لماذا-مارتن-لوثر-وليس-مالكوم-إكس
تعد فترة الخمسينيات والستينيات في الولايات المتحدة من الفترات التي شهدت نضال ومقاومة أشكال الاستبداد والعنصرية تجاه الأمريكان السود، وكان أبرز رموز تلك الحقبة الحاج مالك شباز الشهير بمالكوم إكس و مارتن لوثر كينج
تمهيد :
تعد فترة الخمسينيات والستينيات في الولايات المتحدة من الفترات التي شهدت نضال ومقاومة أشكال الاستبداد والعنصرية تجاه الأمريكان السود، وكان أبرز رموز تلك الحقبة الحاج مالك شباز الشهير بمالكوم إكس و مارتن لوثر كينج، وكانا الرمزين متقاربين في كثير من الخصائص في اللون والكاريزما والتقارب في العمر وحب الجماهير السود حتى تشابهوا في نهاية حياة كل منهما، حيث اغتيل مالكوم إكس عام 1965 ، واغتيل كينج عام 1968.
لكن على الرغم من تقاربهم الشديد في كل شيء إلا أنهم لم يتفقا في الوسائل، وطيلة حياتهم لم يلتقيا إلا مرة واحدة كانت لبضع دقائق التقتا فيها الصورة الشهيرة التي تجمع بينهم وكانت بعد تحول مالكوم للإسلام السني، فكان لكينج فلسفة في المقاومة تبتعد كثيرا عن فلسفة مالكوم، حيث كانت فلسفة كينج متأثرة بغاندي الهندي في مقاومة الإحتلال البريطاني وكانت فكرة مقاومته المركزية مستندة على (عدم العنف والسلمية) فكان يحرص في جميع خطبه على أربعة أمور: عدم العنف، التغيير الاجتماعي، المسؤولية الفردية والجماعية، وثمن الحرية ، وكان يعتمد أحيانا على العصيان المدني، أما فلسفة مالكوم فكانت أكثر اندفاعا وحرارة وكان في أول دعوته قبل انفصاله عن أمة الإسلام يدعو لإستقلال السود عن أمريكا جراء العنصرية التي عانى منها الأمريكي الأسود على مر 3 قرون وكان يرى التغيير بالقوة وسيلة لا بد منها، ويرى أن (السلمية) ضربا من ضروب الحمق، عدل تلك الفلسفة بعد تركه لجماعة أمة الإسلام واعتناقه الإسلام السني فصار يدعو الى التغيير السلمي ولكن أن وجدت أي أعاقة فيجب مقاومتها والاشتباك معها ومنعها.
مالكولم إكس أو الحاج مالك شباز:
ولد في عام 1925 لأب قس أمريكي من أصل أفريقي وكان عضوا في جماعة قومية تدعو إلى عودة الأفارقة إلى أفريقيا، وتم قتله عن طريق دهسه تحت عجلات القطار من قبل جماعة (كوكلوكس كلان)[1] الإرهابية.
ترك مالكوم المدرسة في سن الخامسة عشر، ليصبح ذو علاقة عميقة بعالم الجريمة حتى دخل دوائر المخدرات والدعارة وألقي القبض عليه وهو زعيما لعصابة سرقة منازل ، ظل في السجن مدة قاربت السبع سنوات، وانضم لجماعة أمة الإسلام في السجن بعد مراسلاته مع إخوانه ودعوتهم إياه لإتباع إلايجا محمد زعيم جماعة أمة الإسلام، وفي السجن كون مالكوم إكس ثقافته حيث خرج من السجن بعد انقضاء مدته وبدأ في الدعوة لجماعة أمة الإسلام، وبناء على أوامر من قبل إلايجا محمد قام ببناء فروع للجماعة في كافة أنحاء امريكا ، مما جعله شخصية عامة مهمة.
ظل في جماعة أمة الإسلام ما يقارب 12 عاما حتى نشب خلاف بينه وبين محمد إلايجا نتج عنه خروجه من جماعة أمة الإسلام وأسس منظمته الخاصة، وتحول بعد ذلك للإسلام السني بعد رحلة حجه إلى مكة وعدة بلدان عربية وأفريقية إلى أن جاء يوم 12 فبراير 1965، واغتيل على مسرح في نيويورك وهو يخطب بين الجماهير وأشارت أصابع الإتهام إلى إلايجا محمد وجماعته.
يعد مالكولم إكس رمزا في حياة كل أمريكي أسود لا سيما المسلمين منهم، وقد كتب مالكولم مذكراته التي طبعت في أمريكا ما يقارب أربعين طبعة، وقررت كمادة دراسية في أقسام دراسات الأقلية السوداء بالجامعات، وكانت مصدر إلهام لبعض الرؤساء الأمريكيين مثل باراك أوباما.
مارتن لوثر كينج :
ولد مارتن لوثر كينج في عام 1929 لأب قس أمريكي، عاش لوثر في عائلة من الطبقة الوسطى استطاعت أن تؤمن له حياة كريمة بالرغم من العنصرية السائدة وقتها، أكمل تعليمه الجامعي من كلية مورهاوس بولاية جورجيا حيث مكان نشأته، كان مهتما بفن الخطابة واحتل المراتب الاولى في مسابقات البلاغة السياسية فأستكمل دراسته اللاهوتية وحصل على بكالويوس في علم اللاهوت، وفي عام 1955 ناقش رسالته في الفلسفة بجامعة بوسطن ونال درجة الكتوراه.
حصل في عام 1964 على جائزة نوبل للسلام لنضاله السلمي!، فكان بذلك أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة ،وفي 14 فبراير عام 1968اغتيل مارتن لوثر على يد أحد المتعصبين البيض بينما كان يستعد لقيادة أحدى المسيرات.
بعد قراءة لتاريخ نضال الأمريكان من ذوي الأصول الأفريقية ضد العنصرية ومقاومتها تجد انتقاصا متعمدا من وسائل الإعلام الأمريكية لمالكولم إكس على حساب مارتن لوثر كينج ، وتصدير كينج كأنه كان يناضل بمفرده للحصول على حقوق السود داخل الولايات المتحدة حتى أن كينج له أجازة في الولايات المتحدة باسمه خصيصا!، في حين أن شعبية مالكولم إكس هي الأكثر داخل أوساط الأمريكان السود، وقد نشرت صحيفة "سان فرانسيسكو إكزامينر" في ملحق خاص عن مالكوم إكس بمناسبة ذكرى إغتياله أن (مالكولم إكس حاليا يعد أكثر شعبية عند الجيل الجديد من الإفريقيين الأمريكيين من مارتن لوثر كينغ جونيور. بكل تأكيد لا توجد قبعات تحمل اسم مارتن للبيع. مالكوم إكس لا يزال يشكل أهمية كبيرة للإفريقيين الأمريكيين الفقراء القابعين أسفل المجتمع الأمريكي، لأن مالكوم إكس عاش الظروف نفسها وعبر عن المرارة والإحباط اللذين يعانون منهما حتى الآن، بينما عاش مارتن حياة مرفهة ولم يعان الفقر)[2]، حتى سيرة مالكوم إكس الذاتية التي كتبها الروائي الأسود الشهير إيليكس هيلي[3]، نقلا عن مالكوم إكس نفسه لم تتوقف طباعتها حتى اليوم منذ أول طبعة لها عام 1964والتي ترجمتها الدكتورة ليلى أبو زيد[4] للعربية.
فلماذا تعمد تهميش مالكولم إكس على حساب مارتن لوثر كينج بهذا الشكل؟ ،هذا ما سيناقشه المقال :
يلخص مالكولم إكس ذلك الأمر في آخر حياته بعد تحوله للإسلام السني عندما كان يحضر مؤتمر الزعامة المسيحية الجنوبية في ألاباما وكان بجواره عقيلة مارتن لوثر كينج فمال عليها وهمس لها أنه يحاول أن يساعد وأنه يريد أن يتقدم ببديل قد يسهل على البيض قبول عروض مارتن!" [5]
كان مالكولم إكس كبش الفداء لحركة مارتن لوثر التي تصدرت مشهد النضال لحقوق السود داخل الولايات المتحدة، حيث كان يشكل مالكولم إكس بأفكاره ووسائله البديل السيء للحكومة الأمريكية ، فما وجدت بد إلا الرضوخ لفلسفة كينج السلمية!.
فلسفة مالكولم إكس في المقاومة كانت تختلف عن فلسفة مارتن لوثر في عنصرين رئيسيين (الأفكار، الوسائل) ، بالنسبة لأفكار مارن لوثر فكانت تطالب بإندماج البيض والسود في مجتمع واحد يسوده الحب والسلام، وكان يعتمد على المظاهرات والعصيان المدني والنضال السلمي، وتعتبر خطبته المسماة "لدي حلم" من أشهر الخطب التي ألقاها من حيث المحتوى والحضور الجماهيري. فهذه الخطبة الشهيرة ألقاها في 1963 وحضرها حشد جماهيري من المواطنين البيض والسود المناهضين للتمييز العنصري، والتي نص فيها استمدها من وثيقة الاستقلال التي صاغها توماس غرفسون العام 1776 ومضمونها المساواة بين البشر (All men are created equal)، ومن أشهر ما قاله في تلك الخطبة والتي تعكس أفكاره : " لدي حلم جذوره في الحلم الأميركي، فالحقيقة ظاهرة للعيان بأن جميع الناس خلقوا سواسية"، "إن أبناء العبيد وأبناء مالكي العبيد في سهول جورجيا سيحلون جمعيا على طاولة الأخوة، لدي حلم بأن أبنائي الأربعة سيعيشون مستقبلا في وطن لا يؤسس نظرته لهم على أساس من لون بشرتهم بل على شخوصهم. لدي حلم بأنه في الباما حيث العنصرية البغيضة ستتشابك أيدي البنات والأولاد السود مع أيدي البنات والأولاد البيض كأخوة وأخوات".
فكانت كل أقوال وأفعال مارتن لوثر تستند على السلمية في مواجهة الفصل العنصري وتحقيق الإصلاح الاجتماعي وكان من أقواله : "السلام الحقيقي ليس مجرد غياب التوتر، إنه إحقاق العدالة"، "إن ثمرة اللاعنف هي المصالحة وإيجاد المجتمع الحبيب"، "لا حاجة لأي فرد أو جماعة للخضوع للإساءة، ولا حاجة لأي فرد للجوء إلى العنف من أجل رفع الحيف"، "الكراهية تولد الكراهية - علينا مقابلة الكراهية بالمحبة"، "غايتنا ليست هزيمة الرجل الأبيض أو إذلاله، بل كسب صداقته وتفهمه لحقوقنا".
كان مالكوم إكس رافضا لتلك الأفكار وكان دائما ما يتهكم على أفكار مارتن لوثر ففي مرة من المرات دعا مارتن لوثر كينج الطلاب الأمريكان السود -صغار السن - لمسيرة ضد العنصرية والمطالبة بحقهم مما نتج عنها اعتقالات ورد وحشي من قبل الشرطة الأمريكية ، علق على هذه الحادثة مالكوم اكس معترضا على خروج تلك الفئة بقوله : لا يجوز وضع الأطفال والنساء على طريق الأذى. كينج ليس بطلا، إنه رجل أحمق! ، وكان يرى أن طلب الإندماج هو تسول للحرية ونسيان لماضي الرجل الأبيض في سلب حرية أجيال متعاقبة من الأفارقة ، وكان دائم التهكم على السود طالبي الإندماج ويسميهم بزنوج البيت حيث أنهم يضمنون بقاء مصالحهم ببقاء مصالح سيدهم.
كان مالكوم إكس يحلم بما هو أوسع مما يحلم به مارتن لوثر كينج حيث كان يطمح في تكوين دولة خاصة بالسود داخل الولايات المتحدة متأثرا بأفكار محمد إلايجا زعيم تنظيم أمة الإسلام الذي خدم فيه مالكوم إكس 12 عاما قبل تحوله إلى الإسلام السني، ومن أقوال إلايجا محمد التي كانت تعكس أفكار مالكوم إكس في تلك الفترة : "إن الرجل الأبيض يوشك أن يقضي على كل سواد فينا إلى حد أنه أصبح يشعر بالذنب ويحتقر نفسه من خلال احتقاره لنا ويقول لنا بنص قوانينه .. لننفصل عنه إذا بمقتضى حجته نفسها، حتى لا نفقد بالاندماج ما تبقى لنا من سواد. إنه يتشدق بطيبوبته وكرمه ويمول حتى أعداءه فلماذا لا يعيننا على إقامة دولة منفصلة نحن الذين أسلفنا له عبودية وخدمة مقرونتين بالوفاء؟ لماذا لا يعطينا أرضا تخرجنا من أحيائه الموبوءة وتغنينا عن برامجه الخيرية سيما وهو يشتكي من تكاليفها؟"[6] ، ويكمل توضيح الفكرة مالكوم إكس نفسه فيقول : "كنت كلما تلفظت بكلمة انفصال وجدت أحدهم ينقض علي ليقول إننا نسير على نهج العنصريين والديماغوجيين البيض، فكنت أقول : إننا لا نسير على نهج أحد. إننا نرفض الفصل ونناضل ضده ربما أكثر منك وأن ما نريده هو الانفصال لا الفصل، وإن هناك فرقا بين اللفظتين ، إن الفصل كما يقول السيد محمد إلايجا مفروض على محكوم من حاكم يتصرف في حياته وحريته وينظمها وإن الانفصال على العكس ، اختيار إرادي يتم بالاتفاق بين طرفين متساويين لما فيه مصلحتهما".[7]
وبعد طرد مالكوم إكس من جماعة أمة الإسلام ونشوب الخلاف بينه وبين إلايجا محمد عدل عن التفكير في الانفصال بدولة للسود إلى الإقتناع بحل الإندماج لكن بوسائل أخرى غير التي انتهجها مارتن لوثر مع التفكير في تدويل القضية من خلال تدشين عبر تأسيس منظمة (الوحدة الأفروأمريكية /O.A.A.U. ) التي أيديولوجيتها إعادة البعث الإفريقي، بعد جولة إفريقية قابل فيها العديد من قياداتها، وقد عاد (مالكولم) بأفكار عن عالمية الصراع في سبيل الحرية ضد الإمبريالية الأمريكية، وقال (مالكولم) حينها: "إننا نعيش في حقبة ثورية، وانتفاضة الأمريكان الزنوج هي جزء من الثورة ضد الطغيان والاستعمارية التي تميّز هذه الحقبة، ومن الخطأ أن نصنّف انتفاضتنا على أنها صراع طائفي يخوضه السود ضد البيض، أو مشكلة أمريكية بالكلية؛ إننا نرى اليوم ثورة عالمية يقوم بها المظلومون ضد الظلمة، والمستغََلون ضد المستغِل).
استخدم مارتن لوثر وسائل بخلاف مالكوم إكس كانت تعمد على العصيان المدني والمظاهرات والتأكيد على السلمية وعدم الاشتباك مع عناصر الأمن أو البيض فكان يقول : "علينا أن نقابل القوة الماديّة بالقوة الروحيّة، ويجب علينا أن لا نُسيء إلى إخواننا البيض" ، بينما مالكوم إكس كان يرى غير ذلك بأن الأمر إذا استدعى الاشتباك والمقاومة فيجب حينها الاشتباك حتى يدفع الضرر ومن أشهر أقواله " إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأقطع له يده حتى لا يضرب بها غيرك" ، وفي لقاء تلفزيوني سأل المذيع مالكوم إكس قائلا : كانت هناك دعوات للسود لامتلاك بنادق وتشكيل نوادي لها منذ فترة ، هل ما زلت تؤيد ذلك؟" ، فجاوب مالكوم : " أعتقد إذا وجد البيض أنفسهم ضحية لتلك الوحشية التي يواجهها السود في هذه البلد ورأوا أن الحكومة إما غير راغبة أو غير قادرة على حمايتهم أعتقد أن عقول البيض ستقودهم إلى الحصول على بعض البنادق لحماية أنفسهم ، والسود الآن يعملون على تطوير ذلك النوع من النضج الفكري"، وللعلم أن مالكوم إكس وأتباعه لم يطلقوا رصاصة واحدة طوال طريق نضالهم ولكن الأمر مجرد تلميح بالقابلية للعنف.
بعد استجابة الحكومة الأمريكية لمجهودات المناضلين السود داخل الولايات المتحدة نُسبت أغلب المجهودات لمارتن لوثر كينج ولم يحظى مالكوم إكس بنصيب وافر من الثناء على مجهوداته في سبيل تحرر السود داخل أمريكا ، بالإضافة إلى وصفه بتيار العنف ووصمه بالعنصرية في أغلب مقابلاته التلفزيونية.
بالنظرة من زاوية الحكومة الأمريكية ستعلم أن مالكوم إكس وضعها في موضع المضطر بالقبول بطلبات مارتن لوثر كينج لأنها طموحات وطلبات مالكوم إكس هي أعقد بكثير من مطالب كينج، وأدرك ذلك مالكوم إكس في نهاية حياته بعد تحوله إلى الإسلام السني عندما صارح عقيلة مارتن لوثر فقال : "أنه يحاول أن يساعد وأنه يريد أن يتقدم ببديل قد يسهل على البيض قبول عروض مارتن" ، فالمقارنة للحكومة كانت بين إقامة دولة منفصلة للسود وإنشاء رابطة للأفارقة على مستوى العالم ، وبين طلب واحد بالإندماج والحصول على الحقوق منها الحق في الإنتخاب وعدم الفصل في المرافق العامة! ، بلاشك أنها ستختار البديل السهل لإنهاء القضية وعدم تفاقمها.
كما أن المرجعية الفكرية لمالكوم إكس الإسلامية كانت ستشكل شكلا جديدا للصراع فبدلا من أن يكون الصراع مجرد صراع عرقي بين البيض والسود ، ستتوسع دائرة الصراع ليكون صراع (ديني – عرقي) بين رجل أسود مسلم ورجل أبيض مسيحي) وهذا ما سيدخل الصراع في شكل جديد أعقد بمراحل و أكبر من الصراع القديم لا سيما وأن الإسلام انتشر بين السود على يد مالكوم إكس بصورة كبيرة.
تقلبات مالكوم إكس الفكرية ساعدت مارتن لوثر كينج على إزدياد شعبيته بين الأمريكان السود ، حيث كانت التحولات التي تعرض لها مالكوم إكس في حياته قبل وبعد انضمامه إلى تنظيم أمة الإسلام عنصر سلبي في التأثير على شعبيته، فتارة يدعو إلى الإنفصال بدولة مستقلة للسود ثم يهاجم بعدها بسنوات صاحب المقترح إلايجا محمد ثم يدعو لتشكيل منظمة أفرو أمريكية عالمية ، ثم يتبنى الرأي بالإندماج مع عدم تبنيه للوسائل السلمية ، بينما مارتن لوثر لم يتغير كثيرا في أفكاره ووسائله، وكل هذا أحدث تشتت كبير عند رجل الشارع الأسود الأمريكي مما أثر بالسلب على شعبية مالكوم إكس ، فيقول إليكس هايلي الروائي الذي كتب السيرة الذاتية لمالكوم إكس أن في آخر حياة مالكوم وخاصة مع تقلباته الفكرية كان يقال من رجل الشارع الأسود : "إنه لم يعد يعرف ما يؤمن به فهو لا يكاد يقول شيئا حتى ينتقل إلى غيره".[8]
في الختام ..
ما أود التنبيه إليه في ذلك المقال أن فضل مالكوم إكس على قضية الأمريكان السود لا يقل عن فضل مارتن لوثر ، بل إن مارتن لوثر كينج ما كان لينال نوبل أو يحظى بتلك المكانة إلا بوجود مثل مالكوم إكس في المسار الموازي له ، وأختم بجزء صغير من مقالة في نيويورك تايمز نقلها أليكس هايلي في كتاب السيرة الذاتية لمالكوم إكس تقول : (إن الدكتور لوثر كينج يضمن ولاء الطبقة الزنجية المتوسطة، وان ولاء الطبقة الزنجية الدنيا لا يضمنه إلا مالكوم إكس ، وأن الزنوج يحترمون هذين الرجلين لأنهم يثقون في نزاهتهما ويعرفون أنهما لن يخوناهم أبدا".[9]
[1] منظمة عنصرية، تأسست عام (1866م)، وتؤمن بتفوق العرق الأبيض ومعاداة الأمريكان الأفارقة.
[2] ترجمة حمد العيسى ، جريدة المساء المغربية ، بعنوان (الحكومة الأمريكية تسعى لتهميش مالكولم إكس وتسليط الضوء على مارتن لوثر كينج).
[3] كاتب أمريكي من أصل إفريقي، اشتهر بصياغته سيرة (مالكولم إكس) الذاتية، وفي روايته جذور تتبع بها تاريخ عائلته حتى جذورها الإفريقية.
[4] كاتبة مغربية تقيم في الرباط، ولدت عام (1950م) في القصيبة في جبال الأطلس المتوسط، حاصلة على الإجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها من (جامعة محمد الخامس بالرباط) و(جامعة تكساس بأوستين).
[5] (مالكوم إكس – سيرة ذاتية) ص428، للمؤلف (أيلكس هايلي)، ترجمة الدكتورة (ليلى أبو زيد)، دار بيسان للنشر، الطبعة الثالثة .
[6] (مالكوم إكس – سيرة ذاتية) ص248، للمؤلف (أيلكس هايلي)، ترجمة الدكتورة (ليلى أبو زيد)، دار بيسان للنشر، الطبعة الثالثة .
[7] (مالكوم إكس – سيرة ذاتية) ص239، للمؤلف (أيلكس هايلي)، ترجمة الدكتورة (ليلى أبو زيد)، دار بيسان للنشر، الطبعة الثالثة .
[8] (مالكوم إكس – سيرة ذاتية) ص420، للمؤلف (أيلكس هايلي)، ترجمة الدكتورة (ليلى أبو زيد)، دار بيسان للنشر، الطبعة الثالثة .
[9] مالكوم إكس – سيرة ذاتية) ص418، للمؤلف (أيلكس هايلي)، ترجمة الدكتورة (ليلى أبو زيد)، دار بيسان للنشر، الطبعة الثالثة .
- التصنيف: