جيوش الليل
أنفق الوزير نظام الملك الطوسي السلجوقي أموالًا عظيمة على المدارس العلمية للعلماء وطلاب العلم، والرباطات للزهاد والفقراء، وأجرى الأرزاق على العلماء والعباد، فأوغر الوشاة صدر السلطان أبي الفتح ملكشاه السلجوقي عليه، وقالوا له: إنَّ هذه الأموال تُصرف فيما لا ينفع السلطان، ولا يقيم له جيشًا ولا دولة!
فعاتب السلطانُ وزيرَه نظامَ الملك في ذلك، وكان الملكُ حينها صغيرَ السن، وكان وزيره هو وزير والده قبله، وبمنزلة الموجِّه والمعلِّم له، فكان مما أجاب الوزير:
«جيوشك الذين تعدُّهم للنوائب إذا احتشدوا كافحوا عنك بسيوف طولها ذراعان، وقوس لا ينتهي مدى مرماه ثلاثمائة ذراع، وهم مع ذلك مستغرقون في المعاصي والخمور والملاهي والمزمار والطنبور.
وأنا أقمت لك جيشًا يسمى "جيش الليل"؛ إذا نامتْ جيوشُك ليلًا قامتْ "جيوشُ الليل" على أقدامهم صفوفًا بين يدي ربِّهم، فأرسلوا دموعهم، وأطلقوا بالدعاء ألسنتهم، ومدُّوا إلى الله أكفهم بالدعاء لك ولجيوشك، فأنت وجيوشك في خفارتهم [ حراستهم] تعيشون، وبدعائهم تثبتون، وببركتهم تمطرون وترزقون. تخرق سهامهم إلى السماء السابعة بالدعاء والتضرع.
فبكى أبو الفتح الملك بكاءً شديدًا، ثم قال: يا أبتِ شاباش! يا أبتِ شاباش! [أي: أحسنت أحسنت، بالفارسية]، أكثر لي من هذا الجيش!». سراج الملوك للطرطوشي (١/ ١٢٨).
_________________________________________
الكاتب: فيصل بن تركي
- التصنيف: