تأثير المجتمع على التربية

منذ 6 ساعات

الحكيم يقيس الأمور بواقعية، فيحرص على كمال أولاده حسب الواقع، والظروف، فينظر إلى نماذج واقعية متميزة، ويسعى للوصول لهم، أو الاقتراب منهم قدر استطاعته.

قرأتُ -قديمًا- فـي أحد كُتب التربية، (أنك لا تستطيع أن تربي تربية كاملة فـي مجتمع غير كامل) أو نحوها..
وهذه القاعدة جميـلة ومفيدة فـي التربية، فبعض الآباء والأمهات، يسعون للكمال في التربية، والكمال عندهم عقلي؛ يعني: ما يرسمه لهم العقل؛ والعقل يستطيع أن يرسم صورًا، وحياة كاملة لا خلل فيها، ولكنها غير موجودة في الواقع، ولا يُمكن تحقيقها.

هذا الصنف من الأولياء يتعبون كثيرًا، ويُتعبون أولادهم، وفي النهاية يفشلون فشلًا ذريعًا، ثم يستسلمون ولا يحققون الكمال الذي في عقولهم، ولا الكمال الواقعي.

والحكيم يقيس الأمور بواقعية، فيحرص على كمال أولاده حسب الواقع، والظروف، فينظر إلى نماذج واقعية متميزة، ويسعى للوصول لهم، أو الاقتراب منهم قدر استطاعته.

وهذه القاعدة مفيدة للأزواج، فبعض الأزواج يقرأ في السير والتاريخ، ويريد أن تكون زوجه كالصحابيات، فيتعب زوجه ويتعب معها، وعليه أن ينظر إلى واقعه، ويسعى للكمال الواقعي، فزوجه مقارنة بنساء هذا الزمن تعد متميزة، وكاملة أو قريبة من الكمال..

وكذلك تنفع طالب العلم، فلا يقارن زمنه بزمن السلف، ولينظر إلى واقعه، ويفهمه، ولا يعتزل، ويفرط في واقعه، فيُهلك نفسه، ولا ينفع مجتمعه، ولن يكون كعلماء السلف، فالحياة في زمننا تغيرت تمامًا، وليست كحياة السلف في بساطتها، وهدوئها..

والقاعدة هذه مفيدة ومريحة في أمور كثيرة، فلا يظل الإنسان يطارد كمالات ذهنه، فيَشقى، ويُشقي، ولا تعني أيضًا الاستسلام بالدون، وفتور الهمة، وترك التربية، بل المعنى أن تنظر إلى زمنك وواقعك وما يمكن تحقيقه، وتسعى للكمال الواقعي، وتستعين بالله، وتطلبه الهداية والسداد..

_____________________________________
الكاتب: أ. د. مرضي بن مشوح العنزي

  • 1
  • 0
  • 62

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً