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون؟! أو آباؤنا الأولون؟! قل نعم وأنتم داخرون، فإنما هي زجرةٌ واحدةٌ فإذا هم ينظرون)، وجاء هنا: (أأنزل عليه الذكر من بيننا؟! بل هم في شكٍ من ذكري، بل لما يذوقوا عذاب!!)
كما خُتمت هذه السورة بهذه الآية العظيمة الجليلة العلية (إن هو إلا ذكرٌ للعالمين، ولتعلمن نبأه بعد حين).. يا لهذا العلو واليقين والتهديد بعد كل ذلك الشك والتكذيب!
فوالله لا أجد من الكلمات ما تُحْدثها تلك الآيات في النفس، وما تملك حينها إلا أن تقول بأعلى درجات اليقين: (وإنه لتنزيل رب العالمين!)
- التصنيف: