هَمَسات .. في كلمات ... (38)

منذ 6 ساعات

(هَمَسات .. في كلمات) في نسختها الـ (38) بفضل الله وعونه


تعوَّد الكثير من الناس أن يستقبل يومه الجديد بأمور لعل أبرزها ما يسمى بقهوة الصباح، لكن ما أجمل أن يبدأ المسلم يومه بعد أن تعود إليه روحه؟ وذلك بعد الاستيقاظ من نومه والابحار في مشوار يومه، إن أجمل وأروع بداية هي ذكر الله بعد استيقاظه، ثم الوضوء وصلاة الفجر في جماعة وقبلها ركعتين خير من الدنيا وما فيها ، ثم يلهج بما بشيء من أذكار الصباح وقراءة ما تيسر من القرآن، بعد ذلك يأخذ بطرف من العلم، إما قراءةً أو حفظًا أو استماعًا فإن هذا الوقت وقت صفاء وانشراح، ولا يغفل بعد ذلك أن يصلي ركعتين الضحى ثم يسبح في لُجَجِ يومه ويغوص في أعماله، ويترك النوم بعد صلاة الفجر، فإن البكور وقت مبارك وفيه قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:(اللَّهمَّ بارِكْ لأمَّتي في بُكورِها) أما إذا كان له حظ من الصلاة ثلث الليل الآخر فهذه جنة الدنيا وجمع بين الحسنيين.

..********

«(طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ ، وإِنَّ طالبَ العلمِ يستغفِرُ له كلُّ شيءٍ ، حتى الحيتانِ في البحرِ[1])» (و مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) والنصوص في فضل العلم وأهله وعظيم فائدته في دنيا العبد وآخرته كثيرة، وفي زماننا بقدر ما سهل اقتراف الآثام، تيسر أيضًا المسارعة للخيرات وسلوك طريق الجنان، ومن ذلك سهولة طلب العلم عن طريق السماع، فبفضل الله ومنته تتوفر مئات الآلاف من الساعات الصوتية للدروس والخطب والفتاوى والمحاضرات والدورات والكتب المسموعة النافعة فضلًا عن الإذاعات النافعة، فهناك دروس التفسير والحديث والسيرة والعقيدة وغيرها، فما على المسلم أو المسلمة إلا أن يسمع أثناء قيادته للسيارة مثلا، والمرأة في حاجة بيتها ومطبخها، والعامل في مكان عمله، فإن كثير من الأعمال يستطيع المسلم أن يجمع فيها بين عمله وسماعه للخير والعلم الشرعي، فكم من ساعات أهدرت في القيل والقال لو صرفت في سماع العلم النافع لكان لصاحبها شأن آخر بمرور الأيام والأعوام، بل إن المرء يستطيع أن يستمع للعلم أثناء راحته واسترخائه، فالحمد لله الذي وهبنا أسباب مرضاته والموفق من وفقه الله تعالى.

.********

ما أكثر ما قيل عن السعادة وكتب عنها، وكل عاقل ينشدها، ولكن ليس كلهم حصلها، بل أكثرهم ضل سبيلها، وعمِيَ عنها، ولذا فإن المنتحرون سنويًا بالآلاف وفيهم الأغنياء بل والأثرياء، والسؤال ما هي طريق السعادة وأين باب ولوجها، أما جواب السؤال فسعادتنا قد بينها لنا خالقنا وهو أعلم وأرحم بنا من أنفسنا، السعادة باختصار في تعلق العبد بخالقه حُبًا وخوفًا ورجاءً، السعادة في بذل المعروف مهما صغر للمخلوقين ابتغاء وجه الخالق سبحانه، السعادة في جعل الدنيا مطية وقنطرة إلى جنة عرضها السموات والأرض {(وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)} ، إذن اجتهد في عبادة الخالق واسْعَ في نفع المخلوقين ولو بابتسامة مشرقة، أو كلمة طيبة، وأعظم نفع للخلق هو نشر العلم الشرعي والدعوة إلى الله تعالى لإخراج الناس من ظلمات الكفر والمعصية إلى جنة الإيمان والطاعة.

********

« بَدَأَ الإسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كما بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» [2]هكذا جاء عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، وإن من أبرز مظاهر الغربة في هذا الزمان، تنحية الحكم بالشريعة الإسلامية وربما محاربة تطبيقها، ومن شدة غربة هذا الأمر تجد أن كثير من جهلة المسلمين والمخدوعين بالمناهج الوضعية كالديمقراطية يقول بكل صراحة إنه يريد دولة مدنية ولا يهمه تطبيق الشريعة الإسلامية، ظنا منه أن تطبيق الشريعة خيار من ضمن الخيارات المطروحة لطريقة الحكم، وما درى هذا الجاهل ومن خدعه أنه لا توجد مقارنة أصلا بين شريعة هي وحي إلاهي ونور رباني وعدل مطلق، ومناهج وضعية وضيعة كالديمقراطية التي هي في الحقيقة عبادة للأموال والشهوات والأهواء، كما أن تطبيق الشريعة الإسلامية يشمل سعادة الدارين الآخرة والأولى، بينما كهنة المناهج الوضعية لا تقيم للآخرة وزن هذا إن كانوا يؤمنون بها أصلًا {(ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)} .

..********

(فمي بشوق) إن لم تفهم مغزى هذه العبارة فلعلك لست حافظًا للقرآن أو لست ممن يكثر من ختم القرآن، لو سألنا عن حالنا مع تلاوة القرآن فكثير من المسلمين لا يختم القرآن أبدًا ولو مرة في العام، وبعضهم من رمضان إلى رمضان، وصنف لا بأس به يختم كل شهر أو شهرين، وقلَّ من يسلك طريق السلف وهي ختمة كل أسبوع، وهؤلاء يستخدمون طريقة (فمي بشوق) حيث البداية بالفاتحة، واليوم الذي يليه يبدأ بـ المائدة وبعده يونس، وفي اليوم الرابع البداية بـ الإسراء ثم الشعراء فالصافات أما آخر يوم فمن سورة ق إلى الناس، فأي حياة يعيشها ذلك العبد الذي يختم كل أسبوع في غير رمضان، وأي أجور عظيمة حصلها،  اللهم اجعلنا من يتلوا كتابك آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنه.

[email protected]

 

 

[1] صحيح الجامع (3914)

[2] رواه مسلم (145)

  • 0
  • 0
  • 58

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً