من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي الله عنهم

منذ 8 ساعات

فضائل الصحابة رضي الله عنهم,  من المواضيع التي بحثها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه, وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره, أسأل الله  الكريم أن ينفع بها الجميع.

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد: ففضائل الصحابة رضي الله عنهم,  من المواضيع التي بحثها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه, وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره, أسأل الله  الكريم أن ينفع بها الجميع.                 

[الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة]

  • الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمة على الأطلاق:

كان الصحابة أعلم الأمة على الإطلاق، وبينهم وبين مَن بعدهم في العلم واليقين كما بينهم وبينهم في الفضل والدين، ولهذا كان ما فهمه الصحابة من القرآن أولى أن يُصار إليه مما فهمه من بعدهم، فانضاف حسن قصدهم إلى حسن فهمهم، فلم يختلفوا في التأويل في باب معرفة الله وصفاته وأسمائه وأفعاله واليوم الآخر، ولا يُحفظ عنهم في ذلك خلاف لا مشهور ولا شاذ. فكانت نصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلَّ في صدورهم وأعظم في قلوبهم من أن يعارضوها بقول أحد من الناس كائنًا من كان، ولا يثبت قدم الإيمان إلا على ذلك.

                           [طريق الهجرتين وباب السعادتين]

  • أغنياء الصحابة بريئون من رؤية الملكة لنفوسهم:

أغنياءُ الصحابة...بريئون من رؤية الملكة لنفوسهم, فلا يرون لها ملكاً حقيقياً, بل يرون ما في أيديهم لله عاريةً ووديعةً في أيديهم, ابتلاهم به لينظر هل يتصرفون فيه تصرف العبيد أو تصرف الملاك الذين يعطون لهواهم ويمنعون لهواهم.

 

                      [الكلام على مسألة السماع]

  • أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبة استماع القرآن:

كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم, إذا اجتمعوا واشتاقوا إلى حادٍ يحدُو بهم ليطيب لهم السيرُ, ومُحركٍ يحرك قلوبهم إلى محبوبهم, أمروا واحداً منهم يقرأ والباقون يستمعون, فتطمئن قلوبهم, وتفيض عيونهم, يجدون من حلاوة الإيمان أضعاف ما يجده السماعاتيه من حلاوة السماع, وكان عمر بن الخطاب إذا جلس عنده أبو موسى يقول: يا أبا موسى ذكِّرنا ربنا, فيأخذ أبو موسى في القراءة, وتعمل تلك الأقوال في قلوب القوم عملها, وكان عثمان بن عفان يقول: لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله. و إي والله! كيف تشبع من كلام محبوبهم وفيه نهاية مطلوبهم؟ وكيف تشبع من القرآن وإنما فتحت به لا بالغناء والألحان ؟

                        [أعلام الموقعين عن رب العالمين]

  • صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عِصابة الإيمان وعسكر القرآن:

عِصابة الإيمان، وعسكر القرآن، وجند الرحمن، أولئك أصحابه صلى الله عليه وسلم، أبرُّ الأمة قلوبًا, وأعمقها علمًا, وأقلها تكلفًا, وأحسنها بيانًا, وأصدقها إيمانًا, وأعمُّها نصيحةً وأقربها إلى الله وسيلةً حازوا قصبات السباق، واستولوا على الأمد فلا مطمع لأحد من الأمة بعدهم في اللحاق، ولكن المبرز من اتَّبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهاجهم القويم، والمتخلف من عدل عن طريقهم ذات اليمين وذات الشمال، فذلك المنقطع التائه في بيداء المهالك والضلال. فأيُّ خصلةِ خيرٍ لم يسبقوا إليها؟ وأيُّ خُطةِ رشدٍ لم يستولوا عليها؟ تالله لقد، وطَّدوا قواعد الإسلام، فلم يدعوا لأحد بعدهم مقالًا، فتحوا القلوب بالقرآن والإيمان، والقرى بالجهاد بالسيف والسنان، وألقوا إلى التابعين ما تلقوه من مشكاة النبوة خالصًا صافيًا.

                                [الداء والدواء]

  • الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين العمل والخوف

من تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف, ونحن جمعنا بين التقصير – بل التفريط- والأمن.

فهذا الصديق كان يمسك بلسانه ويقول: هذا أوردني الموارد.

وكان يبكي كثيراَ, ويقول: ابكوا, فإن لم تبكوا فتباكوا.

وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور حتى بلغ {﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَٰقِعٞ﴾ } [الطور:7]  فبكى واشتد بكاؤه, حتى مرض وعادوه.

وكان في وجهه رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء.

وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا وقف على القبر يبكي حتى يبل لحيته.

وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه...ان يشتد خوفه من اثنتين طول الأمل واتباع الهوى, قال: فأما طول الأمل فينسي الآخرة, وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق.

وهذا أبو الدرداء كان يقول: إن أشد ما أخاف على نفسي يوم القيامة أن يقال لي: يا أبا الدرداء قد علمت, فكيف عملت فيما علمت ؟

وكان عبدالله بن عباس أسفل عينيه مثل الشرك البالي من الدموع. 

وكان أبو ذر يقول: يا ليتني كنت شجرة تعضد, ووددت أي لم أخلق.

وقرأ تميم الداري ليلة سورة الجاثية, فلما أتى على هذه الآية: {﴿ أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾  } [ الجاثية: 21] جعل يرددها ويبكى حتى أصبح.

وهذا باب يطول تتبعه.

 

                              [زاد المعاد إلى هدى خير العباد]

  • عادة الصحابة سجود الشكر عند النعم المتجددة والنقم المندفعة:

وفي سجود كعب حين سمع صوت المبشِّر دليل ظاهر أن تلك كانت عادة الصحابة, وهي سجود الشكر عند النعم المتجددة, والنقم المندفعة, وقد سجد أبو بكر الصديق لما جاءه قتل مسلمة الكذاب, وسجد علي بن أبي طالب لما وجد ذا الثُّديَّة مقتولاً في الخوارج, وسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بشره جبريلُ أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشراً, وسجد حين شفع لأمته, فشفعه الله فيهم ثلاث مرات, وأتاه بشير فبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة, فقام فخرَّ ساجداً, وقال أبو بكرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسُرُّه خرَّ لله ساجداً, وهي آثار صحيحة لا مطعن فيها.

                                 [الفروسية المحمدية]

  • شجاعة الصديق رضي الله عنه:

كثير من الناس تشتبه عليه الشجاعة بالقوة، وهما متغايران، فإن الشجاعة هي: ثبات القلب عند النوازل، وإن كان ضعيف البطش.

وكان الصديق رضي الله عنه أشجع الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر وغيره أقوى منه، ولو لم يكن له إلا ثبات قلبه يوم الغار وليلته، وثبات قلبه يوم بدر، وثبات قلبه يوم أحد، وثبات قلبه يوم الخندق، وثبت قلبه يوم الحديبية، وقد قلق فارس الإسلام عمر بن الخطاب، حتى إن الصديق ليثبته ويُسكنه ويُطمئنه.

وثبات قلبه حين النازلة التي اهتزت لها الدنيا أجمع، وأنكرت الصحابة بها قلوبهم، كيف وقد فقدوا رسولهم من بين أظهرهم وحبيبهم.

                   [مدارج السالكين في منازل السائرين]

  • جود أبي ضمضم رضي الله عنه بعرضه:

الجود بالعرض, كجود أبي ضمضم من الصحابة, رضي الله عنه, كان إذا أصبح قال: اللهم إنه لا مال لي فأتصدق به الناس, وقد تصدقت عليهم بعرضي, فمن شتمني أو قذفني فهم في حلٍّ, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم )) وفي هذا الجود من سلامة الصدر, وراحة القلب, والتخلص من معاداة الخلق.

كان الصديق رضي الله عنه أعظم الأمة فراسةً, وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ووقائع فراسته مشهورة, فإنه ما قال لشيءٍ " أظنه كذا " إلا كان كما قال.

وكذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه كان صادق الفراسة.

وفراسة الصحابة رضي الله عنهم أصدق الفراسة.

           كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 

 

  • 0
  • 0
  • 45

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً