كلمات في محبة الله تعالى
كل ما تحب من أمور الدنيا والآخرة لابد أن له في قلبك مكان، ويتسع هذا المكان في القلب وتزداد رقعته على قدر المحبوب، وكلما كان المحبوب أكبر أثراً في حياتك كلما كانت مساحة المحبة أكبر في قلبك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
كل ما تحب من أمور الدنيا والآخرة لابد أن له في قلبك مكان، ويتسع هذا المكان في القلب وتزداد رقعته على قدر المحبوب، وكلما كان المحبوب أكبر أثراً في حياتك كلما كانت مساحة المحبة أكبر في قلبك.
قال الإمام ابن القيم في «الداء والدواء»: كمال اللذة والفرح والسرور، ونعيم القلب وابتهاج الروح، تابع لأمرين:
أحدهما: كمال المحبوب في نفسه وجماله، وأنه أولى بإيثار المحبة من كل ما سواه.
والأمر الثاني: كمال محبته، واستفراغ الوسع في حبه، وإيثار قربه والوصول إليه على كل شيء.
وكل عاقل يعلم أن اللذة بحصول المحبوب بحسب قوة محبته، فكلما كانت المحبة أقوى، كانت لذة المحب أكمل ...
إذا عرف هذا، فأعظم نعيم الآخرة ولذاتها: هو النظر إلى وجه الرب -جل جلاله- وسماع كلامه منه، والقرب منه، كما ثبت في الصحيح في حديث الرؤية: «فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه»، وفي حديث آخر: «إنه إذا تجلى لهم ورأوه؛ نسوا ما هم فيه من النعيم»، وفي النسائي ومسند الإمام أحمد عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: « «وأسألك اللهم لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك» » .. . اهـ.
وقال في «مدارج السالكين»: الجنة ليست اسما لمجرد الأشجار والفواكه، والطعام والشراب، والحور العين، والأنهار والقصور. وأكثر الناس يغلطون في مسمى الجنة. فإن الجنة اسم لدار النعيم المطلق الكامل.
ومن أعظم نعيم الجنة التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، وقرة العين بالقرب منه وبرضوانه. فلا نسبة للذة ما فيها من المأكول والمشروب والملبوس والصور، إلى هذه اللذة أبدا. فأيسر يسير من رضوانه، أكبر من الجنان وما فيها من ذلك. كما قال تعالى: {{ورضوان من الله أكبر}} . وأتى به منكرا في سياق الإثبات؛ أي: أي شيء كان من رضاه عن عبده: فهو أكبر من الجنة ... ولا ريب أن الأمر هكذا. وهو أجل مما يخطر بالبال، أو يدور في الخيال. ولا سيما عند فوز المحبين هناك بمعية المحب ... فأي نعيم، وأي لذة، وأي قرة عين، وأي فوز يداني نعيم تلك المعية ولذتها، وقرة العين بها؟ وهل فوق نعيم قرة العين بمعية المحبوب، الذي لا شيء أجل منه، ولا أكمل ولا أجمل: قرة عين البتة؟ وهذا -والله- هو العلم الذي شمر إليه المحبون، واللواء الذي أمه العارفون. وهو روح مسمى الجنة وحياتها. وبه طابت الجنة، وعليه قامت. اهـ.
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: