نصيحة مهمة من الجاحظ لطلاب العلم في قراءة كتب الأدب

منذ 4 ساعات

لا تلتمس الفروع إلا بعد إحكام الأصول، ولا تنظر في الطُّرَف والغرائب، وتؤثر رواية المُلح والنَّّوادر، وكلَّّ ما خفَّ على قلوب الفُرَّاغ، وراق أسماع الأغمار، إلا بعد إقامة العمود.

قال الجاحظ رحمه الله وعفا عنه:

لا تلتمس الفروع إلا بعد إحكام الأصول، ولا تنظر في الطُّرَف والغرائب، وتؤثر رواية المُلح والنَّّوادر، وكلَّّ ما خفَّ على قلوب الفُرَّاغ، وراق أسماع الأغمار، إلا بعد إقامة العمود.

ذكره في أول كتابه البرصان والعرجان والعميان والحولان (ص: 29).

وهذا الكتاب الغريب يقع في نحو ستمائة صفحة، تكلم فيه الجاحظ عن ذوي العاهات من أشراف العرب ومشاهيرهم، وقرر فيه أن جماعة منهم كانوا يبلغون مع العاهات ما لا يبلغه الأصحاء، وعُني فيه بجمع ما قاله أصحاب تلك العاهات من الشعر في تغلبهم على عاهاتهم، وأتعب نفسه في البحث عما تفرق من هذا الأدب النادر.

وعلم الأدب فيه الـمُلَح والطرائف، ويحسن بطالب العلم أن يأخذ حظًا وافرًا منه، فقد قيل: من أدب الطلب طلب الأدب، لكن لا ينبغي للطالب المبتدئ أن يشغل نفسه به قبل إحكام أصول العلوم من القرآن الكريم والسنة النبوية، وما يجب عليه معرفته من الفقه في الدين والعقيدة الصحيحة، وإذا أخذ الطالب المبتدئ من كتب الأدب نُبذًا كالملح في الطعام استفاد، وإذا غلب عليه القراءة في كتب الأدب من غير إقبال على العلم النافع فقد أساء في تقديم ما حقه التأخير، ومثله مثل من أتى مائدة فيها أنواع الأطعمة الطيبة، فاقتصر على تذوق الملح والبهارات، وترك الطعام اللذيذ، والفواكه المتنوعة، وأما طالب العلم المتوسط أو المنتهي فإذا أكثر من القراءة في كتب الأدب فهو خير له، مع الاستمرار في العناية بأصول العلم، والله الموفق.

محمد بن علي بن جميل المطري

دكتوراه في الدراسات الإسلامية وإمام وخطيب في صنعاء اليمن

  • 0
  • 0
  • 34

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً