الخلاصة في حكم الاستمناء
ولا شك أن الاستمناء ليس من مكارم الأخلاق، ولا من فضائل العادات، ولا من أخلاق الصالحين، وأكثر العلماء على تحريمه
الاستمناء تعمد إخراج المني، ويسمى العادة السرية، وأكثر العلماء أنه حرام من صغائر الذنوب، ويستدلون على تحريمه بقوله تعالى: {{والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}} ، يُنظر: المحرر الوجيز لابن عطية (4/ 136)، تفسير ابن كثير (5/ 463)، إتحاف السادة المتقين الزبيدي (5/ 307)، أضواء البيان للشنقيطي (5/ 316، 317)، الموسوعة الفقهية الكويتية (4/ 97 - 99) و (45/ 272 - 274).
وبعض علماء التابعين أجاز الاستمناء مطلقًا كالحسن البصري وعمرو بن دينار ومجاهد، ورجحه الشوكاني في رسالته بلوغ المنى في حكم الاستمناء، وبعضهم كرهه كعطاء بن أبي رباح، ورجحه ابن حزم، وقال في كتابه المحلى بالآثار (12/ 407): "الكراهة صحيحة عن عطاء، والإباحة المطلقة صحيحة عن الحسن، وعن عمرو بن دينار، وعن مجاهد". ويُنظر: مصنف عبد الرزاق الصنعاني (7/ 390، 391).
وممن رجح قول الجمهور: ابن العربي المالكي، قال في كتابه أحكام القرآن (3/ 315): "عامة العلماء على تحريمه، وهو الحق الذي لا ينبغي أن يُدانَ اللهُ إلا به، وهي معصيةٌ أحدثها الشيطان، وأجراها بين الناس، وهو عار بالرجل الدنيء، فكيف بالرجل الكبير؟!".
وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (10/ 574): "الاستمناء لا يباح عند أكثر العلماء سلفًا وخلفًا سواء خشي العَنَت أو لم يخش ذلك، وكلام ابن عباس وما روي عن أحمد فيه إنما هو لمن خشي العَنَت، وهو الزنا واللواط خشية شديدة، فأبيح له ذلك لتكسير شدة شهوته، وأما من فعل ذلك تلذذًا أو عادة فهو محرم لا يقول به أحمد ولا غيره، والصبر عن هذا من الواجبات لا من المستحبات" انتهى باختصار.
وقال ابن القيم في بدائع الفوائد (4/ 96): "إذا قدَرَ الرجل على التزوج حرُم عليه الاستمناء بيده، قال ابن عَقيل: والحنابلة لم يذكروا سوى الكراهة لم يطلقوا التحريم، وإن كان مغلوبًا على شهوته يخاف العَنَت كالأسير والمسافر والفقير جاز له ذلك نص عليه أحمد رضي الله عنه" انتهى باختصار وتصرف يسير.
وقال ابن عابدين في حاشيته المشهورة في الفقه الحنفي (4/ 27): "الاستمناء حرام إذا كان لاستجلاب الشهوة، أما إذا غلبته الشهوة وليس له زوجة ولا أمَة ففعل ذلك لتسكينها فالرجاء أنه لا وبال عليه". انتهى باختصار. ويُنظر: تبيين الحقائق للزيلعي (1/ 323)، البناية شرح الهداية للعيني (4/ 39، 40).
وأجمع العلماء على جواز استمناء الرجل ببَدنِ زوجته سواء كانت حائض أو غير حائض، نقل إجماعهم ابن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء (ص: 303، 304).
ولا شك أن الاستمناء ليس من مكارم الأخلاق، ولا من فضائل العادات، ولا من أخلاق الصالحين، وأكثر العلماء على تحريمه، وأقل أحواله أنه مكروه كراهة شديدة، وإن أجازه بعض العلماء للحاجة لتسكين شدة الشهوة لمن لم تكن له زوجة فلا يجيز العلماء أن يُثير الإنسان شهوته بالنظر الحرام والعبث بذكره ونحو ذلك، وترك الاستمناء من العفاف، قال الله تعالى: { {ولْيَسْتَعْفِف الذين لا يجدون نِكاحًا حتى يُغنيهم اللهُ من فضله} }، والنبي عليه الصلاة والسلام أرشد من لم يستطع الزواج بالإكثار من الصوم لتخفيف الشهوة، ولم يرشد إلى الاستمناء، والأطباء يذكرون أن الاستمناء فيه مضارٌ كثيرة صحية ونفسية، فعلى العاقل أن يبتعد عنه، ويُشْغِل نفسه بما ينفعه في دينه ودنياه، والله أعلم.
- التصنيف: