فُرَصٌ في ثِيابِ مِحَن!

منذ 6 ساعات

تكالُبُ الأعداءِ علينا ليس شقاءً خالصًا، ولا يأسًا مُطبقًا، بل هو منحةٌ في طيِّ مِحنة، ومَوقظةٌ من غفلةٍ طال أمدُها، وجرسُ إنذارٍ لقلوبٍ أوشكت أن تموت في دعة الهوى، وبحار الغفلة.

تكالُبُ الأعداءِ علينا ليس شقاءً خالصًا، ولا يأسًا مُطبقًا، بل هو منحةٌ في طيِّ مِحنة، ومَوقظةٌ من غفلةٍ طال أمدُها، وجرسُ إنذارٍ لقلوبٍ أوشكت أن تموت في دعة الهوى، وبحار الغفلة.

إنه نداءٌ من الله للرجعة إليه، وفرصةٌ ثمينةٌ لمحاسبةِ أنفسنا، ومراجعةِ سلوكنا، وتوبتِنا من ذنوبنا، والفرارِ إلى ربنا، والانطراحِ على أعتاب رحمته، والتعلُّقِ بحبله دون سواه.
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50].
فلا ناصرَ إلا هو، ولا معزَّ سواه، ولا فرجَ إلا من عنده، ولا نصرَ إلا بتوفيقه.

وتكالُبُ الأعداء علينا فرصةٌ لتوحيد الكلمة، ولمِّ الصفوف، ورأبِ الصدع، وتجاوزِ الخلافات، والتجمُّعِ على أصلِ الدين: "لا إله إلا الله"، والاعتصامِ بحبل الله المتين.
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]،
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4].

وهو أيضًا بذرةُ وعيٍ جديد، نُبصرُ بها مواقعَ الخلل، ومنافذَ الضعف، ومواضعَ التقصير، فنُراجع التخطيط، ونُعيد ترتيب الأولويات، ونفرز الأصدقاء من الأعداء، ونكشف الخونة في الصفوف، ونأخذ بكامل أسباب القوة التي أمرنا الله بها:
{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60].

ورغم الألم، فإن في طيّات هذا البلاء أملًا متجدِّدًا، ونورًا في آخر النفق، ونهضةً بعد كبوة، وانطلاقةً نحو النصر من قلب الانكسار، واستمدادًا للقوة من لحظات الضعف.
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216].

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة"،
فما أحوجنا اليوم إلى صدق التوبة، وصفاء القلب، وتجديد العهد مع الله، بقلوبٍ وجلة، وألسنةٍ ذاكرة، وجباهٍ ساجدة، ونفوسٍ مُنيبة.

فيا أُخوة الإسلام، لا يأس ولا قنوط، وإياكم أن تحزنوا من تكالُب الأعداء، فإنه فرصةٌ لإعادة البناء، ومحطّةُ تصحيحٍ وإصلاح، ومنعطفٌ للعودة إلى القرآن والسنة، وجمعُ الصفوف على منهج النبوة، وتوحيدِ المسار في زمن الاضطراب.

فالعاقبةُ للمتقين، والنصرُ مع الصبر، والفرجُ مع الكرب، وإن مع العُسر يُسرًا، وإن بعد الشدّة رخاء، وما النصرُ إلا من عند الله.

والله الهادي.

  • 1
  • 0
  • 57

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً